•سارة
عندما قرأتُ الرسالة في جيب السترة العسكرية طرحتُ سؤالي على بيتر المنشغل بقيادة السيارة : تُرى من كتب هذه الرسالة ؟ أنت محظوظٌ ياسيد إيفانوفيتش انظر كما لو أن دوستوفيسكي من كتبها
ابتسم ابتسامة جانبية دون أن ينظر لي ، وقال : أتعرفين دوستوفيسكي ؟
ضربتُ الورقة بسبابتي بخفة ثم بدأتُ بطيها قلتُ بنبرة ساد عليها الشعور بالفخر : ومن لايعرفه رواياته تحوي فهماً عميقاً للنفس البشرية كما تقدم تحليلاً ثاقباً للحالة السياسية والاجتماعية والروحية لروسيا في القرن التاسع عشر، وتتعامل مع مجموعة متنوعة من المواضيع الفلسفية والدينية ، صحيحٌ انها لاتروق للجميع ولكنها راقت لي . كالجريمة والعقاب والإخوة كارامازوف والشياطين .
أعدتُ الورقة في جيب السترة وقلت : قبل ان ازور روسيا كنتُ أظن بأن جميع اسماءكم تنتهي بي فيتش و يسكي و ووف.
قهقهة صغيرة اخترقت سمعي فنظرتُ له ، تقلصت نظراته قليلاً اثر تلك الضحكة وظهرت أسنانه البيضاء فقلت : لديكَ أسنان تُشعرني بأنك تقوم بإعلان لشركة سنسوداين
أسند كوع يده الى حافة النافذة ومال بوجهه نحو كفها بينما كان يقود بالأخرى ، اعتدل في جلسته وابعد يده عن وجهه مرددًا بثقة : مع تعاقب أجيال جديدة، حافظنا على نمط مؤلف من ثلاثة أسماء، وهو اسم الشخص واسم أبيه ثم لقب العائلة. فكان الاسم الأخير اسم العائلة، بينما جاء اسم الأب ليكون اللقب الأبوي. أي أن فاسيلي على سبيل المثال فاسيلي إيفانوفيتش بيتروف هو (فاسيلي) بن (إيفانوفيتش) المنتمي لعائلة (بيتروف) ، ومثلًا إن صادفت شخصاً ما اسمه إيفان بيتروف، فذلك يعني أن اسمه (إيفان) وهو ابن (بيتر) أو (بيوتر) بالروسية.
نظرتُ له باستيعاب محركة رأسي ببطئ وقلت: وهل بيتر هو اسم روسي ؟
أجابني مؤكدًا: انه اسم الماني روسي ولكنه شاع كثيرًا في الولايات المتحدة وانجلترا.
اتسعت ابتسامتي وقلت: أنت مثقف ياسيد بيتر
بقيتُ صامتة لثوانٍ أتأمله بينما كان يقود السيارة متظاهراً بعدم الشعور بي فغافلته بسؤالٍ جديد وقلت : لماذا انتم طوال القامة هكذا رأسُك يكاد يلتصق بسقف السيارة
اجاب بنبرة مستمتعة بالحديث: لسنا طوالًا ، العرب قصار القامة بشكلٍ عام
- ماذا أرى أن احدهم يبحث عن شجار لسنا قصاراً انظر أنا بطول 166 سنتمترا .
ضحك مستمتعاً باستفزازي وقال : اتعتبرين هذا طول قامة ؟ انتِ في روسيا من قصار القامة .
عدتُ برأسي الى الخلف وقلت : لديَّ صديقة بطول 147 ماذا ستفعل ان زارت روسيا
- سنبحث عنها بالمكبرة لنتمكن من الحديث إليها
- ماطولك ياسيد؟
-آخر مرة قمت بقياسه في الغرفة العسكرية قبل اربعة أشهر من الآن وكان 193 سنتمتراً .
تنحنحتُ واضعة كفي على فمي وقلت : فلنغير الموضوع أشعر بالاهانة
لم يجبني ولكنه حافظ على تلك الابتسامة الساحرة ولم يتمكن من العودة الى جديته .
قلت له أثناء عبثي بحزام الخوذة متأملة السيارة من الداخل : السيارة من الداخل تُذكرني بمشهد من فيلم تايتنك
قاطعني رافعًا حاجبيه باستفهام وهو يردد عبارة جاك : إلى اين يا آنسة ؟
ارتخت ملامحي وقلت : إلى النجوم ؟
أنت تقرأ
رسائل تحت وابل الرصاص
Romanceماالذي يُجبرك على الكتابةِ بين الركام ألا يُمكنك سماع المدفعيات -على هذه الرسالة أن تصل إليها أنت تعرف أنَّ الرسالة الورقية هي وسيلتي الوحيدة حاليًا لايُمكنني ترك وسيلتي للوصول إليها ، أريد أن أراها -لاارى في الامر سوى ان احدهم سيموت ، نحن في مواق...