الفصل العاشر

204 13 0
                                    

الفصل العاشر..............

ربتت سليمة على كتفه وقالت بوسوسة: "بل تقدر لأنهم يستحقون .... غسان غدرك ونسرين باعتك وجابر محظوظ لديه المال والبنت بدون ان يجهد نفسه وانت صاحب حق وانا شريكة لك بالحق لأني الساعد المساعد"

التفت اليها وقال بنظرات ثاقبة: "أي زلة تمسكينها على البنت؟ أخبريني؟"
سليمة وهي تخطو امامه: "سأخبرك بالوقت المناسب"
بقي يراقب خطواتها حتى توارت عن نظره واسدل اهدابه ببطء وتنهد فقد تركته بصراع مع نفسه وكلامها كحطب رمته على نار قلبه وازداد لهيبا واشتعالا.
.................................................. ...................................

أسدل جابر الغطاء الخفيف على جسدها وهي شبه مستلقية على الاريكة وتسعل بين الحين والحين وكان شارد الذهن ولمحة من الاستياء تسيطر على تعابيره رغم صمته وابتسامته الفاترة مما أقلقها ذلك فكان قبل دقائق مختلف وعفوي ما باله الان سارح بأفكاره؟
راقبته بريبة وهو يتجه الى المطبخ حتى دخل الى هناك واشاحت ببصرها وجذبت الغطاء الى صدرها وعنقها وخشيت ان يكون شك بأمر ما؟ تراه رأى محمد؟ هناك من أخبره؟ لا لو كان حصل ذلك فعلا لما دخل عليها وهو عفوي وسعيد وقدم لها هدية!
ربما تلقى اتصال أزعجه؟ نعم سمعت هاتفه يرن مرارا .... لكنها لم تسمع رده! ربما وصلته رسالة عكرت صفوه؟
جالت ببصرها بالبيت واغمضت عينيها ليتها اليوم فتاة طبيعية وهذا المكان الجميل عش الزوجية وجابر رجلها بالحلال والطفل يولد بالنور لكانت اسعد مخلوقة على وجه الأرض فهذا كل ما تتمنى ولا تطمح الى المزيد لكن ذلك مجرد حلم وردي لا أساس له من الصحة والواقعية فكل شيء عكس ما تتمنى لا هي بنت شريفة محترمة بنظر جابر وبنظر نفسها ولا جابر رجلها ولا هذا بيتها ولا الطفل شرعي ولا أحد ينتظره فالكل يطالبها بقتله حتى نفسها تأمرها ان تتخلص منه حتى لا يربطها بمشاكل أعمق وأخطر.

افاقت من سرحانها عندما شعرت بخطواته تقترب ورفعت بصرها بعيون داكنة الحمرة الى الكوب الذي وضعه امامها ثم نظرت الى وجهه الخال من التعابير وتمعنت بعينيه باحثة عن نظرة تطمئن قلبها وتنهي مخاوفها وقلقها لكنها لم تجد سوى فتور فمدت يدها وتناولت الكوب الساخن وشكرته بصوت خافت على اهتمامه وبقيت معلقة عينيها معه عندما ابتعد ببرود حتى جلس على الاريكة التي خلفها مباشرة واعطاها قفاه فتأملت شعره وتطلع امامه ووضع سيجارة بين شفتيه دون ان يشعلها وساد صمت كئيب بينهما
ليس هناك صوت سوى دقات الساعة الجدارية حتى انتصف الليل وانقطع التيار الكهربائي فجأة ليسود الظلام على الارجاء ويبرد جسدها من وحشة الليل والعتمة وهواجس الارتياب وراقبت النور الخافت الذي تسلل عبر الستائر من مصابيح الجيران عند تشغيلهم لمولدات الكهرباء كحال كل أهالي المنطقة وبثت بنورها الخفيف في الصالة التي تجمعهما واحتضنت جسدها بذراعيها وتنهدت
عضت على شفتها عندما قطع ذلك السكون الطويل صوته وهو يقول دون ان يلتفت اليها: "الى متى نبقى على هذا الوضع نسرين؟"

هوس القلوب الجزء الثانى لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن