ـ مين دخل؟
تلكّم فمها، تنحنحت وقالت بثبات مزيف:
ـ أنا، أنا...
ـ سمر دكتور عز عايزك.
هكذا صاحت عليها صديقتها وهي تظهر رأسها من الباب ثم أنصرفت في الحال! كانت أسيل خلف الباب
ولكن الأخرى قالت لها أنها آتية ثم أنصرفت خلفها!
تنفست الصعداء وهي تحمد ربها! لا تفهم شيء ولكنها حمدت الله، ما يحدث يشعرها إنهم أعتادوا على ذلك!
بالتأكيد كل ما ساعدها على عدم فضحها هو عدم الرؤية، فتلك السيدة التي سألتها من هي كانت تراها بتشويش، الغرفة بأكملة كانت مظلمة ولا يوجد غير كشاف هاتف ضعيف للغاية.
وقفت ضجيج رأسها وخرجت من حقيبتها كشاف كبير، شغلته وبدأت تبحث عن زي مثل الذي ترتدي.
عثرت عليه بسهولة، وضعته في حقيبتها ووضعت معه الكشاف وركضت للدور الأول من جديد.
دخلت المرحاض وطرقت على ليلى، كانت ليلى تموت رعبًا داخل المرحاض.
تضع يدها على فمها لكي لا تصدر أي صوت.
ظلت تطرق عليها وهي لم ترد! قلقت عليها فبدأت بهمس تنادي عليها باسمها.
أخيرًا أستجابت لها وفتحت لها الباب.
ومع فتحها لباب المرحاض عاد النور مرة أخرى.
لم تعطيها أسيل وقت للرد أو للصياح لأنها تأخرت، فقط وضعت الملابس في يدها وقالت لها هِمّي سريعًا وغلقت الباب عليها.
والأخرى تلبّش جسدها بسبب عودة النور، غلقت الباب عليها وفي ثوانٍ كانت تبدل ملابسها.
كل شيء أصبح جاهز، متبقى الجزء الثاني والأهم في الخطة.
مسكت أسيل يد ليلى وصعدوا الدرج بهدوء، كانا يمشون في المشفى بثقة رغم أرتجاف يد ليلى.
نظرت أسيل لليلى وهمست لها قائلة:
ـ إننا نمشي سوا كده هيلفت النظر، روحي دوري على نوح في الأوض اللي مكتوب عليها عنبر، ولما تلاقيه أتصلي بيا أو أبعتيلي مسدچ.
نظرت لها ليلى برجاء أن لا تتركها بمفردها ولكن أسيل لم تعطيها فرصة لقول شيء، فلتت يدها وبخطوات سريعة أتجهت نحو الدرج وصعدت للطابق الثاني وبدأت في البحث عن نوح.
بينما ليلى فنظرت حولها بتيه ثم بدأت في تجميع أعصابها وبدأت هي الأخرى في البحث عن نوح.
كانت أسيل تفتح كل عنبر يقابلها وتبحث في وجوه الأناس وعندما تتأكد إن لا يوجد أثر لنوح تغلق الباب قبل أن أحد يلاحظ، ظلت هكذا حتى انتهت من الطابق الثاني بأكمله، ولم تعثر عليه بعد.
وقبل أن تصعد للطابق التالي قررت أن تهبط الطابق السابق وتبحث فيه بنفسها؛ فهي لم تثق في ليلى، توترها يجعلها غير مكترثة لأي شيء، من الممكن أن يكون نوح في أحدى الغرف وهى لم تراه بسبب خوفها!
وبالفعل هبطت لأسفل وبدأت تفتح كل عنبر يأتي أمامها، لم تعثر عليه، وقبل أن تيأس رأت عنبر في أخر الممر، إتجهت له بخطوات سريعة وفتحته.
ولسوء حظها قابلت أحدى العاميلات من طقم التمريض.
دخلت أسيل الغرفة وكأنها ضُربت على رأسها بالمطرقة، نظرت لها السيدة بريبة لكنها لم توجه لها حديث.
فقط وقفت ورمقتها من أسفل قدميها لشعر رأسها ثم أنصرفت!
بينما أسيل فنظرت لحالها ولم تعقّب على شيء، ولكنها خرجت من تلك الحالة على ذلك الشخص اللي يصيح باسمها!
ولم يكن غير نوح!
لم تصدق إنها سمعت صوته، نظرت حولها سريعًا ورأته بالفعل.
كان يجلس على الفراش ويخبئ نفسه بذلك الغطأ ولم يظهر منه سوى طرف صغير من رأسه، وهناك رجال يجلسون معه على نفس الفراش!
خرج رأسه من ذلك الفراش وصاح عليها وهو الأخر غير مصدق إنها هي بالفعل! تخيل إنه يتهيأ له ولكنها آتت لعنده بالفعل!
أقتربت من الفراش ومدت يدها له وهي تهتف غير مصدقة:
ـ نوح! أنت... أنت بجد؟؟ أنا لقيتك!
ـ أسيل! أسيل ألحقيني... ألحقيني هموت.
هكذا هتف وهو على وشك البكاء.
نظرت له بشفقة ثم بدلت نظراتها على هؤلاء الرجال المتربصين له، لم تفهم شيء، نظرت لهم بخوف وسألت:
ـ هما مين دول؟ وقاعدين كده ليه؟
ـ معرفش، والله ما أعرف.
هكذا صاح بصوت عالٍ نسبيًا جعلهم ينظرون له بشر صح، خاف وتكوّر على حاله من جديد، بينما هي فتذكرت أن لا يوجد وقت، وأن في أي وقت سينكشف أمرهم.
سحبت الغطأ بعنف من عليت وهتفت قائلة:
ـ قوم معايا مش وقته.
ـ يقوم يروح فين؟ ده عم فجلة صاحبنا ومش هيتحرك من هنا.
هكذا هتف ذلك الرجل الأصلع الذي يجلس على يمين نوح.
نظرت له بخوف ثم هتفت متسائلة:
ـ فجلة مين؟
تدخل الرجل الثاني، اقترب من نوح وربت على كتفيه وهو يقول ببسمة تشق وجهه:
ـ فجلة ده يكون أجدع صاحب لينا، طول عمره بيجيب لينا الفجل من السوق، أنتِ متعرفهوش؟!
ـ ألحقيني يا أسيل من سوق الخضار ده!
هكذا هتف بتوسُّل لها! بينما هي فنظرت لهم وهي تعلم تمامًا إنهم مرضى، وبالتأكيد عقلهم ليس على أكمل وجه!
حاولت أن تدارك الموقف، جاء في ذهنها فكرة رائعة وقررت تنفيذها.
وقفت بجانب نوح وأشارت بيدها على نوح وقالت:
ـ أي رأيكم نروح سوا السوق؟ وفجلة هو اللي هيساعدكم إنكم تنقوا الفجل؟
ـ بجد يعني هنعمل سلطة؟
ـ ونجيب فراخ!
ـ ونطبخ رز وبامية؟؟
هكذا هتفوا جميعهم بحماس شديد! هل هم محرومين من ذلك الطعام؟! لم تفهم شيء، ولم تعطي وقت لعواطفها أن تؤثر عليها.
ابتسمت وقالت:
ـ أيوا، بس روحوا ألبسوا يلا، كل واحد يلبس أحسن حاجة عنده.
وفي لمح البصر أنصرفوا جميعًا لكي يبدلوا ملابسهم، لم يبتعدوا عنهم كثيرًا، فقط كل واحد منهم ترجل نحو فراشه وبدأ أن يبحثوا عن ملابسهم لكي يرتدوها.
أشارت أسيل لنوح سريعًا لكي يهّم وينهض، أزاح الفراش ونهض سريعًا وأرتدى حذائه، وقبل أن يتحركوا سويًا أنفتح الباب بعنف!
ولم تكن غير ليلى التي كانت آتية تركض من أحدهم، دخلت الغرفة وأغلقت الباب خلفها، وقبل أن تأخذ أنفاسها سمعت صوت أسيل!
شعرت أن الله أرسل لها نجدة من السماء.
دارت بعينيها في أنحاء الغرفة سريعًا ورأت أسيل ونوح.
ركضت نحوهم سريعًا وبأنفاس متقاطعة قالت لهم:
ـ أتقفشنا، بت مسكتني وعرفت اني مش من طقم التمريض وجريت ورايا وخلّت المستشفى كلها تجري ورايا.
مع أنتهاء جملتها سمعوا أصوات آتية من خلف باب الغرفة، مسكت أسيل يد نوح وصاحت برعب وهي تركض في أتجاة تلك الشرفة المحاطه بسلك حديدي.
ـ الله يخرب بيت امـ ـك! أجري يا ليلى.
ركضت خلفهم ليلى وهي على وشك الأنهيار.
وقفت أسيل عند الشرفة التي كان بها عازل حديدي.
وقبل أن تفكر ماذا يفعلوا كان نوح يدفعه بيده بعنف والعازل يهبط بسبب تآكله من الشمس.
ـ هنّط؟
هكذا سألت ليلى.
وقبل أن تجيبها أسيل كان الباب يُفتح والجميع يصيح أن يمسكوهم!
نظرت لهم أسيل وهتفت وهي تستعد للقفز:
ـ مفيش حل تاني، نطّوا.
وبالفعل قفزوا ثلاثتهم! لم يحدث لهم شيء سيء بسبب قصر المسافة.
ولكن كل ما حدث أن صُدم نوح بلوح خشبي أثر على قدمه، بينما ليلى فألتوت قدميها تحت فخذيها، أما أسيل فلم يحدث لها شيء!
وقبل أن تبحث أسيل عن هاتفها لكي تهاتف سفيان كانت رأته يأتي لهم بالسيارة؛ فتلك الغرفة التي قفزوا منها كانت تطل على الشارع الخلفي، ولحظهم كان سفيان ينتظرهم في سيارته في ذلك الشارع.
كان يجلس في السيارة ينتظر منهم أي شيء يطمئنه عليهم، ولكن لم يحدث أي شيء، وقبل أن يقرر أن يدخل المشفى ويبحث عنهم رأَ أناس يقفزون من شرفة! وقع قلبه في قدمه من أثر الصدمة، تخيل أن أحدهم أنتحر!
ولكن تبخرت ظنونه عندما رأَ أسيل تمسك رأسها التي صدمت بالأرض بعنف وتنهض على عاجلة غير مكترثة لألآم رأسها، كانت تفحص أصدقاءها بلهفة.
تحرك بالسيارة وأقترب منهم، ترجل سريعًا نحوها وبدأ أن يسألها:
ـ حصل إيه؟ أنتوا كويسين.
بينما الأخرى فكانت تحاول تساعد ليلى التي تتأوة من الألآم على النهوض، نظرت له بغيظ وصاحت فيه بعصبية:
ـ ياعم شيل معايا الجراتيل دول بدل ما نتمسك ونتشلوح!
ـ يا شيخة منك لله أنتِ واللي يعرفك.
هكذا هتفت ليلى وهي تمسك قدمها بألآم.
بينما سفيان فنظر لنوح وهو يمد يده له وسأله لكي يطمئن عليه:
ـ أنت كويس؟
مسك الأخر يد سفيان وبغيظ هتف قائلًا:
ـ منكم لله، بجد منكم لله باللي بيحصل فيا بسببكم ده!
سنده سفيان سريعًا ونظر لليلى وقال وهو يتحرك بنوح في إتجاه السيارة:
ـ مش وقته، يلا نتحرك قبل ما حد يشوفنا.
وبالفعل ترجلوا جميعهم نحو السيارة التي كانت قريبة منهم،
صعدت ليلى وسفيان وقبل أن تصعد أسيل ونوح سمعوا أصوات عالية آتية من خلفهم تهتف وتقول:
ـ هربوه مريض من عنبر 7! هربوه مريض امسكوهم!
نظرت أسيل على كم الناس الذين آتيين يركضون خلفهم ثم هتفت وهي تدفع نوح لداخل السيارة بعنف وتلقي بجسدها بجواره:
ـ بجد بقى أحيه، أجري يا سفيان هيعملوا مننا بطاطس محمرة!
أنت تقرأ
رحلة عبر الزمن
Viễn tưởngكانت تعيش بمفردها في منزلها، لا يوجد لها أحد غير رفيقة دربها وخطيبها، ولكن في لمح البصر تغيّر كل شيء! بين ليلة وضحاها أصبحت مسؤلة عن شخصٍ لا تعرف مَن هو، ومن أين ظهر لها! هل يوجد أناس يظهرون في الحياة من العدم هكذا؟ أم تلك خدعة منه لكي يتسلسل لها وي...