الفصل العاشر

854 15 6
                                    

على سرير غرفتها البيضاء .. بـ فستانها الأبيض الناعم تجلس على طرفِه .. وبشعرِها الأسود المُنسدِل على ظهرِها النحيل .. وقفت بفرح وعينان ضاحِكه وهي تستقبِل من تسمع صوت خطواته قادِم .. دخل والدها بملامح ذابله .. يمشي بخطوات ثقيله وهو يحمِل بيّن يديه بشت اسود .. وقفت متردده وهي تُحاول ان تفهم سبب هذه الملامح الحزينه .. إقترب والدها اكثر ومد يده وهو يُعطيها البشت .. وقال بحزنً شديد : سند عطاتس عمره يابنيتي ..
لم تمد يدها وتأخذ البشت .. بل ضّلت واقِفه تستوعِب ما سمِعت .. وبلحظه سريعه شهقت بقوه ورفعت كفها وهي تضعه على فكِها الراجِف .. إقترب والدها و وضع البشت بيدها وخرج .. حملت البشت وسقطت جاثيه تبكي بحرقه بعد ان نثر البشت الكثير من الدم وبلل يدها الناعِمه وطمس لون فستانها الأبيض بإحمرار دمه ..
وقفت ساره بخوف وهي تلحظ تغيّر وجهه إلهام النائمه وبكائها .. قربت إذنها مُحاولةً فِهم ما تنطق بِه شفتاها .. فكان إسم .. تبكي وهي تردد اسم سند .. خرجت ساره ونادت الطبيب بخوف .. اقبل بعجل ورأها ورأى انسياب دموعها وهي مُغمِضه عيّناها .. إقترب وبدأ يناديها بإسمها بشكِلاً مُكرر .. ومدت ساره يدها وهي تضرب بخِفه خدها .. فتحت إلهام عيّنها المُمتلِئه .. وقالت ساره بفرح وهي ترى إستيقاظ صغيرتها : بسم الله عليتس يا بنيتي ! ..
قالت إلهام ببكاء : يمه سند عطاني عمره ..
خافت ساره من حديث إلهام وقالت : بسم الله عليه يابنتي لا تتفاولين !..
إلهام وهي لاتزال تبكي : ابوي قاله يمه ..
لفت ساره على الطبيب وقالت بخوف: بنتي علامها يا دكتور ! ..
الطبيب : حالتها طبيعيه ، المريضه تعاني صدمه ولعلها شافت كابوس من شي تخافه ..
ثم خرج وتركهم .. لفت ساره على إبنتها وهي تمسِك كفها : يابنيتي هذا كابوس ، تطمني وسند بخير ، لا تنادين الشر ..
دخل خالد بعجل والذي من الواضح عليه انه اسرع فور ان علِم عن حالة إبنته .. اقبل عليها بخوف وهو يرى بُكائها .. امسك كفها وسحبها وهو يُعانِقها .. اشارت له ساره بأنها قد تكون عادت لحالتها السابقه .. قال خالد وهو يشد على عِناقها لـ يُطمأنها : كل شي بخير يا عين ابوتس ، كفي دموعتس لشوفته !..
إلهام وهي تزداد بكاء بحضن والدها : يبه مااعاد اقدر ، قلبي يعصرني ويستنزف طاقتي ..
رفعت ساره كفها وهي تكبِت دموعها بعد حديث صغيرتها .. وابعد خالد صغيرته وهو يرفع يده ويمسح عيناها وقال بكل حنيه : اوعدتس بابنيتي ، ان بعد هالدمع الحزين شلالات فرح ، لا تستسلمين وساعديني ..
إلهام وهي ترفع كف والدها وتُقبِل باطِنها قالت وهي لا تزال تشهق بين كلِماتها : جيبوه يا يبه ، سند لا يروح مني ..
خالد وهو يُعيّدها لـ حضنه : على خشمي ..
_______
على عجل .. وبسرعه خاطِفه .. يتجِهون لـ موقع التفتيش .. حيثُ توجد زوجة تميم .. كان الإثنان في حالة تركيز وهم ينظرون لـ الطريق مُنتظرين رؤية انوار الشرطه .. بينما لا يزال تميم لا يرفع نظره مِن امامه .. لف سالم بطريقه سريعه وهو يلحظ السياره التي خلفهم والتي لا تقُل عنهم سرعه .. وكأنها تحاول ايضاً ان تلحق على شي .. نظر لـ السياره ولـ لوحتها .. وعرف انها ليست سعوديه .. قال سالم بصوت هادي : السياره الي ورانا مسرعه نفسنا ..
تميم بعدم فهم : ويش بلاها ؟..
سالم وهو يلف بنظره لـ تميم وكأنه يحاول التأكد من شكوكه : السياره كويتيه ! ومتجهه لـ التفتيش ان ماخاب ظني !..
تميم وهو يفهم مغزى حديث سالم قال بصوت طويل وسريع : جااابر !..
لا شعورياً وبحركه سريعه لف تميم وهو يعكِس الطريق وترتطِم السيارتان ببعضِها بقوه .. وكأن جسد تميم تحرك من نفسِه دون تفكير .. صرخ سالم بالرغم من ان صراخه لم يُغير شي من التصادم الكبير الذي لم يستطِع تميم تفاديه مهما حاول .. كِلتا السيارتان كانت تمشي بسرعه كبيره .. فكان التصادم قاتِل وهو يجعل إحدا السيارات بسرعه كبيره ومُخيفه تطير للخلف بأصحابِها .. والأخرى بكل سرعه عادت تتقلب وتحك الأرض ناشِرتًا شرارها في كل مكان .. توقفت السيارات وإبتعدت بخوف وهي ترى هذا الحادِث المُهيب .. نزل الجميع وهم يركضون نحو الحادث يُحاوِلون إنقاذ ما يستطيّعون مِنهم .. كثرت السيارات المُتوقِفه .. وكثر الرجال الذين يسحبون الساقطين من سياراتِهم .. واخرون رفعوا هواتِفهم يتصِلون على الإسعاف طالبين النجده .. بعد نِصف ساعه واكثر .. وصلت ثلاث سيارات إسعاف وهي تحمِل الثلاثه الذين ينتشر الدم في جسدِهم .. ومشت بسرعه وهي ترفع صوت صافِرة الإسعاف وتتجه للمُستشفى بمُصابيّها ..
______
يقِف عابِد في الممر مُنتظِر مسلط ينتهي من التبرع .. خرج مسلط وإتجهه نحو عابد .. قال عابد وهو يُقبِل عليّه : ها عادهم يبون تبرع ؟..
مسلط وهو يضغط على يده التي تم السحب مِنها : لا ظني يكفي الي خذوه ..
وماهي الا ثواني .. حتى رن هاتِف مسلط .. ورفعه وهو يرى إسم تميم .. إبتسم واجاب وهو يقول بفرح : ابشر به يا بوشيخه !..
وصله صوت رجلً غريب وهو يقول : صاحب الجوال خذوه الأسعاف ، شفت الجوال طايح واسمك فوق وقلت اعلمكم لعلكم تفزعون له ..
تغيّرت ملامح مسلط من الفرح للعبوس والإنفعال وقال بخوف : اسعاف ايش ! تميم وينه !..
الرجل : صار حادث وطاحوا ثلاث رياجيل، والأسعاف قبل ثواني خذاهم للمستشفى ..
ثم اغلق الهاتِف .. لف مسلط على عابد واخبره وهو لا يزال مصدوم .. وقال له ان يجلس برِفقة سند ولا يتركه .. وركض وهو يتجه للمستشفى .. ورفع عابد هاتِفه وإتصل على فهد الذي برِفقته ذيب .. ثم إتصل فهد على اخيه مطلق .. وبدأ كُلن مِنهم يتصل على الأخر .. حتى إنتشر الخبر .. وعرف الجميع ان تميم وسالم في المُستشفى .. ولا يعلمون من هو ثالِثهم ..
________
دخل المستشفى وهو يركض .. وخلفه دخل فهد واخيه وثالثهم ذيب .. وسألوا عن اسم تميم بن فالح و سالم بن منصور .. واخبروهم انهم لا يزالون في الحالات الطارئه ولم يخرج الطبيب حتى الأن .. وقفوا اربعتهم وهم يترقبون بخوف ما سيقوله الطبيب عن خروجه .. وماهي الا دقائق حتى دخل زياد ومعه والده وابو سالم .. لم تكُن الأرض تحمِل ابو سالم الذي صُدِم عِندما عرف عن إبنه .. كثُر المُنتظرين حول الغرفه .. خرج الطبيب وعلى مُحيّاه ملامح الحزن .. تجمع الجميع عِنده وأولهم ابو سالم الذي ينتظر خبر إبنه .. تحدث الطبيب وقال بصوتً طويل ليجعل الجميع يستمِع له : الأول حالته طيّبه بالرغم من حصوله على كسر في يده اليُمنى ، والثاني حتى الأن حالته مجهوله ولا يزال تحت المراقبه في العنايه المُشدده ، والثالث ..
لم يُكمِل وهو ينهي حديثه وينظر بخيّبه للأسفل .. صرخ زياد وهو يقول بخوف : والثالث !..
الطبيب وهو يرفع نظره ويسحب الكمامه : الثالث للأسف ماقدرنا نلحق عليه ..
___
دخل عابد لـ الغرفه بعد ان اخبره الطبيب ان المريض بدأ يفتح عيّناه .. نظر سند حوله برؤية مُشتته .. نظره لم يستقِر وكل الغرفه تدور ولم تستقِر لـ يستوعب شي .. وقف عابد وهو ينظر لـ سند وقال : انت يمّي ياسند ؟..
رفع سند نظره لـ الواقف امامه .. لم يعرِفه حتى رمش اكثر مِن مره ثم إستطاع التعرف عليه .. وقال بصوت يكاد ان يخرج : وينّي فيه !..
عابد : في المستشفى ..
تذكر سند الطعنه وانزل يده وهو يتحسس محلها ثم قال بصوته المرهق : ويش صاير !..
عابد : انطعنت من ولد متعب ، لكن انقذك يمنّي وطلع السم ، وانت الحين في المستشفى ولك ثلاث ايام مغمي عليك ..
سند وهو يُحاول الجلوس : وينه الخسيس !..
عابد وهو يحاول مُساعدته : ماندري ويش العلم الحين ..
سند وهو ينظر حوله : وين ابوي ؟ وين تميم واهلي ؟..
عابد بتردد : في المستشفى !..
سند بعدم فِهم : برى الغرفه ؟..
عابد : لا في مستشفى ثاني ، الطواريء ..
سند : اهرج يا عابد ويش صاير !..

رواية فيك القصيد المعتق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن