3 : فنّ الحرب.

29 8 12
                                    

ألقوا نظرة على الصّورة قبل المباشرة بالقراءة ⬆️ : شكل الكرسي الصّيني.

~

اتّخذتْ من المقعد الخشبيّ مكانًا لجلوسها، مواجِهة الهواء الطّلق.
فضّلته بسبب الإطلالة، فهو يشرف على نهرٍ جارٍ نقيٍّ يخترق الأرض الخضراء الّتي شُيِّدَ منزلٌ عظيم عليها. بالإضافة إلى دندنة العصافير الّتي حطّت على أغصان الأشجار الفارغة من الأوراق .. فصل الخريف الرّائع.

إلتصقت أصابعها بكتابٍ وضعته على الطّاولة حينما قعدت. فتحتْه، وباشرت بقراءة أولى صفحاته بينما تحتسي الشّاي.
قد يبدو كتابًا بسيطًا ولطيفًا، إلّا أنه تناول مواضيع حربيّة، وعُرِفَ بِ "فنّ الحرب". إنّه الكتاب الّذي استعان به كبار قادة العساكر في خططهم لتطوير إستراتيجيّاتهم.

"الحصار يستنزف طاقة جيشك ويُخفِض معنويّاته". ردّدت ما اعتبرته هامًّا، لكي يرسخ في ذاكرتها.

"أنتِ تستنزفين كلّ طاقتي في سبيلك بالفعل".
شعرتْ بكفّ أحدهم يُوضَع على كتفها ممّا حضّ الرّعشة على السِّريان في جسدها.
أمالت رأسها لتتمكّن مِن رؤية مَن يقف خلفها، لكنّها سرعان ما أعادت النّظر إلى كتابها متهرّبة من قبلته الّتي أوشكت على لمس بوجنتها.

سمعت صوتًا ساخرًا أطلقه قبل أن يشاركها الجلوس قربها.
"ألم تسعدي برؤيتي؟!" سأل ضاحكًا أثناء إنتشاله لكتابها من بين يديها بالقوّة.

"سعدتُ بقراءة الكتاب. لذا أعِده لي" مدّت يدها في الفراغ طالبة إرجاعه، لكنّه جعل أصابعه تتشابك مع أصابعها، بينما يراقب تغيُّر نظراتها. وقد حصل ما توقّع، فَجمود ملامحها أجبره على القهقهة مرّة ثانية.

"على ماذا يحتوي؟!" أراد فتح موضوع يعجبها، لعلّه يتقرّب منها بما تحبّه، بما أنّه فشل بالإمساك بكفّها .. بعد أن سحبته.
"لن تفضّله" تجاهلت الرّدّ على سؤاله موقنة بأنّه لن ينصت إلى شرحها حقًّا رغم اندفاع أذنيه نحوها.

"مفضّلتي تفضّله، لذا سأفعل".

أخذت رشفة من شايها بينما تنتظره أن يملّ بعد ثوانٍ من القراءة فَيغادر تاركًا إيّاها مع كتابها وشايها.
"لِمَ تحتاج أميرتي لقراءة كتاب كهذا؟!".

لم تدري، أجادًّا كان أم مازحًا. فلا يُعقَل جهله بهذا الخبر!.
لطالما وجّهت معارفها نصائحًا إليها للتخلّي عن عاداتها الّتي تجعلها تشبه الفتيان. كالمشاركة في سباق الأحصنة، ومطالعة الكتب الحربيّة، فضلًا عن عدم إلتزامها التامّ بآداب ومعايير المرأة.

"لِمَ تحتاج للسؤال؟" أردفت متأمّلة عصفورًا أزرق اللّون يمرّ فوق مجرى النّهر.
"سأستدعي كي شينغ اليوم". أخبرها فجأة، وقد نجح بلفتِ إنتباهها أخيرًا.

دفترُ وِين كِي شينْغ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن