الفصل الثاني

2.6K 175 127
                                    


غادرنا المنزل متجهين إلى مدينة أتلانتا التي سيطر الجيش الأميركي عليها لتأمين الأمن والحماية للناس، فقد بثت نشرة الأخبار أن الجيش يقوم بمحاولة لإخلاء المنطقة التي نسكن فيها، قاد ديرل شاحنته (البيك أب) الرمادية الصغيرة، وجلست بجواره صامتة، بينما كان ميرل يقود دراجته النارية، جمعا بعض المؤن ووضعاها في مؤخرة السيارة، كنت أتساءل عن مصير أخي الذي لم يرد على اتصالاتي ورسائلي، كنت أفكر به طوال الطريق، لقد مر أسبوعان من انتشار هذا الفيروس، لم يعرف العالم أن الأمور ستزداد سوءًا، اعتقدنا أنه مجرد فايروس، كإنفلونزا الطيور أو الخنازير مثلاً، لكن كما يبدو فإن الأمور تتدهور أكثر وتدفقت إلى العالم كله.

في خلال ساعة توقفنا على نحو مفاجئ فقد علقنا في وسط زحمة حركة المرور على الطريق السريع، تفوه ديرل ببعض الألفاظ باستياء وهو يضرب المقود بكفيه، ثم فتح المذياع الذي يبث المستجدات بشكل دوري، أعلن المذيع أن مركز اللاجئين في أتلانتا قد توقف عن استقبال الناس، تطلعت إلى النافذة بانزعاج، كان ميرل بجواري فوق دراجته النارية، فتح ديرل النافذة وأخبر أخاه عن البث الطارئ في نشرة الأخبار التي بثتها الإذاعة المحلية، أومأ ميرل رأسه وقاد دراجته ليبحث عن شخص ما قد يعرف ما يدور، حلقت الطائرات الحربية المروحية (الهليكوبتر) فوق رؤوسنا متجهة إلى مدينة أتلانتا، وبعد دقائق وصل إلى مسامعنا أصوات انفجار القذائف، كنت مرعوبة متسائلة هل هذه هي نهاية العالم، هل سيكون موتنا قريبًا، تخيلت الطائرات تحلق فوق رأسي وتنسفه بالقنابل، عاد ميرل إلينا وأخبرنا أن المدينة دمرت من قبل الجيش بقنابل نابالم الحارقة، كنت مصدومة رافضة أن أصدق ما قاله ميرل لنا، فالموت حرقاً هو من أقسى ما يتعرض له الإنسان من أخطار، سأله ديرل بنبرة عصبية:

- بحق الجحيم، ما الذي سنفعله الآن؟!

أجابه ميرل مبتسمًا بخبث:

- قرر بعضهم إقامة مخيم بجوار البحيرة، هل ترغبان في الانضمام إليهم؟!

شعرت بكلماته أنه يخفي أمرًا يفكر فيه، أجابه ديرل بلا مبالاة:

- أيًا كان!

صرخ ميرل بنا آمرًا:

- هيا أيها الحمقى، لننصب خيمتنا اللعينة!

إنني أعرف الأخوين ديكسون جيدًا، فهما ليسا من النوع الذي يتأقلم مع الغرباء سريعًا، قاما بنصب الخيمة لكنني جلست في السيارة دون أن أتحرك من مكاني، تقدم ميرل مني صارخًا بوجهي:

- تحركي من مكانك يا فتاة، وقومي بمساعدتنا!

ثم فتح باب السيارة وهو يأمرني بالنزول منها، أجبته بصوت هادئ والدموع تملأ عيني:

- سأذهب إلى لوس أنجلوس، لم أكن أعلم أن الأمور ستتدهور، كنت اعتقد...

قاطعني بلطف:

وداعًا .. لأيام مضت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن