الفصل السادس عشر .........
كانت الحفلة على اوجها والرقص على الموسيقى الصاخبة بذروته وجلسة الشراب بأنواع الخمور معدة واجسام الفتيات الجميلات يقطع انفاس الرجال الجالسين يتطلعون بشغف اليهن والطعام بما لذ وطاب على الأرض والأجواء مثيرة وتلبي حاجات ورغبات الوافدين وكان محمد ينظر بعيون ثاقبة ونظرات صقرية ملؤها الحقد والضغينة على جابر الذي يجلس بين رجاله ويتطلع الى الراقصات ظاهريا لكنه بحقيقة الامر يتطلع بالفراغ وسارح بأفكاره وكأنه بعالم اخر حتى انتبه عندما مررت نورا يديها على كتفيه وظهره وهمست بإغراء: "اراهن ان اخرجك من مودك الليلة وارجع اليك صوابك يا جابر القلوب وكاسرها"
صرر محمد على اسنانه ووضع يده على السكين المغمور بجنبه وداعبه ببطء وضاقت عينيه وهو محملق بجابر الذي احتسى كل ما في الكأس وتطلع بساعته واسندت نورا رأسها على كتفه ومرغت وجهها على قميصه لتلطخه بمساحيقها الكثيرة! لم يأبه لها وتطلع بساعته مجددا ثم أشار الى أحدهم من حراس المكان واقبل اليه بسرعة وراقبته نورا بعيون كلها ترقب واصغاء وهي تمضغ العلكة بطريقة مبتذلة وحاولت ان تدخل بحضنه لكنه ابعدها لا اراديا واخرج من محفظته ورقة نقدية وسلمها للشاب وهمس له: "اريد سليمة الان لتأتي"
نهضت نورا ووقفت امامه وبدأت بالرقص بطريقة مثيرة لجذب اهتمامه وتأملها وابتسم ابتسامة فاترة وابتعد محمد وخرج من الصالة وتنفس بضيق مستنشقا الهواء النقي بعيدا عن روائح الدخان والخمرة والعطور المختلطة واراد ان يفهم ما يحصل ماذا أراد جابر من الشاب؟
لم تمض الا دقائق حتى خطت سليمة نحو الصالة والقلق متمكن منها ماذا يريد جابر؟ ورمقت محمد بحذر وهو يلف الشماغ حول رأسه ويتظاهر بعدم الاكتراث حتى انه ابتعد في الرواق ودخلت سليمة بسرعة واتخذت مقعدها جنب الكاسر وسكبت له كأسه وهي تقول بنبرة متملقة: "اوامرك يا سيد جابر؟ انا بالخدمة"
هو وبعيون حمراء ملتهبة ومتشعبة الاوردة وبحدة: "كيف حبلت نسرين؟"
كان صوت الموسيقى والغناء مرتفع ولم تفهمه جيدا لذلك أشار لها لتنتظره بالخارج
نهضت وقطبت جبينها لقد سمعت سؤالها وتظاهرت بعدم فهمه لكن يا ويلها يبدو انه كشف الحمل وسيقيم الدنيا ولم يقعدها وغسان لو علم ستتفاقم المشكلة
تبعها وهو مترنح بمشيته وتوقفت نورا عن الرقص ووضعت يدها على خصرها وراقبته حتى خرج من الباب ونفخت بسأم كانت تأمل ان تمضي الليلة معه مال وجمال ونظافة وثقل اين تجد مثل ذلك فعلا جابر وكاسر!ارتبكت سليمة وقالت بتبرير: "البنت عديمة الخبرة واخطأت و"
هو وبغضب وخشونة: ""وأنتم ما دوركم؟ كيف تسمحوا لمثل تلك الأخطاء الفادحة ان تقع؟ هذه مسؤوليتكم البنت عندما تسلم للزبون يجب ان تكون مهيأة ومحترسة ومتخذة كافة الاحتياطات هذا شغلكم وهذه ليست المرة الأولى التي تقع مثل تلك الغلطة في الدار فقد سمعت الكثير عن حالات الإجهاض التي تجرى هنا .... انا احملك المسؤولية كاملة يا سليمة "
اظهر محمد نصف وجهه ورمقهما بنظرة مظلمة وومض بريق الشر بعينيه اذن نسرين حامل وسليمة كانت تعلم وتخفي الامر عني وذلك الطاغية لم يعجبه الامر طبعا
سليمة وبنبرة اقناع وتبرير: "لم أكن اعلم لو كنت عرفت لنزلت الجنين لتصرفت بسرعة"
جابر وبنظرات ثاقبة ملؤها الشك: "لحد الان لم استوعب الفكرة انها حامل منذ شهرين تقريبا كيف حدث ذلك وانا لم اتقرب منها سوى مرة واحدة في هذا المكان؟ هذا يعني اني اخذتها من هنا وهي حامل وتعلم واخفت عني وانا واثق انك كنت تعلمين لا تنكري عيب عليك .... هذا الطفل ليس مني"
قطبت سليمة وابعدت بصرها وهمست بحيرة: "الكذب خيبة .... نعم كنت اعلم والبنت توسلت بي الا أخبر أحد لانها كانت خائفة وكان عشمها بك كبير .... لسذاجتها كانت تظن أنك ستسترها وتتزوجها .... صدقني يا جابر واقسم لك بألف يمين ان نسرين حامل منك لا تظلمها يكفي ما فعلناه بها .... كلنا تكالبنا عليها وهي مجرد طفلة جاءت الى هنا دون سابق معرفة او دراية بما ستلاقيه على أيدينا .... حطمنا البنت وتعذبت كثيرا .... تعاطفت معها واخفيت الامر عن غسان .... عموما انت في مأمن يا جابر لماذا كل هذا الغضب والشك بقلبك؟ ننزل الجنين وكأن شيء لم يكن اتركها لا شأن لك بها وانا سأجلب لك العشرات غيرها وعلى ذوقك"
هتف بانفعال: "وانا منتظر منك ان تقولي لي ذلك؟ انا"
توقف عن مواصلة الحديث عندما داهمه الدوار واشاح ببصره وسيطر حتى انه لم يتمكن من رؤية وجه سليمة بوضوح لذلك أشار لها لتذهب وبقي واقفا بمكانه لثواني لحين استقرار حالته ثم اتصل بأحد أصحابه في صالة الدار وخرج اليه.
أخبره انه سيغادر وانهم على راحتهم يكملوا سهرتهم.
أنت تقرأ
هوس القلوب الجزء الثانى لكاتبة هند صابر
Romanceافكار وهواجس كثيرة اجتاحت داخلها وارجحتها بين كوابيس مخيفة ملؤها الحسرات والضياع بين طيات الندم وبين امانى واحلام سعيدة وفجر امنيات على وشك البزوغ فوق عتمة واقعها تارة سعيدة تلوح لها وتارة اشباح مجهولة تطاردها تفاؤل يشوبه فزع مكتوم غير واضح المعال...