(سارة)
كل شيء في حياتي مرتبطٌ بالطمأنينة ، والبقاء لدي مقرونٌ بهذا الشعور.
أينما اطمئن قلبي ، مَنَحتُ حباً أبدياً لاينتهي .يتملكنا الغباء أحيانًا فنكون في غيرِ ما نحن عليه مع أشخاص علينا أن نكون معهم كما نحن. بعضُ الأشياء تقوم هي بِنَا، تكتبُنا، تقرؤنا، تدفعنا، تعطينا اللحظات والذكرى وبعض الأشخاص يمنحون المعنى لهذه اللحظات. أومن بأنّ الحياةَ أقصر من أن نمضيها بالانتظار وأقصر من دقائق الطريق الذي نخطوه سعياً للوصول إلى ما نرجو، وأنّ السير فيها هو الأثمن . وهذا الشعور كسبته من بيتر الذي لطالما كره الانتظار فهو يبادر في كل مرة ، ويعود بعد كل رحيل ، يخبرني بتصرفاته بأننا لم نلتقي هنا صدفة ، وأن علينا التمسك بهذه الفرصة مهما كان الثمن الذي سندفعه . متناسياً وضعه الصعب والحرب التي سيخوضها برفقتي .
بقيتُ برفقة علي ، ورأيتُ في نظرات بيتر ترجياً واضحًا وخيبة جلية ،
كان علي يتحدث عمّا واجهه بحثاً عني وعن صديقته ، بينما كنتُ أفكر سارحة ، هل غادر إيفانوفيتش للمرة الأخيرة ؟ ، أيعني ذلك بأنني لن التقيه مجددًا! يقطع صوت علي أفكاري متمسكاً بكفي وهو يقول : لازم تغيرين ملابسج اصلا خطوة غبية منج ان تسوين هيج شي
انتفض غضبًا واجيبه : مااحب احد يعلمني شنو اسوي أعرف شسوي !
ربّتَ على كتفي مردداً : آسف مو قصدي شي تعالي وياية
سألته بقلة صبر : وين ؟
يجيبني بسخرية : للشارع اللي بي جماعتج وهذا الضابط الطويل العصبي اللي مدري شديسوي
شعرت بالغضب من طريقته بالحديث عن بيتر فقلت مُدافعة : ترى هالشخص ساعدني هواية وترى اعرفه قبل مااعرفك من روسيا من قبل مااجي لاوكرانيا
تنهد علي يائسًا وهو يرى دفاعي عن بيتر بعد كل كلمة يلقيها منتقداً .
تبعته الى الشارع التالي بعد ان امضينا نصف ساعة في الحديث داخل المنزل الذي وجدناه فيه .
وبعد ان وصلنا توقف علي أمام احد المنازل وقال متعجلاً : هذا بيت صديقي اجيب شغلات تفيدنا واجي
أومأت بالايجاب وبقيت صامتة اتأمل الشارع بهدوء حتى رأيت قسطنطين برفقة أحد الجنود عند نهاية الشارع ، ولم اتمالك نفسي اتجهتُ صوبه كمن يتجه نحو شخص يعرفه جيدًا ليشعر بالاطمئنان وسط غربته .
لم ينتبه لتقدمي نحوه في البداية ، كان منشغلاً بفحص سلاح صديقه وعندما شارفت على الوصول شعرا بخطواتي القريبة فرفع قسطنطين رأسه واخفضه مجددًا وكأن رؤيتي لم ترقه وقال : اين ذهب فاندام خاصتك
ابتسمتُ وقلت : فاندام ؟ اتقصد زميلي علي ؟
ابتسم ساخراً وقال : أعتقد بأنه يعتزم امرا ما
عقدتُ حاجبي وقلت : ولمَ انت غاضبٌ هكذا ؟
دار برأسه قليلًا لينظر إلى أحد أعمدة الانارة خلفه وكأنه ينوي لفت انتباهي لشيء ما . طالت نظرته حتى عاود النظر لوجهي ، ثم هز رأسه بيأس ، فعاودتُ النظر الى العمود ، ثم تمشيتُ ناحيته تاركةً قسطنطين خلفي ، فلمحتُ ورقة مُلصقة على ارتفاع لايمكنني الوصول اليه . كانت الكتابة روسية ولكنني لم اتمكن من فهمها فقلت لقسطنطين ملتفتة نحوه :
ايمكنك الوصول
سلَّم سلاح زميله وطلب منه الانتباه ثم اقبل ناحيتي بخطواتٍ متعجلة وغاضبة رفع يده ليفصل الورقة عن العمود بقوة ، بقيت قطعة من اللاصق على الورقة ، وتركت الورقة اجزاءا صغيرة من اطرافها على العمود اسفل بقايا اللاصق .
تأملتُ الورقة بتمعن ""الى صاحبة القميص الابيض
إنني أُريدك اكثر من ارادة بوتين ورغبته في اوكرانيا وأرفضك كرفض العالم واعتراضهم على قراره في آنٍ واحد ، أتجاهلك وكل قلبي مُنتبه إليك ، وفي كل مرّه قررتُ بها أن أكرهك ورغبتُ بابعادكِ عني !شعرت بأني أُحبك أكثر .
أرتب صدري كل ليلة ثم تأتين بكلمة ، تجعلين منه فوضى عارمة . كل مااريده هو ان ابقى قريباً منكِ ، حولك ، ولاشيء آخر . سارة سأخبركِ سراً ، لقد وقعت في حبك عدة مرات دون تخطيط مني .
وجهك عالقٌ في ذاكرتي ، كلما رأيت شخصًا مميزًا بأعين الجميع ، بدأت أُعدد ما ينقُصه ليكون أنتِ !
وكيف أُخبر قلبي أنكِ فضّلت الإبتعاد عنه ؟
يؤلمني بأن اكتب رسالة لأخبركِ بأنني افتقدكِ ، افتقدُكِ جداً بدلاً من البوح بذلك علناً . E"
أنت تقرأ
رسائل تحت وابل الرصاص
Romanceماالذي يُجبرك على الكتابةِ بين الركام ألا يُمكنك سماع المدفعيات -على هذه الرسالة أن تصل إليها أنت تعرف أنَّ الرسالة الورقية هي وسيلتي الوحيدة حاليًا لايُمكنني ترك وسيلتي للوصول إليها ، أريد أن أراها -لاارى في الامر سوى ان احدهم سيموت ، نحن في مواق...