الفصل الاول

898 17 1
                                    

الفصل الأول................

الاحداث في بيت الحاج شكري في أحد احياء بغداد الشعبية ......

فتحت سعاد باب الخزانة البالية عند الثامنة صباحا وهي لا تقاوم عبرتها واخرجت شيء من ثياب نسرين ووضعته على انفها وشممته باشتياق قائلة بدموع وهمس: "اين انت يا حبيبتي طالت الغيبة وكأني سأفقد الامل برؤيتك مجددا"
كانت طفلتها الصغيرة متشبثة بساقيها وتشد بسترتها وتمتم بكلمات غير مفهومة وكأنها تواسي أمها على بكائها واتجهت سعاد وهي تحتضن قميص نسرين بقوة الى التقويم المعلق على الجدار الذي اتلفته الرطوبة ومررت اصبعها على التواريخ وازداد بكائها عندما اكتشفت ان اليوم عيد ميلاد نسرين ذات الثامنة عشر ربيعا
كانت سعاد بجمال متوسط وبشرة منمشة بيضاء وشعر بني أشعث وقد غير ملامحها الهم والحزن والفقر والإهمال والمهدئات التي أقلعت عنها عندما اختفت نسرين من حياتها لشعورها بالذنب اتجاه اختها الصغيرة وخشيت ان تضيع حتى صغارها بسبب أقراص المنوم التي افقدتها رغبتها بالحياة وحيويتها وأنبت نفسها لأنها لم تكن قريبة منها وتشاركها اسرارها وهمومها انها مسؤولة أيضا عن ضياعها واختفائها
فبدت أكبر سنا مع انها بنهاية العشرينات وغياب نسرين زادها اكتئاب وضميرها يعذبها وينهشها فكان الاجدر بها ان تكون اقوى وتتغلب على ظروفها وتنتبه لصغارها واختها الوحيدة وترضى بواقعها وتكون الصدر الحنون وتوفر أجواء الدفأ والسلام لنسرين المسكينة وايتامها المظلومين معها كان الاجدر بها ان تحتضنهم وتخفف وطأة القسوة والمعاملة الجافة الخشنة التي يسبغها عليهم عمها شكري انها مخطئة ومذنبة واكتشفت ذلك بعد ان فات الأوان وخلي الدار عليها من رفيقتها وحبيبتها الجميلة الناعمة المتفهمة نسرين
ترى اين انت ومع من؟ حية ام ميتة؟ خطفوك؟ قتلوك؟ لم ارك بعد؟ والصقت جبهتها على التقويم واغرقته بدموعها

قال لها طفلها وهو مسند جسده الدقيق عند الباب ويراقبها بحزن: "انا حلمت بخالتي نسرين ورأيتها واخبرتني انها ستعود الينا قريبا"
هرعت اليه سعاد واحتضنته واحتضنت ابنتها وولدها الاخر وقالت بصوت خافت: "ستعود ان شاء الله ستعود تعرفون اليوم عيد ميلادها؟ الم نعتد كل سنة نجتمع معها ويتمنى كل منا امنية؟ هيا لنتمنى اليوم جميعنا ان يردها الله الينا سالمة هيا ارفعوا ايديكم بالدعاء لخالتكم فقد كانت تحبكم كثيرا"
وبينما هي كذلك سمعت طرق على الباب ووضعت يدها على قلبها
كل رنة هاتف وكل طرقة باب تخيفها وكأنهم يجلبون لها خبر سيء
اسرعت واحتشمت بحجابها وصغارها خلفها يهرولون وفتحت الباب وهي تردد آيات قرآنية ثم قالت بخفوت: "اهلا عدنان تفضل .... عمك في حجرته"
تطلع بها بتجهم وكان شاب عشريني وحسن المظهر وقال: "لم تعرفوا شيء عنها بعد؟"
هزت رأسها بحزن واجابته: "أخشى ان تكون تعرضت لمكروه الأوضاع لا تبشر بخير الشارع مليء بالمخاطر.... اختي ضاعت يا عدنان ونحن هنا مكتوفين الايدي ونخفي عن الناس وعن أهلنا واقاربنا همنا وعذابنا ومصير ابنتنا كأننا نسلمها للمجهول باستسلام ولم نتصرف خوفا من الفضيحة وكلام الناس كل همنا الناس وبنتنا رخيصة عندنا"
أسدل اهدابه وتنهد ثم اتجه الى الحجرة ودخل
وذهبت الى المطبخ تعد له شيئا وهي تقول في نفسها: "الان يا عدنان أظهرت مشاعرك واعترفت انك كنت تنوي التقدم لها الان؟ اين كنت عنها حتى جعلتها تضيع من يدنا اين كنت عنها وهي تعاني من القسوة والكلام الخشن وتعمل كالخادمة لا دراسة كبنات سنها ولا تقدير ولا امل فقط حبس واوامر واستغلال اين كنت عنها؟"

هوس القلوب الجزء الثانى لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن