والده؟ لِم انقبض قلبه بذلك الذعر ما ان سمع الخبر الأخير؟ ألا كان يزعم أنه به وبدونه واحد؟ إن وجوده كغيابه تمامًا؟ لِم اصبح يخشي غيابه فجأة؟
تنبه من نوبة الشرود التي ابتلعته علي يد نوران التي ضغطت فوق كفه بقوة تؤازره وتهمس له بلين:
"هيبقي كويس بإذن الله متقلقش"
"خايف يا نوران"
قضبت حاجبيها وهتفت باستنكار:
"اومال مين اللي هيرمي حموله علي ربنا؟ مين اللي واثق ان ربنا معانا دايمًا وان قدر ربنا احسن حاجة ممكن تحصلنا؟"
ابتسمت تطمئنه واسترسلت حديثها الدافئ الذي كان يحتاجه بالفعل:
"انت يا يوسف انت اللي كنت دايمًا تقولي كده وبتقويني دايمًا بكلامك انا مش بقولك اصلًا انا مجرد بفكرك بكلامك انت وأنا عارفة انك واثق في ربنا وما دام ربنا معانا فمين علينا؟"
زفر بقوة وكأنه يخرج شحنات سلبية كانت متحكمة به وهتف موافقًا حديثها:
"ونعم بالله ما دام الله معنا فمن علينا؟"
خرج الطبيب من غرفة والده هاتفًا:
"الحمد لله قدر ولطف جاتله جلطة بس لحقناه علي طول الف سلامة عليه"
تنفس يوسف الصعداء وهو يستمع إلي كلمات الطبيب التي طمأنته بعض الشيء وهتف متلهفًا:
"ينفع ادخله؟"
"مفيش مشكلة"
دلف إلي والده سريعًا فوجده مستلقيًا فوق الفراش يحدق في اللا شيء بنظراتٍ فارغة غريبة علي مرأي يوسف.
همس بوهن وصوت يكاد يُسمع:
"مكنتش عايز كل ده يحصل"
"حضرتك كويس؟"
"انا مكنتش عايز يحصل كده"
لم يفهم حديث والده وظل صامتًا ينتظر تحدثه ولكنه لم يفعل بل شرد بعيدًا في ذلك الشاب الذي قضي صباه في عشق فاطمة تلك الجميلة التي تملكت قلبه وما علي الهوي من سلطان.
عاني بحُرقة الحب سنوات وسنوات بعدما تزوجت وتزوج هو تزوج بجسده أما قلبه فهو كان وما زال ملكًا لها هي فقط.
بعد عقد قران يوسف دلف الي منزل يوسف ووالدته ليريح جسده المُنهك وما ان استلقي بجسده فوق الفراش شعر بأشياء غريبة تحدث حوله طارت محتويات الغرفة من حوله ثم ظلام دامس ابتلعه وأشياء ليست بالجديدة عليه علمها منذ اللحظة الأولي علم أنه سينتقل لأماكن فات علي اخر زيارة له لها أعوام وأعوام.
وجد نفسه في غرفة صغيرة لا تحتوي إلا علي فراش صغير أكلت الرطوبة الجدران بها.
لم يكد يتحرك حتي فُتح الباب ودلفت تلك السيدة إلي الغرفة.. لم يتبين ملامحها في البداية بسبب ضعف الإضاءة ولكن ما ان اقتربت قليلًا حتي خفق قلبه بعنف.
أيخفق القلبُ بعد كل تلك السنوات؟
أيلتاعُ الفؤاد بعد كل ذلك الهجر؟
أيتوقف العالم بعد رؤيته لعينيها حبيبة قلبه بعد مرور الأعوام؟
تأملتها عيناه بشغف لم تستطع الأيام ان تخمده وهتف بنبرة مشتاقة ملتاعة:
"فاطمة"
عيناها اللامعة بأدمع العتاب حدقت به بنفس الاشتياق بل وأشد!
وبِم يفيد الشوق بعد الفراق؟
"خير يا وليد؟"
تحولت مائتا درجة في نبرتها الأخيرة نبرة جامدة هادئة لا روح فيها ولا حياة.
"ليه يا فاطمة؟ ليه مشيتي فجأة بعد ما كل حاجة بقت كويسة؟ ليه بعد ما عيشنا احسن عيشة تمشي فجأة وتكسري كل حاجة حلوة؟ ليه سيبتيني يا فاطمة؟"
ضحكت... ضحكة ساخرة متألمة صدرت من جوفها وهي تنظر إليه بعدم تصديق وأجابت ساخرة:
"اد ايه انا طلعت وحشة!"
حُرقة قلبها وهي تعيد عليه أبشع ذكرياتها كانت الطاغية علي الموقف هتفت بعد صمت دام بينهما ولكن النظرات لم تفعل....
" ليه يا وليد ليه تسيبني؟ انت اللي ظهرت قدامي تاني بعد ما كنت نسيتك... جوزي مات وانت ما صدقت ورجعت قربت مني واقنعتني نتجوز بعد شهور العدة ياريتنا ما اتجوزنا وياريتك ماظهرت تاني في حياتي يا أخي"
بكت مقهورة علي شباب عمرها الذي ضاع نتيجة تهور وليد واسترسلت بالنبرة ذاتها:
"سيبتني حامل ومعايا عيل صغير مش عارفة اروح فين ولا اجي منين بقيت بروح للي يسوي واللي ميسواش عشان يديني لقمة لأبني مش عشاني واسمي في حما راجل يا وليد هه راجل!"
نظر إليها بعدم تصديق وقال يكذبها:
"انتِ مكنتيش حامل انتِ كدابة"
"ياريت اكتر حاجة اتمنتها أني مكنتش ساعتها حامل بس الزمن مبيرجعش وفضلت في المكان الغريب ده لوحدي تسع شهور لحد ما ولدت وكرهته وكرهتك يا وليد وأديه هو وأخوه مختفيين الله اعلم هما فين"
ماذا إن كان ما يظنه صواب؟
ماذا سيفعل؟
من البداية وهو يشعر بشيء غريب تجاهه وتجاه اخيه بملامحه المألوفة ولكنه كان يكذب حدسه ولكن ماذا الآن ماذا ان كان حدسه هو المحق؟
ارتعشت نبرته واهتزت وهمس بصوت يكاد يُسمع لعلها لا تستمع إليه لعلها لا تخبره بما يتوقع سمعه:
"ابني اسمه ايه يا فاطمة؟"
رمقته بنظرة خاوية وهتفت وهي تشيح بوجهها:
"اسلام"
يا ألله! ألعب القدر لعبته ليجمع أبنائه؟ أيلتقي يوسف بشقيقه بعد كل تلك السنوات؟ وهولا يعلم من الأساس أنه شقيقه!
انسدلت العبرات تسفي صحراء وجنتيه القاحلتين وهو يستمع إلي كلماتها التي القتها في وجهه بكره جلي تحمله هَم كل ما حدث لها تحمله مسؤولية كل ما عانته:
"مكرهتش أدك وأده يا وليد من وهو في بطني وأنا مش عايزاه مكنتش عارفة أحبه ولا اديله أي حنان مكنتش عارفة اشوف فيه غيرك وانك سيبتني أعاني لوحدي في حاجات انت السبب فيها"
وما ذنبه إسلام؟ لِم يتحمل نتيجة أفعال والده؟ لِم تكرهه هو؟
"جاي ليه دلوقتي يا وليد؟"
هو لم يأتي مُخيرًا إنما مُجبرًا هو قد نسي ذلك العالم ولكنه لم ينسَ من فيه...
"فاطمة أنا لسة بحبك وكل حاجة حصلت زمان كانت غصب عني أنا اسف سامحيني وهعوضك عن اللي فات"
أجن ذلك الرجل؟ يعوضها عن ماذا؟
سخرت منه هاتفة:
"تعوضني عن ايه بالظبط؟ سنين عمري اللي راحت؟ ولا كسرة قلبي؟ ولا شبابي اللي اندفن؟ ولا وانا بشحت اللقمة عشان أكل محمد؟ ولا وأنا واحدة حامل ومعاها عيل لوحدها من غير ولا قرش مش عارفة تتصرف مش عارفة تتعامل مش عارفة تعيش!"
انهمرت العبرات اكثر فوق وجنتيه عبرات حزينة قليلة الحيلة وهو ينظر إلي انهيارها صامتًا.... أتَكِن له كل ذلك الكره وهو الذي يعيش علي أمل لُقياها؟
تحركت الدنيا من حوله وبدأ كل شيء يتلاشى المكان والفراش والألوان وفاطمة....
عاد من واقعه لا يستطيع التقاط أنفاسه تعرض لجلطة في وقتها ثم لم يعِ بأي شيء من حوله حتي دلوف يوسف منذ قليل..
"بابا حضرتك كويس؟"
نظر إلي يوسف صامتًا متأملًا إياه بهدوء يوسف ضحية له هو الآخر ضحية لفتنته بعالم غريب دلفه راغبًا ولم يستطع إلي الآن الخروج منه مُجبرًا ولكنه اقحم ولده كذلك به بل ولديه....
دمر حياته بيده وها هو يعاني الويلات ويتمني لو يعود الزمن ولكن ليت كل الأماني تُدرك!
"يوسف انا اتجوزت فاطمة علي امك بعد ما جوزها مات وعشت معاها أجمل أيام حياتي بس زي ما تقول كده النفس أمارة بالسوء رجع شيطاني يوسوسلي إني افتح الشقة اللي أبويا قفلها تاني وفتحتها فعلًا وفتحت عليا باب جهنم كنت فاكر إني قفلته بس لما شوفتك انت ونور عرفت اني مقفلتوش"
نظر إليه يوسف بتيه وأردف:
"أنا مش فاهم حاجة"
زفر وليد بعمق وأردف وهو يشير للخارج بوهن:
"هات اللي برا وتعالي"
"مين؟"
"اسلام ومحمد وامك وسارة ومراتك وكلهم يا يوسف"
خرج لا يفهم ما الذي يريده والده فهمّت نوران إليه مسرعة:
"عمو عامل ايه؟"
"عمو عايزكم كلكم"
"إيه؟"
نظر للجميع بالخارج وهتف موجهًا حديثه إليهم:
"لو سمحتوا يا جماعة بابا عايزكم"
تعالت الهمهمات المذهولة من رغبة والده لِم يرغب بهم جميعًا؟
دلفوا جميعًا إلا اسلام ومحمد فنظر إليهم ضاحكًا بسخرية وأردف:
"بابا عايزكم انتم كمان"
"احنا؟"
"ايوة"
نظر إسلام لمحمد بتعجب ولكنهما دلفا في النهاية بصحبة يوسف.
وما ان دلفوا واستقروا في الغرفة حتي اهتزت بهم جميعًا صرخت والدة نوران ذعرًا وهي تقول جزعًا:
"يالهوي زلزال يا رب سلّم يا رب سلّم"
ولكنه لم يكن زلزال!
نظر يوسف إلي نوران التي تتمسك بحافة الفراش وتنظر إليه بالنظرات نفسها.
كانا واثقين انه ليس بزلزال وإنما هما علي حافة الدلوف لخطبٍ جلي سيقلب الأمور رأسًا علي عقب.
"محمد هو في ايه؟"
صمت محمد ولم يجد إجابة شافية يجيب اخاه بها لقد مر بذلك الذعر منذ سنوات وسنوات في طفولته ولكنه ما زال لم ينسي تلك اللحظات وتلك الرجفة التي تملكت بوالدته وهي تتمسك به بقوة صارخة ذعرًا مما يحدث حولهما.
كان اكثرهم هدوءً وليد وكأنه كان يعلم بأن ذلك سيحدث عاجلًا أم أجلًا.
ازدادت حدة الهزات قوة والجميع يناجي ربه عدا سارة التي كانت صامتة وهادئة بشكل يثير الريبة...
اختفت أضواء الغرفة وتلاشي المكان من حولهما وشعروا بالرياح تلفحهم بقوة ورائحة الرطوبة تخنقهم شيء ليس بالجديد علي أغلبهم.
بدأت معالم المكان من حولهم تظهر تدريجيًا كانت غرفة بسيطة لا تحتوي إلا علي فراش صغير كانت نفسها التي زارها وليد منذ قليل.
انقبض قلب إسلام فهو يعلم تلك الغرفة جيدًا اكثر مكان يبغضه في العالم كان تلك الغرفة.
أما محمد فهتف بلهفة مشتاقة:
"ماما يا ماما حضرتك فين؟ "
ومن باب في نهاية الغرفة خرجت منه والدته مبتسمة بشوقٍ تبحث بعينيها عن ولدها ولكن انطفأت ابتسامتها ما إن ابصرت كل ذلك الجمع في غرفتها الصغيرة التي تكاد تسعهم.
تأملتها نوران جيدًا تشعر أنها تعرفها إلا ان تذكرت انها رأتها بالفعل من قبل حينما اخترقت هي ووالد يوسف عقلها وهي في شبابها ولكن محي الزمن شبابها وصغر سنها وحط بأنامله خطوط وجهها.
كانت في عمر والدتها بملامح بسيطة ولسخرية القدر فهي تشبه اسلام للغاية.
"جاي تاني ليه يا وليد؟"
هتفت بحدة وهي تنظر إليه باستنكار إلي ان انتهبت لوالدة يوسف التي نظرت إليها بهدوء كانت تعرفها تلك المرأة السبب الأول في تعاستها وقهرة قلبها وهي تستمع إلي زوجها كل ليلة يهمهم باسمها اثناء نومه حينما يكون معها فقط بجسده أما قلبه وعقله معها هي حينما غادر وتركها وحدها صغيرة تحمل يوسف علي كتفها وأخذ سارة وذهب بعدما أخبرها ان الحياة بينهما أصبحت مستحيلة فحرمها من صغيرتها بسبب تعلقها الجلي به وحبه الشديد لها وذهب بها تاركًا لها يوسف.
قضب محمد جبينه بدهشة وهو يري والمته تعرف والدة يوسف فهتف بحذر:
"ماما حضرتك تعرفيه؟"
نظرت إلي محمد وهتفت بعد صمت:
"ده وليد يا محمد انت نسيته؟"
نظر إليه مليًا لا يتذكره جيدًا ولكن مع كلمة والدته القادمة ستتوالى الذكريات في رأسه كسهم منطلق أصابه غفلةً:
"اللي اتجوزته بعد ما ابوك الله يرحمه مات"
وفاة والده ثم حزن تغلغل أعماقه أثر رؤية والدته تبكي كل ليلة وهو ذلك الصغير الذي لم يفقه شيء في الموت والحياة وتلك الأشياء الكبيرة عليه وجد نفسه يواجه حزن وُضع فيه دون ارادة منه ثم ظهور وليد في حياتهما وتقربه من والدته حتي تزوجها وأنجبا إسلام ليكون ونيس وحدته وشريك أيامه كان صغيره وولده قبل أن يكون أخاه.
لم يكن يشعر بحرقة الألم مثلما شعر بها وهو يري إسلام يستجدي حنانًا من والدته ثم ليلته التي كان يقضيها فوق الفراش باكيًا حتي يغلبه النوم.
حاول ان يعوضه عن ذلك الحنو ولكن أيعوض حنان الأم؟
حسنًا أيعني ذلك ان إسلام شقيق يوسف وسارة؟؟؟؟؟
خرجت كلماته وكأنه يتحدث مع نفسه مذهولًا:
"يعني كده إسلام اخو يوسف؟؟"
نظر إليه يوسف غير مصدقًا ما الذي يقوله محمد فهتف ضاحكًا:
"ايه ياسطا اللي بتقوله ده؟"
زفر والده بقوة وأردف بقوة رغم رهن جسده وحالته:
"أيوة يا يوسف فاطمة طلعت حامل وانا مكنتش اعرف وخلفت إسلام يعني إسلام اخوك انت وسارة"
ما هذا الذي يقوله والده؟
وكيف بعد كل تلك السنوات اجتمعا فجأة؟
كانت نوران تشاهد ما يحدث صامتة ولكن بعد حديث حماها الأخير وجدت نفسها تقول بتلقائية:
"إيه الفيلم الهندي ده؟"
نظرت إليها والدتها شذرًا فالتزمت الصمت.
أما إسلام فنظر لوالدته ان صح ان نقول انها والدته وهتف غير مصدقًا:
"انتِ قولتيلي ان ابويا مات!"
"وهو بالنسبة لي ميت"
"وانا مالي! مش كفاية امي بالنسبة لي ميتة حرمتيني من ابويا كمان ليه؟"
صرخ بها بحرقة وقد فاض الكيل منها ومن أفعالها ومن حرمانه منها ومن والده كذلك فكان ردها عليه صفعة قوية أطاحت بوجهه للجهة الأخرى شهقت اثرها والدة يوسف ووالدة نوران.
رفع رأسه مبتسمًا بجمود وأردف بصوتٍ لا حياة فيه:
"مضايقة ليه؟ انا مش بتبلي عليكِ انتِ عمرك ما كنتِ ليا أم عمرك ما حسيتي بيا أنا لولا محمد كان زماني مشرد في الشوارع انا لو كان قلبي حنلك وسامحك في يوم فأنا دلوقتي بقولك أني مش مسامحك ولا هسامحك علي قهرة قلبي ووجعه"
ركض للخارج وخلفه يوسف ومحمد.
أمسك يوسف به من مرفقه وهتف يوقفه:
"اصبر يا إسلام"
"سيبني يا يوسف"
"اصبر يابني"
انسدلت دمعة مقهورة من عينه حاول محوها سريعًا ولكن رآه يوسف فضمه إليه بقوة مربتًا فوق ظهره بقوة وهو يكبح نفسه عن البكاء وهتف مبتسمًا بنبرة مرحة:
"جرا ايه يالا؟ انت مش فرحان اني اخوك ولا ايه؟"
انهمر إسلام في البكاء أكثر في احضان يوسف فلم يستطع يوسف إلا ان يبادله البكاء وهو يتحدث إليه بمرح لعله يرفه عنه:
"واد يا إسلام متبقاش خفيف كده!"
"يعني انت اللي تقيل ما انت مفلوق من العياط يا يوسف!"
"متشتمش جوزي ياض يا إسلام!"
نظر يوسف لنوران التي خرجت إليهم ووقفت بجانبهما هاتفة :
"انت لازق في جوزي كده ليه؟"
"جوزك ده إيه يا نور انتم كاتبين كتابكم امبارح"
"جوزي ولا مش جوزي يا يوسف؟"
"جوزك طبعًا يا حبيبي بس يا إسلام ملكش دعوة بيها"
ضحكت بقوة فنظر إليها إسلام ببلاهة لا يفهم ما الذي يضحكها الان بينما هو يبكي وزوجها كذلك؟
"واد يا إسلام بقيت مرات اخوك بجد"
"مش هتفرق ربنا يديم عدم القبول اللي ما بينا"
"امين"
توقف عن البكاء ما ان جاءت نوران وكان هدفها من البداية الترفيه عنه ولو قليلًا إسلام نقي وقلبه نظيف... مثل اخيه.
"روّق كده عشان أجوزك ريهام"
نظر إليه بلهفة لا يصدق ما قاله وأردف سريعًا:
"احلف!"
"والله هجوزهالك يا إسلام واروح انا وانت ومحمد نتقدم لأبوها ولو مرضيش هنخطفها"
احتضنه إسلام بقوة وقد تناسي همه بفعلهما فبادله يوسف العناق بمحبة أخوية شعر بها منذ ان وطأت قدمه ذلك المكان وتأكد الآن منها..
جاء محمد جاذبًا إسلام وهو يبتسم إلي يوسف:
"هتاكل عليا الجو وتاخد مني اخويا ولا إيه؟"
"خده خده طرينا يا أخ"
قالت نوران وهي تشير إلي إسلام بحنق ليبتعد.... ضحك الجميع وذهب إسلام بصحبة محمد...
"يوسف"
"نعم؟"
"إيه المسلسل التركي ده؟"
ضحك بقلة حيلة وأجابها وهو يحرك كتفيه بعدم معرفة:
"والله ما عارف ربنا ييسر الحال"
"يارب"
"هما جوا؟"
"اه كلهم انا سبت فاطمة قاعدة مش طايقة نفسها ولية زربونة"
"زر ايه؟"
"زربونة يعني روحها في مناخيرها"
"برضه؟"
"ايوة"
أمسك بيدها مبتسمًا وكاد يتحدث إلا انها قاطعته بحدة مصطنعة:
"انت هتستحلاها بقي ولا ايه؟ كل شوية هتمسك إيدي؟"
"مش كنت من شوية جوزك؟"
"ده كلام"
"كلام!"
اومأت إليه بقوة وهي تبتسم بشغب فانحني يوسف بغتةً طابعًا قبلة دافئة فوق وجنتها أصابت نوران بالخرس المفاجئ.....
"نوران"
نظرت إليه لا تجد ما تقوله بعد ما فعله يكفي وجنتيها التي امتلأتا بحُمرة الخجل..
"نوران!"
"عايز ايه؟"
أجابت بحدة تخفي بها خجلها فعاد يناغشها هاتفًا:
"عايز سلامتك"
"يوسف!"
"عيونه"
"لا إله إلا الله مالك يا ابني انت سخن؟"
"ده انتِ باردة يا نوران سيبيني ابقي رومانسي مرة يا ستي"
ضحكت علي حديثه الأخير وكأن لم تنقلب حياتهما منذ قليل رأسًا علي عقب:
"انت حلو من غير حاجة"
"انتِ شايفة كده؟"
"ايوة"
شقت الابتسامة وجهه ونظر إلي عينيها الحبيبتين الدافئتين هامسًا لها لأول مرة:
"قولتلك أني بحبك؟"
"يخربيت سنينك ده وقته؟"
اطفأت الابتسامة فوق وجهه وماتت حالة الوله بداخله اثر كلماتها الأخيرة ورغم ذلك أردف بالنبرة الدافئة نفسها:
"نوران"
"نعم؟"
قضب حاجبيه وصاح بها وهو يدلف للداخل وقد تحولت نبرته تمامًا:
"غوري من وشي"
"استني بس يا يوسف متبقاش قموصة"
ركضت خلفه بينما هو يغمغم بضيق وهو يشيح بيده:
"يا ستي اسكتي"
امسكت به اخيرًا وهي تضحك بقوة علي وجهه المقضب وهو يعافر حتي لا تخرج ابتسامته التي يكبحها وأخبرته:
"اضحك اضحك محدش واخد منها حاجة"
ضحك بالفعل مشاركًا إياها مستمعًا إلي حديثها التي تخبره بها من وسط ضحكاتها:
"حسة اننا معندناش دم"
"حسة؟ لا اتأكدي احنا معندناش دم فعلًا"
هدأت قليلًا وتساءلت بدلال:
"كنت بتقولي ايه؟"
"ايه؟"
"مش عارفة كنت بتسبل بعينك وقلت كلمة كده"
"ااه لا مش هقولها تاني عشان مش ناقص اسمع رد فعل متخلف منك دلوقتي"
"يوسف!"
امسك بيدها من جديد محركًا اصبعه حول حلقتها الذهبية في بنصرها وهتف مبتسمًا بقلة حيلة:
"بحبك يا نوران"
ابتسمت بخجل لطيف ودارت الفراشات من حولها في شعور لطالما قرأته في الروايات ولكنها تجربه الآن ويا له من شعور!
لمعت عيناها سعيدة وقفز فجأة في عقلها مشهد لهما حينما كانا علي تلك الجزيرة المشؤومة ومزاح يوسف المعتاد حينما سألها للأبد؟
فأردفت هي تلك المرة:
"للأبد
"للأبد ايه؟"
"ستظل تحبنني للأبد؟"
تنهد بقوة ثم اردف ضاحكًا وهو يحاوط كتفها جاذبًا إياها للداخل حيث الجميع:
"ان شاء الله ان كان ليا عُمر"
"يا فصيل"
"ده انا؟"
تبادلا الضحكات والابتسامات داعين العالم يحترق من خلفهما فليذهب العالم إلي الجحيم كل شيء سوف يتم حله... الأمور ستأخذ مجراها الصحيح ويعود كل شيء في مكانه وان لم يفعل ما المشكلة؟
المهم ان يعيشا مستمتعين بحياتهما وكأنها اللحظة الأخيرة لهما.
ذهبت نوران معه وفي عقلها تصدح تلك الجملة بقوة ولا تستطيع ان توقفها:
"اخيرًا جالها... جالها جال احبك جالها وانا جلبي جلبي نبضه توقف بعدها"
_____________________________
هيييييح كم نحن بحاجة لمن يشعر بنا😢❤
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنت تقرأ
فُرض عليهما الحب
Fantasyعالم جديد ابتلعهما فرض عليهما الحب ولكن أيستسلما له أم يقاوما تيار الحب الجارف الذي امتلكهما؟