الفصل الثامن

1.9K 78 10
                                    

الفصل الثامن

ياربِّ قلبي لم يَعُدْ كافياً
لأنَّ مَنْ أُحِبُّها . . تعادلُ الدُنيا
فَضَعْ بصدري واحداً غيرَهُ
يكونُ في مساحةِ الدُنيا
#نزار قباني
             * * * * * *

ابصرها ومقلتيه تشع من الحنين والشوق لها فضيان، كم أراد ان يبوح بما يكنه من مشاعر جياشة لها، عيناه تسرد من عبرات الحب سطورا؛ لكنها لم تعي، او ربما لا تريد أن تصدق ما رآته بداخلهما، غارقة في بحور احزانها، رافضة التقرب من المنطقة المحظوره الخطرة بالنسبه لها، ومن قلعته المليئة ببراكين وحمم اشواقه، وإلى متى ستظل حبيسة.. سجينه بداخله؟
فاقت على يده الممدوده بكل حب لها ليصافحها، تبسمت وقالت في خجل هامسه:

- اهلا يا دكتور أمان، هو حضرتك عضو هنا في النادي؟

اجابها وهما يسير  بجانبها، فقد كانت جسدا بجانبه؛ بينما روحها التي يتوق إليها يشعر انها بعيده عنه مسافات واميال، تنهد قائلا:

- مشترگ هنا من زمان بس للأسف مش باجي كتير، لولا بس فادي ابني اتحايل عليا مكنتش جيت، انتي معاكي حد ولا جاية لوحدگ؟
- لا جاية مع سمية مرات اخويا، ولادها بيتدربوا في السباحه، سبت معاها شادي، وقولت اتمشى والف التراك كام مره.

كانت تقول حديثها ولا يعلم لماذا الحزن ما زال مسيطر على ملامحها، يجزم ان نور وجهها معتم حزين في ليلة شتاء شديدة الظلام غاب فيها قمر الزمان، كم أراد أن يبدل هذا الظلام الدامس، لاشراقة ونور يضئ الكون كله، فهي لا تستحق كل هذا الحزن، لكن ليس بيده شيء يفعله ليخفف الآمها غير أنه يكون داعم لها، ظل صامتًا، تائها معها في كل تفاصيلها، وحراكتها حين تتحدث، يبصرها بحب من طرف واحد يتمنى أن تبادله إياه، يعلم أنه خالف كل القوانين بحبه لمريضته، لكنه بشر حن واشفق عليها من قبل أن يراها، شيء خفي اهتزت له كل أوصاله عندما قرأ احرفها، تلاقت روحه وتعانقت مع روحها، ومن لحظتها وهو يسبح بداخل اسطرها ولا يعلم اي نهاية ستكتب لقصتهما، كل الذي يعلمه انه وجد اخيرًا توأم روحه،  قطع الصمت حين لمح على بعد البصر اختة "آلاء" فقال لها داعيها للتقدم نحوها:

- آلاء جت اخيرًا، تعالي سلمي عليها ونشرب أي حاجة.
- هسلم عليها بس اعفيني مش هقدر أقعد معاكوا عشان اتأخرت على شادي وزمانه عايز ياكل.

صافحتها "آلاء" بكل حب، وجلست معهما تحت إلحاحها لبعض من الوقت، اطمئنت على احوالها، ثم نهضت وسارت في خطاها متوجهه لابنها كل ما تبقى لها من دنياها، عانقته وضمته بحب؛ ثم قبلته واخرجت طعامه من الحقيبه، واطعمته بذهن شارد وتائه.

عيونه كانت تنظر مكان خط سيرها تترجاها بالا تستعجل الرحيل، بـ الا تتركه وتأخذ روحه المشتاقه للمكوث بجوارها، ظل صامتًا وتبدل فرحته لحزن؛ لاحظت اخته ما يدور بداخله، فقد كان سماع صراخ قلبه وسرعة نبضاته يصل لها، فنظراته تفضح ما يحاول يخفيه عن الجميع، فمن السهل عليها ترجمة ما تراه، وكيف لا وهي عاشقة حد النخاع وتعلم وجع القلب كيف يكون؟
ربتت على يده بحنان قائلة:

الغزال الباكي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن