الفصل الثامن عشر....
هز محمد رأسه ليعرف منها مطلب نسرين لكنها قالت بتسخيف: "انها تشتكي منك وتقول انها لا تملك لا مال ولا حلي وذلك يحرجها"
ولما ابتعدت سليمة ضاقت عينا محمد وكأنه لم يصدقها.
قطبت سليمة جبينها وهي تسير الى مقرها وشغلها مطلب نسرين: "اريد ان أجهض نفسي ساعديني .... وأريد محمد .... اريد العودة لمحمد"أنزلت نسرين هاتفها من اذنها ببطء واحباط وهزيمة مما فعلته
تدرك جيدا انها بقرارها هذا سترمي بنفسها الى التهلكة بعد ان كادت ان تنجو بتشبثها بيد جابر
لكنها لم تشأ ان تجر يده معها الى حافة الهاوية وتزجه بجحيمها وتدمره
لذلك عليها ان تكون على الأقل انسانة بعد ان فقدت الامل ان تكون طاهرة وبعد ان خسرت نفسها كبنت شريفة وزوجة محترمة
عليها الا تفقد انسانيتها وضميرها وتتغلب عليها الانانية وتصل وتنجو على حساب شخص اخر ليس له ذنب سوى سوء اختياره.
اغمضت عينيها وكلمات اخوات جابر يتردد بمخيلتها بقسوة شديدة وتأثير فظيع
"تعلمين بوجودك بحياته وبطفلك كم نفس ستدمرين؟ كم سمعة شخص ستنكسين؟ كم قلب ستكسرين؟ كم خاطر ستكسرين؟ ايتها الشيطانة ان لم تختفي من هنا بأسرع وقت سيتبرأ ابي من جابر ويحرمه من دخول بيته يمنعه من رؤية امه واخوانه؟ تظنين بعد ذلك جابر سيطيق التطلع بوجهك؟اخفت وجهها بيديها وهي تسترجع تلك الكلمات الموجعة التي جلدت كرامتها وهرأت احاسيسها وجردتها من كل المشاعر المرهفة التي كانت تغزو قلبها وتخدعه
"هذا المكان ليس لك ولأمثالك انت لا تستحقين ظفر جابر .... دوختي اخي وافقدته صوابه وعقله وحرمتي امي من الراحة وهي تسهر كل ليلة بانتظاره .... لو علمت امي بانه بحضن مومس لماتت من صدمتها"ثم انزلت يديها عن وجهها واعتصر الألم قلبها وادخله بحالة احتضار وهي تتطلع بأرجاء البيت الذي شعرت بدفئه رغم مخاوفها العديدة التي حرمتها طعم السعادة ....
البيت الذي جعلها قادرة ان تحب رغم الاشواك التي تحاصر قلبها وتوخزه وتوجعه
رغم وجعها احبته والفته وشعرت بداخلها بشيء من الأمان ونامت ملأ جفونها بقرب جابر
واعدت الطعام به بثقة ورتبت ونسقت اركانه بارتياح ومحبة لانها حسبته بيتها
رغم قلقها من جابر لكنها حسبته بيتها وموطنها شعور لا ارادي كان يطمئنها ويعشمها وثقة لا تعلم من اين أتت بها ان جابر يحبها فعلا ولن يتخلى عنها!
للأسف ستغادره وستترك كل شيء .... رغم عنها ستترك جابر!
عليها ان تختفي من حياته وتحل عنه ليرى حياته ومستقبله الزاهر الذي ينتظره
وارتجفت شفتيها وهزت رأسها ببطء عندما استرجعت كلام اخته
" تعلمين يا منحلة ان اخي على وجه زواج؟ والاهل هناك مشغولين بتجهيزات وترتيبات عرسه القريب والفرحة تملأ الوجوه والاركان والامل يكبر بالصدور"
سارت وهي تجر اذيال الخيبة والخذلان ودخلت الى غرفة النوم واقتربت من السرير وتطلعت به بشحوب ثم مررت يدها على الوسادة والشرشف وعضت على شفتها عندما اقتحمتها الكلمات اللاذعة بحقيقتها
"لو ولدت ذلك الطفل سننظر اليه جميعنا نظرة دونية وسنلقبه بابن المومس ونطرده من حياتنا الى الابد"
"جابر سيتركك لانه غير مستعد ان يتنازل ويتخلى عن كل امتيازاته وعائلته وعشيرته ابوه وأمه اخوانه سنده أصحابه وصيته وهيبته من اجل ساقطة غير متأكد ان كان الطفل منه ام من غيره"
"جابر سيتركك"
ادارت وجهها وابتلعت ريقها وتمالكت نفسها
واجبرت ملامحها على الصمود
وأمرت قلبها ان يتوقف عن النبض للحظات ثم يعاود يطرق لكن باتجاه معاكس!
كفى يا نسرين كفي عن الحلم والامل افيقي من غفلتك
الى كم صدمة ستتعرضين بعد حتى تستوعبي الدروس وتعتبري؟
كم وجع ستحتملين بعد وانت ما زلت ساذجة وبليدة وتفكرين بالغد المشرق؟
زواج وحب وولادة ومستقبل وردي!!
ما هذه الاحلام المستحيلة؟ ما هذا الغباء المفرط؟
جابر ليس لك ولا انت له!
كل شيء يصرخ بوجهك وانت غافلة!
كل شيء يسعى ليبين لك حقيقتك وانت غبية لا لا لا لست غبية بل تستغبين تديرين رأسك عنوة لتحجبين عن رؤيتك نور الحقيقة الساطع!
أنت تقرأ
هوس القلوب الجزء الثانى لكاتبة هند صابر
Romanceافكار وهواجس كثيرة اجتاحت داخلها وارجحتها بين كوابيس مخيفة ملؤها الحسرات والضياع بين طيات الندم وبين امانى واحلام سعيدة وفجر امنيات على وشك البزوغ فوق عتمة واقعها تارة سعيدة تلوح لها وتارة اشباح مجهولة تطاردها تفاؤل يشوبه فزع مكتوم غير واضح المعال...