الفصل الخامس عشر

2.1K 240 7
                                    

ـ أنا مقولتش أن عندي وسواس قهري، أنا بقول لو هنفترض.
ـ وأنا قولتلك قبل كده يا ليلى إنك بتعاني من الوسواس القهري، ولازم تقتنعي بِده عشان نعرف ناخد خطوات العلاج.
هكذا هتفت فريدة بحدة في وجه ليلى التي جاءت لها للمرة الثانية؛ فهي حقًا تشعر إنها تريد مساعدة أحد، ولكن عقلها يرفض تصديق الأمر!
سندت بظهرها على الفراش المخصص لها، غمضت عينيها ثم هتف قائلةً:
ـ ماشي يا دكتور، أنا عندي الزفت ده، ممكن أعرف الخطوة اللي بعد كده؟
ابتسمت فريدة بنتصار؛ فذلك ما كانت تريده، أن ليلى تقتنع إنها مريضة بحق لكي تبدأ معها العلاج، وأول خطوات العلاج هو أقناع العقل أن ما يفعله هو شاذ!
مسكت مذكرتها الصغيرة والقلم بعدما عدلت من نظارتها وقالت لها:
ـ دلوقت يا ليلى لازم نعرف الأول أنتِ عندك انواع إيه من الهوس تمام؟
سقطت دموعها وهي تؤمأ لها، تفهمت الطبيبة حالتها، رفعت نظارتها وسألتها:
ـ بتخافي من التلوث يا ليلى؟
ـ آه.
هكذا هتفت في خوف؛ فسألتها الطبيبة من جديد:
ـ أحكيلي عنه، بتعملي إيه؟ وبتحسي بإيه؟
فتحت عينيها ببطيء، مسحت دموعها بأناملها ثم هتفت قائلة:
ـ أنا مش بحب شكل التراب، ولا شكل أي حاجة مش نضيفة، الموضوع بيكون مقزز، يعني أيدي اللي كلها جراثيم وتراب وقرف هاكل بيها! فبحب أغسلها كتير، بس!
ابتسمت وطرقت قلمها وسألتها ببساطة:
ـ عمرك أذيتي نفسك بسبب النظافة؟
توترت! بدأت أن تفرك في يدها بشكل ملحوظ، لحظت فريدة توترها؛ فبتسمت لها وقالت لها مطمئنة إياها:
ـ اتكلمي يا ليلى، أي حاجة هتقوليها هتكون سر بنا، وأي حاجة هتكوني عملتيها فهي عادي عشان مرضك، ده مش عيب.
نجحت أن تُبث لقلبها شعور الأمان والأرتياح، تنهدت ثم هتف قائلةً:
ـ أوقات وأنا باخد دش وكده، بلاقي أن جسمي بدأ يتعور، أو ينزف، بس.. بس أنا مش بكون ندمانه يعني، أصلي بحس أن في حد بيقولي أنتِ كده نضيفة، أو مثلًا كده أنتِ أتخلصتي من كل الجراثيم؛ فبكون مبسوطة ومش زعلانة أني أتعورت أصلًا.
أومأت الطبيبة بتفهم، لم تعقب، فقط سألتها:
ـ بوظتي أي حاجة في البيت قبل كده بسبب النضافة؟
ضحكت! ضحكت وهي تتذكر ذلك الموقف ثم قالت:
ـ مرة كان في طازة فيها حاجة مش نضيفة، كان فيها حاجات كده سودا، وكنت عايزة أعمل أكل، فضلت أغسل فيها وأقشر فيها بكل قوتي لحد ما بقى لونها أبيض كده، كنت فرحانة بقى أنها نضفت خلاص؛ لكن ماما جت وزعقت وعرفت أني بوظت الطازة التيفال، وأن الحاجات السودا دي كانت من أثر الأستعمال وأن عادي بيتقشر منها أجزاء! وقتها زعقتلي جامد وكانت خناقة كبيرة، ومن وقتها وأنا بحاول أقنع عقلي أن الحاجة اللي حواليا نضيفة، أكيد ماما مش هتسبها فيها جراثيم وأتربة، ولحدٍ ما بقتنع.
مسكت فريدة قلمها ودوّنت شيء وعلّمت بجواره بعلامة صواب ثم سألتها:
ـ أوقات بيجيلك شعور أنك وحشة؟ مش مرغوب فيكِ؟
ابتسمت لها بثقل وأردفت:
ـ لما بفشل بحس بكده.
ـ ولو مفشلتيش؟ بتحسي بكده برضه؟
ـ لا.
ـ طب الناس اللي أذتك؟ بتخافي منها يا ليلى؟
عقدت جبينها بتعقب وهي تفكر في سؤالها ثم هتفت:
ـ لا، بالعكس بحس أني عايزة أثبت لهم أني ناجحة وشاطرة، بحس أن كده باخد حقي منهم.
أومأت لها ثم دوّنت شيء من جديد ووضعت أمامه علامة خطأ ثم سألتها من جديد.
ـ الحاجاتك القديمة، بتحسي بإيه من ناحيتها؟ بتحبي تحتفظي بيها؟ ولا عادي لو رمتيها؟
نظرت للسقف، فكرت لثوانٍ ثم هتفت:
ـ بحب أحتفظ بيها أيوا، بحس أن جوايا أمتنان ليها ومشاعر كتير ناحيتها؛ فمش بحب أرميها، يمكن اهلي بيستغربوا من ده، بس أنا شيفاه عادي يعني!
فعلت الطبيبة مثلما فعلت من قبل في مذكراتها وكتبت بجوار ما دوّنته صواب ثم سألتها سؤالًا جديد:
ـ بتشكّي في أعمالك يا ليلى؟
لم تفهم سؤالها؛ فسألتها هي قائلةً:
ـ يعني إيه؟
عدلت نظارتها وأردفت:
ًـ يعني بتحبي تتأكدي أنك عملتي الحاجة؟ لو قفلتي الباب مثلًا بتلاقي في صوت بيقولك لا شكلك مقفلتيش الباب روحي اتأكدي، أو مثلًا بتّممي على شغلك أكتر من مرة على الرغم أنك متأكدة أنك عملتي اللي مطلوب منك؟
ـ نفت برأسها وهي تهتف:
ـ لا.
أومأت لها فريدة وعلّمت بخطأ، ثم طرحت عليها أخر سؤال قائلةً:
ـ كلميني عن النظام، بتحبي النظام؟
ابتسمت بتساع وهي تردف:
ـ جدًا، بتعصب لما بلاقي حاجة مش في مكانها، لو الأكل مش مظبوط في الطبق وبشكل منسق بتعصب بشكل هستيري! ويمكن دي أكتر حاجة مسببالي كلام سلبي بعد حوار النظافة!
تفهمت كلماتها، دوّنت أخر شيء ثم غلقت تلك المذكرة وهتفت قائلةً:
ـ حلو جدًا يا ليلى، دلوقت أحنا في مرحلة تشخيص أنواع الهوس اللي عندك.
نظرت في المذكرة ثم واصلت:
ـ أنتِ بتعاني من هوس النظافة، وهوس اسمه الأكتناز وده حب الأحتفاظ بذكرياتك وبحاجاتك عمتًا، وهوس التنظيم وده حبك لترتيب الأشياء رغم أنك عارفه أن الحاجة دي هتتبهدل تاني!
عدلت ليلى من جلستها وقالت لها وهي تمسح بعض من قطرات العرق التي تكوّنت على جبينها وقالت:
ـ يعني أنا عندي كل ده؟
ابتسمت لها فريدة برفق وأردفت:
ـ هتعرفي تتخلصي منهم يا ليلى متخفيش، المهم دلوقت أننا نشتغل على أول خطوة في العلاج، وهي أنك تقنعي عقلك أن ده مرض، أنك تأذي جلدك عشان متصوره أنك كده بتنضفيه ده غلط ومش صح، أنك بتظبطي كل حاجة رغم أنها هتتبهدل تاني ده مش صح، كل ما تيجي تعملي حاجة ليها علاقة بهوس الترتيب والنظافة هتقولي لعقلك أن ده غلط وأن ده تصرف فوق الطبيعي.
مسكت ورقة صغيرة وكتبت فيها بعض الأشياء ثم قدمتها لليلى وهي تقول لها:
ـ هنمشي على العلاج ده لحد ما أشوفك المرة التانية تمام؟
كانت ليلى تشعر براحة بعد تلك الجلسة، ابتسمت لها وأخذت منها تلك الورقة ووضعتها في حقيبتها وهي تقول لها:
ـ هو أنا هكون طبيعية يا دكتور؟
ابتسمت لها فريدة وأردفت:
ـ علاجك معظمه هيكون نفسي يا ليلى، وده هيسهل عليكِ كتير، هي مسئلة وقت، أعتبري نفسك بتيجي تتكلمي مع صاحبتك وتمشي، أتفقنا؟
شكرتها وهي تنهض ثم ودعتها وترجلت للأسفل، نظرت للسماء وهي تستنشق الهواء براحة، من الواضح أنها وضعت قدمها على أول الطريق لكي تتخلص من كل مخاوفها الوهميّة!
                        *******************
ولكن في مكانٍ أخر، كان زين بجلس على الطاولة في ذلك المقهى الليلى الذي أعتاد أن يجلس عليه مؤخرًا منذ أخر شجار حدث بينه وبين عشق.
كان يجلس وأمامه كأس صغير من الكحول، وقبل أن يحتسيّ ظهرت عشق من العدم كعادتها، كانت تقف هناك عِند البار وتطلب من النادل شيء، نهض سريعًا ولحقها؛ فهي منذ أخر شجار وهي مختفيه عنه وعن الجميع، لا يفهم شيء، ولا يفهم ما حدث لكي تختفي بهذا الشكل.
على أي حال وقف أمامها ومسكها من معصمها وهو يسألها قائلًا:
ـ عشق؟؟
كانت لا تعلم تفرح إنها رأته أم تغضب لأن هكذا جاء وقت المواجهة؟
على أي حال؛ فهي كانت تشعر بسعادة بداخلها، وعلى رغم من ذلك؛ عبث وجهها بضيق ونفضت يدها منه وهي تهتف قائلةً بحدة:
ـ زين في إيه؟
نظر لها بأمتعاض ثم صاح عليها بحنق:
ـ هو أنتِ ليه بتعملي كده؟ ليه كل شوية بتختفي؟
ـ أنت عايز إيه؟؟
ـ عايز أفهم يا عشق.
هكذا صاح بغضب، وهكذا أيضًا بدأت الناس أن تلتفت عليهم على الرغم من صوت الموسيقى المرتفع.
دارت بعينيها بين الجموع ثم مسكت يده وقالت:
ـ تعالى نقعد بعيد، الناس بتبص علينا.
وبالفعل تحركوا نحو طاولة وجلسوا عليها، كان يراقب تعابير وجهها بتركيز، يريد أن يفهم كل شيء الأن.
ـ عايز تفهم إيه؟
هكذا سألته بعدما تنهدت، نظر لها بتركيز ثم هتف قائلًا:
ـ عايز أفهم إيه حكايتك يا عشق، ولا... ولا يا بحر؟  إيه حكايتك بالظبط وليه بتهربي من أي حاجة تخصّك؟
نظرت حولها ثم نهضت وهي تقول له:
ـ لو عايز تفهم حكايتي تعالى نروح مكان هادي، شكل وقت المواجهة جيه خلاص!
لم يفهم من كلماتها شيء كالعادة؛ ولكن على أي حال تحركوا بالفعل للخارج وأنتقلوا لمقهى هادئ في وسط المدينة.
جلسوا على الطاولة بهدوء، كان ينظر لها بترقب، ينتظرها أن تتحدث.
وهي كانت تعبث بأصابعها على الطاولة بتوتر شديد، كانت عينه على ملامحها بشكل ملحوظ، أخذت شهيقًا طويلًا ثم هتفت قائلةً:
ـ طيب يا زين، هحكيلك بس مش عايزة أشوف في عينك نظرة شفقة أبدًا، أنا... أنا قوية، عايزة دايمًا أشوف في عيون كل الناس أني قوية، أنا مش ضعيفة.
شعر بضعفها، رأَ الدموع الحبيسة في مقلتيها، تسحب بيده ومسك كف يدها لعلها تطمئن، ابتسم لها بحنان ثم قال:
ـ قولي يا عشق، سمعك.
ـ اسم الورق بحر، بحر عبد السلام، وأنا أصلًا غلطة، غبطة نتيجة غلطة زنـ ـة حصلت بين أمي وأبويا، أبويا اللي أول لما عرف إن أمي حامل فيا هرب وسابها ومحدش عرف له طريق أبدًا، جيت للدنيا وأنا مليش حد، وأمي ماتت بعد ما كملت ال16 سنة، عيلة في سن 16 سنة ومش عارفة أعمل حاجة، مش عارفة أتحرك ولا أشتغل ولا أعمل أي حاجة في حياتي بسبب أن مش معايا ورق! وده طبعًا بسبب القانون الجديد.
لحد ما أتعرض عليا الشغل في النايت ده اللي شوفتني فيه، اشتغلت فيه بس كان شرطي أن صاحب النايت يديني فلوس ويتوسطلي عشان أعرف أثبِتْ نسبي حتى لو تزوير، وبالفعل بالتزوير عرفت أخلي اسمي بحر عبد السلام، طلعت بطاقة وشهادة ميلاد تزوير، ونزلت الشغل.
وبعدها عرفت أن في مدارس محو أمية فتحت اقدر من خلالها أخد الشهادة الأبتدائية والأعدادية والثانوية في فترة أقل، وفعلًا بدأت شغل معاه وكل شيء بالنسبالي أتحل، وخدت الشهادات وقدمت في الكلية وكل شيء مِشي زي ما كنت عايزة، بس بأوراق مضروبة!
كان يستمع لها بإنصات شديد، لا يعلم يحزن عليها بسبب كل ما مرت بهِ أم لأنها كذبت عليه؟ هو يعلم جيدًا القانون الجديد؛ الذي ينص أن لا يعمل ولا يتعلم أحد دون أوراق رسمية تثبت نسب الشخص، وهكذا تتوقف حياة الشخص بكل المقاييس! على أي حال فهو ترك كل شيء بجانبًا وسألها:
ـ وكان شغلك عبارة عن إيه في النايت؟
ابتسمت نصف ابتسامة وهي تمسح دموعها وأجابت:
ـ بجُر الناس، بيجي الزبون بقرب منه وأخليه يتكلم وفي الأخر صاحب المكان يزُق عليه بنت من اللي هو ده شغلها، والدنيا كانت ماشية زي الفل، لحد... لحد ما قابلتك يا زين.
ـ طب بباكُ؟ معرفتيش عنه حاجة؟
هكذا سألها، لكن الأخرى نفت برأسها وهي تجيب قائلةً:
ـ أبدًا، معرفش شكله أصلًا، ولا أي شيء عنه!
كان مشفق عليها، يتخيل كل ما مرت بهِ في الحياة بسبب تلك الغلطة التي لا يد لها فيها! مسك يدها من جديد بعدما سحبتها هي منه، وقال:
ـ وأنتِ فعلًا قوية يا بحر، قوية عشان عرفتي تتصرفي حتى لو بطريقة مش صح، كل اللي عملتي كان نتيجة غلطة ملكيش ذنب فيها، بس... بس أنا حبيتك، وكل اللي قولتي ده مبيفرقش معايا.
ـ حتى بعد ما عرفت أنا أصلي إيه!
ـ أيوا يا بحر، وعايز ابدأ معاكِ صفحة جديدة.
هكذا هتف بسعادة صادقة، ولكن هي بسبب ما رأته في حياتها اصبحت غير قادرة على الثقة في أي أحد، سحبت يدها من يده، مسحت دموعها من جديد ثم هتفت قائلةً:
ـ سبني أخد وقتي يا زين، أنا لحد دلوقت مش مدركة أني طلعت السر اللي فضلت طول عمري مخبياه.
ـ وأنا هستنى ردك، وعارف إنك محتاجاني في حياتك زي ما أنا محتاجك يا بحر.
سمعت كلماته ثم نهضت وهي تبتسم له وغادرت المكان، بينما هو فظل جالس في مكانه لا يعلم إذا ما فعله صحيح أم خطأ، هل هي صادقة أم كاذبة ومخادعة؟ كانت رأسه على وشك الأنفجار، خرّج هاتفه من جيب سرواله وأجرى مكالمة ليامن صديقه؛ فهو منذ عقد قرأنه على ليان وهو لا يعلم عنه شيء، أجرى مكالمة له وفي ثوانٍ كان جاءه الرد.
ـ ألو أنت فين؟
ـ عاش من شاف يا بيه، إيه لسه فاكرني!
هكذا صاح عليه يامن بعصبية فور سماع صوته، بينما زين فهتف قائلًا:
ـ عايز أشوفك.
ـ تعالى على البيت مستنيك يا حيوان.
وهكذا غلقت المكالمة بينهم.
                        *******************
بينما أسيل؛ فكانت فاقت منذ فترة وفهمت إين هي، كانت تجلس مع قبيلة بدوية! جلبوا لها طعام وشراب وجلسوا يفهموا منها ما حكايتها، بالطبع ألفت لهم أي شيء لكي يساعدوها.
ـ يعني توا أنتِ تريدي تعرفي تمشي شور القاهرهً كيف ؟؟!
لم تفهمها جيدًا، ولكنها خمّنت إنه يتأكد مِنها إلى أين تريد أن تذهب.
سألته للتأكيد من ظنونها وقالت:
ـ قصدك أني عايزة أعرف أزاي اروح القاهرة؟
هزّ رأسه بتأكيد لحديثها، بينما أسيل فأومأت سريعًا برأسها وهتفت بتأكيد:
ـ أيوا، بالظبط كده.
ابتسم لها برفق، ثم صاح على الرجال قائلًا لهم:
ـ صبي ياود جيب وَكلّ وشرب للبنت؛ لزوم السفر، صبي يابنتي معايا.
نهى جملتها وترجل خطوات للأمام، فهمت إنه يقول لها أتبعيني،
وبالفعل ترجل نحو مجموعة من الإبل وهي كانت خلفه، أنتظروا دقائق حتى جاء شاب وضع حقيبة صغيرة بها طعام وشراب أمام أسيل، ربت ذلك الرجل على ظهر الإبل وهتف:
ـ أركبي يا بنتي، هوصلك بالناقة لحد الطريق، ونركبك سيارة توصلِك.
ـ بيتركب أزاي ده يا حج؟
هكذا قالت أسيل وهي تنظر للناقة بجهل، ابتسم لها ومد يده لها وقال:
ـ يلا أركبي متخفيش.
وبالفعل صعدت ذلك الإبل بمساعدته، وهو صعد الإبل الأخر، كان هو في المقدمة وهي تمشي خلفه، ظلوا هكذا لمدة خمس عشر دقائق تقريبًا.
أخيرًا وقف السيد سالم؛ فكان على بُعد أمتار بسيطة من الطريق،   هبطت من على الإبل وعلى وجهها ابتسامة عريضة تشق وجهها، لا تصدق إنها أخيرًا سوف تصل لمنزلها مرة أخرى!
نظرت له بإتمنان وصاحت قائلة:
ـ أنا مش عارفة أقولك إيه بجد.
ابتسم لها بوِد وهو يتقدم للطريق بعض الخطوات وهي خلفه وقال:
ـ على إيش يابنتي، هذي الأصول، توا تجي عربية شورنا تأخذك وتوصلِك أي مطرح تريدي تمشي له، وهتوصلِك كيف ما أنتِ عاوزه.
وقفوا أمام الطريق مباشرةً، شكرته مرة أخرى وظلوا واقفين هكذا حتى آتت السيارة بالفعل، ودعت العم سالم وشكرته بأمتنان مرة أخرى، وبعدما وصى العم سالم السائق الذي هو من قبيلته عليها جيدًا، وأكدّ عليه أن لا يطرقها إلا عند باب منزلها؛ ودعها مرة أخرى ووصاها على حالها، ابتسمت له وشكرته من جديد وهي تترجل للسيارة، وفي ثوانٍ كانت تنطلق بها السيارة نحو القاهرة.

رحلة عبر الزمنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن