شقة العفاريت!

18.8K 609 15
                                    

"كان ياما كان يا سعد يا إكرام ولا يحلي الكلام الا بذكر النبي عليه افضل صلاة وسلام"
"انا مش سعد يا ماما!"
"وانا مش إكرام!"
"يوه هي بتتقال كده خلاص من الاول... كان ياما كان يا محمد يا اسلام ولا يحلي الكلام الا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام"
"عليه الصلاة والسلام"
"كان فيه مرة بنوتة عايشة في شقة مع مامتها وكانت هي الوحيدة فيهم اللي بتحس بحاجات غريبة وبتشوف حاجات غريبة"
"زي اسلام يا ماما؟"
"حاجة زي كده... المهم فضلت البنوتة دي عشر سنين مش عارفة تعيش وتعبانة من الحاجات اللي بتشوفها ومحدش مصدقها لحد ماهي اتعودت علي كده وعاشت طبيعي خالص وكأن شيء لم يكن"
"زي محمد؟"
"ممكن اكمل؟ يخربيت رغيكم وانتم شبه امكم"
"كملي يا ماما"
"فضلت البنت عايشة عشرين سنة وكان قدام الشقة بتاعتها شقة مهجورة عمر ما حد جه سكن فيها لحد ما في يوم كانت راجعة من جامعتها وشافت ناس بتنزل عفش من علي عربية كبيرة وبيدخلوا العفش الشقة المهجورة دي."
"وبعدين يا ماما؟"
"وبدأت هنا الحكاية."
فتحت باب شقتها لتلقي القمامة في السلة أمام الباب تزامنًا مع صوت فتح الباب المقابل لها رفعت عينيها تلقائيًا لتقع علي جارها الجديد.
انتبه إليها فابتسم بلُطف وهتف مرحبًا:
"السلام عليكم صباح الخير انا يوسف جاركم الجديد"
ابتسمت تبادله الترحاب وقالت بخفوت:
"وعليكم السلام تشرفنا"
دخلت منزلها وأغلقت الباب بعدما ألقت عليه نظرة أخيرة.
"ماما يا ماما هي الشقة بتاعت العفاريت الناس الجديدة سكنت فيها؟"
"يا بنتي عفاريت ايه في واحدة شحطة عندها عشرين سنة تقول شقة فيها عفاريت!"
"يا ماما مش موضوعنا"
"اه سكنوا فيها امبارح ويلا ايدك معايا نعملهم طبق بسبوسة"
"بسبوسة! هما كانوا من بقيت اهلنا؟ ده انتِ مبتعملناش احنا بسبوسة!"
"يا بت بطلي رغي ويلا ده النبي عليه افضل صلاة وسلام وصي علي سابع جار"
وقفت معها تقوم بصنع الحلوى للقادمين الجُدد بحنق ما دخلها هي بتلك الاشياء؟ انتظرت حتي نضجت الحلوى في الفرن تمامًا.
"حطيلها الشربات واديهالهم يلا"
"حاضر"
قامت بفعل ما امرتها به وذهبت بعدما ارتدت الاسدال الخاص بها.
طرقت الباب وابتعدت عن الباب قليلًا.
لا تعرف كيف طاوعهم قلبهم ليسكنوا بتلك الشقة المهجورة منذ زمن!
حتي أنها تستمع لأصوات غريبة تخرج منها كل ليلة ولكنها اعتادت الأمر ولكن لن يصل بها الأمر يومًا وتمكث بها يكفي انها طرقت بابها!
خرجت من شرودها حينما طل عليها جارهم نفسه "يوسف"
ابتسم بينما ينظر للصحن بيدها ثم أعاد النظر إليها :
"اتفضلي"
"لا شكرًا ماما باعتالكم طبق البسبوسة ده بالهنا والشفا"
"ليه التعب بس؟"
"لا تعب ولا حاجة بعد اذنك"
كادت تنصرف ولكنه أوقفها حينما هتف متسائلًا:
"طب انت عرفتي اسمي وانا معرفتش اسمك"
"وانت تعرف اسمي ليه؟"
استند بجسده العلوي علي الباب وطبق الحلوي بيده بينما يحدق بها مبتسمًا بصمت وعسليتيه تجول فوق ملامحها فقالت بحنق:
"خدت كام صورة؟"
"مش لما اخد الاسم الاول؟"
قاطعهما ذلك الصوت القادم من الداخل نفسه الذي تستمع إليه كل ليلة تستمع له وحدها فقط.
ولكن علي غير المتوقع اعتدل يوسف في وقفته وعقد ما بين حاجبيه بذهول:
"أنتِ سمعتي حاجة؟"
عاد الصوت مرة أخرى فهتفت تلقائيًا وعينيها تتجه داخل شقته:
"العفاريت جم بالنهار!"
"عفاريت!!"
هتف مستنكرًا ما تقوله فابتلعت رمقها وسحبت قدميها للجهة الأخرى حيث شقتها:
"ربنا يكون في عونك واللهِ محدش قالك تسكن في شقة معفرتة"
وزع أنظاره ما بينها وبين شقته بريبة حتي طلت والدته:
"ازيك يا حبيبتي مين دي يا سوفي؟"
"سوفي؟"
رددت اسمه ساخرة بينما تقهقه بعنف علي ذلك اللقب الذي أطلقته عليه والدته
"يا ماما قولتلك مية مرة بلاش سوفي دي اسمي يوسف"
"انا جارتكم يا طنط ساكنة في الشقة اللي قصادكم"
"اهلًا بيكِ يا حبيبتي طب ما تتفضلي"
"لأ هسيبكم انچوي مع العفاريت"
"عفاريت؟!"
عاد الصوت بقوة تعالي كما لم يكن من قبل حتي شعرت أن المبني بأكمله يهتز.
ظل يوسف يتمتم بأية الكرسي والمعوذتين بينما والدته تنظر الينا بصدمة من حالة الذعر التي تلبستنا بينما هي لا تشعر بشيء من الاساس.
"في ايه يا يوسف؟"
"ماما يلا نمشي بسرعة البيت هيقع بينا"
"ليه بس يابني حرام عليك"
وقفت بهدوء وكأن شيء لم يكن وكأن ذلك الصوت لا يعني لها شيء....
"الحوت هيبلعنا اعوذ بالله من الشيطان الرجيم"
كان حقًا صوت حوت ذلك الذي نستمع إليه في الافلام صوت عميق وكأنه قادم من بعيد ورغم ذلك كان يهز المبني هزًا وللعجب استمع إليه يوسف كذلك فهي دائمًا ما تستمع لتلك الاصوات وحدها حتي اعتادت.
"متخافش هو هيسكت لوحده دلوقت"
نظر إليها مذهولًا من جمودها الغريب ذاك ولكن تحقق قولها حينما بدأ الصوت يخفت رويدًا رويدًا وكأنه يبتعد حتي اختفي تمامًا.
"ممكن افهم ايه اللي حصل ده؟!"
"قولتلك عفاريت"
قالتها بهدوء غريب جعله يريد لكمها والتخلص منها في اقرب سلة للقمامة هو يحترق هنا بينما الأخرى تتجه لمنزلها بهدوء جلي دون أن يرف لها جفن.
"اسم الله عليك يابني اعوذ بالله من الشيطان الرجيم مالك يا واد؟"
"شغلي سورة البقرة يا امي وربنا يسترها"
رغم عدم فهمها لما يحدث ولكنها وافقته .
صدحت سورة البقرة بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لتبعث في نفوسهم الطمأنينة والسكينة حتي هي في منزلها كانت تستمع إليها وقد ارتخت أعصابها تمامًا اثر شعور الطمأنينة الذي انبعث لها من منزلهم للمرة الأولي بعدما كان ذلك المنزل يمثل إليها هاجس وعلي ما اظن سيظل كذلك لفترة طويلة!

فُرض عليهما الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن