الحادي عشر

2.1K 202 4
                                    

هحكيلك، هحكيلك عشان حاسة أني بغرق ومش عارفه أعمل إيه.
ـ سمعاكِ.
هكذا هتفت رهف، فركت في يدها من جديد، ثم أخذت نفسًا عميقًا وبدأت في سرد كل شيء حدث معها منذ البداية.
ـ الحكاية بدأت لما أتعرفت على خالد من خلال.....
سردت لها كل شيء، كانت الأخرى لا تصدق ما تسمعه، هل حقًا من وقعت في ذلك الفخ الساذج هي شقيقتها الكبيرة!
تلك الشقيقة التي تتميز بالعقل والرذانة كما يقول الكُل!
كانت الأخرى مُطأطأة الرأس، دموعها تنهمر في صمت.
بينما ليلى، فكل ما فعلته إنها كورت راسها بين يدها وصمتت هي الأخرى.
بعد صمت دام لدقائق، رفعت ليلى وجهها لها ثم هتفت: أنتِ يا رهف تقعي في حاجة زي دي؟ طب... طب ازاي؟ أزاي يا كبيرة يا عقلة؟ أزاي أقنعيني! لازم امك تعرف بالمصيبة دي.
هكذا هتفت بعصبية شديدة، كان وجهها تصبغ باللون الأحمر من شدة الغضب، نفسها يعلو ويهبط بشكل ملحوظ، بينما الأخرى فرفعت لها رأسها سريعًا ثم هتفت وهي تترجاها:
ـ لا يا ليلى، أمك هتروح فيها لو عرفت.
ـ أومال عقلك كان فين وأنتِ بتهببي اللي هببتي ده؟ نسيتي أمك وقتها، جاية تفتكريها دلوقت؟ ليه عملتي كده يا رهف؟ ليه؟
كانت دموعها غرقت وجهها، ومن بين دموعها هتفت قائلة:
ـ عشان زهقت يا ليلى، زهقت من دور البنت الكبيرة العاقلة اللي مش بتغلط! أنا.. أنا خلاص دخلت في مرحلة العنوسة! بعنس ومدخلتش ولا علاقة لحد دلوقت، على طول بعيدة عن جو الأرتباط والعلاقات عمتًا لحد.. لحد ما بقى عندي فوبيا من الرجالة كلهم، بخاف أقرب من حد، بخاف أتعامل مع رجل، بخاف وبخاف وبخاف، قررت أتخطى خوفي ده وأدخل تجربة جديدة، حتى لو تجربة مُراهقين! أهي تجربة والسلام.
لكن التجربة أتقلبت عليّا، الموضوع مطلعش سهل أبدًا، عرفت أتخطى خوفي فعلًا، مبقتش أخاف من الرجالة وبقيت بعرف أتعامل معاهم، لكن.. لكن وقعت في بني آدم زبالة وحقير! ودلوقت أنا مش عارفه أعمل إيه!
كانت تتكلم بنفعال شديد، ختمت كلماتها وتنفست بعنف، بينما ليلى فأخذت نفسًا طويلًا ثم مسحت بيدها العرق التي تكوّن على جبينها، جففت دموعها التي هبطت على وجنتيها دون أن تشعر ثم ربتت على ساقيّ رهف قائلة: وتفتكري اللي عملتي ده هو الحل؟ أمك مش هتعرف حاجة عشان زي ما قولتي مش هتستحمل، وأنا مش مستغنيّة عنها، ومفيش وقت للندم دلوقت، اللي حصل حصل، لازم نتحرك ونشوف حل.
نهت كلماتها ثم مسكت هاتفها، بحثت على شيء فيه ثم وضعته أمامها وبدأت تأكل أظافرها بتوتر.
نظرت لشقيقتها ثم قالت لها:
ـ هاتي اكلمه، هجرب أعمل محاولة، ولو فشلت هستنجد بحد يساعدنا.
ـ حد مين؟ وهتكلمي تقوليله إيه بالظبط؟
ـ هقولك يا رهف، بس كلمي الأول خليني أحاول أكلمه.

                        *******************
وفي مكانٍ أخر، كان زين يجلس مع عشق كما أعتاد أن يُناديها مؤخرًا، كانا الأثنين يتناولون الفطور ومعه أكواب الكابتشينو كما يحبون.
ونراهم هُنا وزين يضحك معها وهي تحتسي مشروبها بستمتاع وتقول له:
ـ وملقتش حل لصاحبك ده يعني؟
أخذ قطعة جبن ووضعها في فمه وهو يقول:
ـ الحل عرفينه، بس مستحيل يتنفذ، وبيني وبينك، أنا حاسس أن دي إشتغاله من نوح، أصلها حاجة متتصدقش!
تعجبت من حديثه، رفعت إحدى حاجبيها وعقبت على حديثه قائلة:
ـ معقول! ده على كده صاحبك مش فارق معاك!
هُنا وقد شعر بغصة شديدة تملكت من قلبه، طرق المعلقة ونظر لها ثم أردف بصدق:
ـ يمكن... يمكن بس مش مصدق أو.. أو مش عايز أصدق يا عشق، أحنا طول حياتنا وإحنا التلاتة سوا، مفيش حاجة فرقتنا أبدًا، ودلوقت... ودلوقت علاقتنا بتتهدّ قصاد عيونّا، نوح أختفى، ويامن مبقتش أشوفه زي الأول، وأنا... وأنا بقيت لوحدي! وأنا مليش في الدنيا غيرهم يا عشق!
حقًا حزنت عليه من قلبها، من الواضح إنها ليست وحدها في هذه الحياة! سحبت يدها دون شعور روبتت على يده التي كانت ساكنة على الطاولة.
ابتسمت وقالت في محاولة لتريح قلبه حتى لو بكلمات مُطمئنة:
ـ هو هيكون كويس متقلقش، وخليك جمب يامن، هو أكيد تايهه زيّك ومحتاجك، وأنا... وأنا كمان جمبك، أنا على طول كنت بعمل كل حاجة لوحدي، لكن دلوقت بعمل كل حاجة معاك يا زين!
ابتسم ومسك كف يدها بحنان، ثبت عيناه على مقلتيها ثم قال:
ـ وياترى مش ناوية تحكيلي بقى حكايتك؟ أنا عايز أسمعك على فكرة.
توترت بشكل ملحوظ! سحبت يدها ورجعت خصله من شعرها خلف أذنها ثم نظرت حولّها كاللص الذي يتهرب من العدالة!
وقبل أن ترُد عليه كان تقدم مِنهم شابان وفتاة، من الواضح أنهم زملاء زين في الجامعة.
تقدموا مِنهم وبدلوا نظراتهم بين زين وعشق، كانوا يرمقون عشق بنظرات عجيبة!
تعجب زين من نظراتهم فهتف:
ـ ازيكم؟ في حاجة يا شباب؟
ـ ولا حاجة، حبينا نسلم عليك، أصلك بقالك فترة كبيرة بتيجي وتقعد لوحدك، أو معاها يعني ومش بتقعد معانا خالص.
قال كلماته وهو ينظر لعشق، كان شاب طويل القامة ذو بشرة سمراء.
ابتسم زين في توتر ثم أردف:
ـ عادي يا حسام، صدقتي عشق أتعرفت عليها من فترة وبحب أقعد معاها هِنا نفطر وبعدين بنطلع على المحاضرات.
اومأ برأسه علامة إنه تفهم الأمر، لكنه مال عليه ثم همس في أذنه قائلًا:
ـ البت دي مش مظبوطة يا زين، غامضة كده ومحدش يعرف عنهت حاجة! أبعد عنها بدل ما يكون وراها مُصيبة وتاخدك معاها.
رفع عيونه له ولم يرد، بينما الأخر فربت على كتفه ثم أخذ اصدقاءه ورحلوا.
بينما عشق؛ فنظرت له والدموع تترقرق في مقلتيها وهتفت وهي تنهض وتستعد للرحيل:
ـ كلامه صح، أنا غامضة، لازم تبعد عني.
نهض هو الأخر سريعًا، مسك يدها وهتف بحنق:
ـ محدش لي حق يقولي كده، أنتِ فعلًا غامضة، بس غموضك مش أزمة بالنسبالي، وأنا متأكد أن هيجي الوقت المناسب اللي هتحكيلي فيه كل حاجة.
ابتسمت نصف ابتسامة من بين دموعها ثم قالت:
ـ يبقى هتستنى كتير أوي، أوي يا زين!
ـ مش مشكلة بالنسبالي يا عشق!
كلماته سربت لها شعور لذيذ، شعرت بالإطمئنان! ذلك الشعور التي فقدته منذ زمن! وأنتهى ذلك المشهد بجلوسهم مرة أخرى لِيواصلوا تناول فطورهم سويًا.
                        *******************
نعود مرة أخرى لمنزل ليلى، كانت ليلى مازالت تجلس مع رهف في غرفتها، وبعدما شرحت لها ليلى ما يدور في رأسها جلبت رقم المدعو خالد وأتصلت بهِ عدة مرات ولكن دون جدوى، لم يأتيها رد.
أخذت ليلى مِنها الرقم وسجلته على هاتفها، ضغطت على زر الأتصال وبالفعل جاءها الرد في الحال!
ـ ألو، مين؟
أخذت نفس ثم أردفت بنبرة مُتهكمة مُنفعلة:
ـ أسمع ياللي اسمك خالد أنت، أنا أخت رهف، رهف اللي ضحكت عليها وجاي تبتذها بشوية صور مفبركة! أنا جاية أحذرك وأقولك ياريت تتعامل معايا كرجل، رجل وعنده كلمة ونخوة، اللي بتعمله ده مش هيعود عليك بأي فايدة، كل اللي هيحصل أني هقلب الدنيا على دماغك وهوديك وراه الشمس لو بس فكرت تعمل حاجة من اللي قولتها، أو بقى نتفق وتخرج من الموضوع ده بمصلحة حلوة ليك.
أنتهت من حدثها وأنتظرت رده بفارغ الصبر، فهي كانت مُتماسكة لأبعد الحدود، نبرتها كانت حادة وصارمة، وهو المطلوب في مِثل ذلك المواقف.
بينما الأخر فضحك! جاءها صوت ضحكاته المُزعجة من الهاتف، نجح في حرق دمائها، نظرت للهاتف بغيظ ثم هتفت بحدة:
ـ أنت بتضحك ليه؟ قولت نكتة وأنا مش واخدة بالي!
توقف عن الضحك، وبتهكم شديد أردف:
ـ وبايخة كمان، أنتِ جاية تهدديني بُنائًا على إيه يا شاطرة؟ الصور اللي معايا هتلّف كل مكان، وسُمعتها هتتمرمط في التُراب، وأبقي سلميلي على أمك لما تعرف باللي بنتها عملته.
ـ من الأخر طلباتك إيه؟
هكذا سألت بإنفعال، بينما الأخر فضحك مرة أخرى ثم هتف قائلًا:
ـ طلبي الأول كان بسيط، لكن بسبب قلّة أدبك الطلب أتغير، وبصراحة خلاني أطمع، أصل ليه منستغلش الموقف صحيح؟
دلوقت يا حلوة طلبي بقى أن الفديو هيتفتح وأنتِ معاها، تدلعوني وتعملوا كل اللي هقوله، وأهو تساعدي أختك برضه وننبسط كلنا يا جميل.
لكن الطلب التاني هو عشرين ألف جنية يتبعتولي على رقم الحساب اللي هبعتهولك وقتها، وبلاش مرة تانية تحاولي تِلوي دراعي؛ عشان مندمكوش على اليوم اللي فكرته بس تكلموني فيه، سلام.
وغلق المكالمة! زادت رهف في البُكاء أكثر، لا تعلم ماذا تفعل! ولكن ليلى فنظرت لها بثبات ثم قالت:
ـ يبقى هعمل اللي قولتلك عليه يا رهف، مفيش حد هيجبلنا حقنا غير موقع قاوم، هو متخصص في الحاجات دي، متقلقيش.
رفعت رهف رأسها لها، كانت تنظر لها من بين دموعها وكأنها تسألها هل واثقة من ما ستفعلي؟ أومات الأخرى برأسها مؤكده كلماتها، ولكنها قبل أن تفعل أي شيء قررت إنها تحاكي سفيان لكي تأخذ رأيه، هو رجل مثله، وبالتأكيد له نظرة في مثل ذلك الأمور، لم تفكر هل ذلك الأمر صواب أم لا.
ولكن على أي حال فهي هكذا كانت تقنع نفسها، ولكن في الحقيقة، هي تُريد مَن يُطمئنها، تُريد أن تشعر إن يوجد لها سند في هذه الحياة، وإنها ليست وحيدة!
استأذنت من شقيقتها وترجلت نحو المرحاض، شغلت المياة وأجرت مكالمة لسُفيان، دقائق وجاءها الرد، ودون مقدمات كانت تقول له:
ـ سفيان أنا في مصيبة، محتاجة أتكلم معاك وأخد رأيك في اللي هعمله.
ـ حصل إيه يا ليلى، قلقتيني؟
ثم بدأت في سرد كل شيء حدث، وما تفكر فيه، كان يستمع لها ولم يعقب بشيء، بعدما أنتهت قال لها:
ـ أنزلي قابليني في الكافية... ده يا ليلى حالًا، وهاتي معاكِ أختك، الموضوع كبير ومينفعش نتكلم في التليفون.
وبالفعل لم تُكذب خبر، خرجت من المرحاض وجلست يجوار رهف وبدأت في سرد ما حدث بينها وبين سفيان، وأقنعتها أن لابد أن يكون معهم رجل لكي ذلك الأحم.ق يخاف بحق منهم.
أقتنعت الأخرى؛ فهي تريد أن قشّة لكي تمسك بها، وفي أقل من خمسة عشر دقيقة كانت هي ورهف يجلسان على طاولة في ذلك المقهى مُنتظرين سُفيان.
بالطبع كانت طوال تلك المُدة كانت تحكي لرهف عن سُفيان وعن معرفتها بهِ، ومع إنتهائها من التحدث عنه كان هو وصل لهم.
تقدم مِنهم وبعد الترحيب جلس أمامهم وقال.
ـ دلوقت أنا كلمت موقع قاوم، وقالي إنه محتاج تسجيلات للشخص ده أو اسكرينات عشان يعرف يتحرك، معاكِ أي حاجة من دي يا ليلى؟
                        *******************
ولكن في مكانٍ أخر، كانت ليان تجلس في غرفتها كالعادة، حزينة وكئيبة، كل شيء مقلوب على رأسها، تنتظر أبيها في أي وقت لكي يقول لها هيا معاد زفافك آتى!
أما عن يامن؛ ففب أخر مقابلة لهم أفصح لها عن مشاعره لها، وقتها هربت من أمامه مِثلما هربت الدماء من أورتدها!
نهضت ورهلت بعيدًا دون أن تعقب على حرف واحد مما قاله، هل من المفترض إنها كانت توافق على عرضه لها؟ هل حقًا هو يحبها كما يقول أم ذلك مشاعر شفقة ليس إلا! شفقة على شقيقة صديقه التي واقعة في ضيقة، وهو كرجل شرقي أصيل عرض عليها حاله وقلبه لها!
هل حقًا ذلك الحديث يُعقل؟ ولكنها هي غير قادرة على إنكار مشاعرها له، ذلك المشاعر التي تُكمن له منذ زمن، ذلك المشاعر التي كانت حبيسة ضلوعها لأنه صديق شقيقها!
ولكن أنظروا الآن، أنظروا فالفرصة آتت لعِندها وهي مازالت تُفكر!
نهضت من الفراش وحاولت الأتصال بنوح للمرة التي لا تعلم عددها، وكالعادة لم يأتيها رد.
لكنها كانت أخذت قرارها بالفعل، وقفت أمام خزانة ملابسها، أخذت ما وقع عينيها عليه ووضعته في حقيبتها سريعًا، نظرت لأغراضها الأساسية التي تستعملها دومًا ووضعتهم في الحقيبة.
بعدما أنتهت من وضع الأشياء أغلقت الحقيبة جيدًا ثم نظرت لها بتردد وجلست بجانبها، مسكت الهاتف وبيد مُرتجفة كانت تُجري أتصال ليامن، ثوانٍ وجاءها الرد في الحال، لم تعطيه فرصة للحديث؛ فهتفت دون مقدمات:
- أنا موافقة يا يامن، موافقة على اللي قولته!
                        *******************
نعود مرة أخرى لذلك المقهى الذي كان يجلس عليه كلًا مِن سفيان وليلى ورهف.
كان سفيان يجلس أمامهم ويوضح لهم إن لابد أن يكون معهم إثبات بكل ذلك.
ابتسمت ليلى بسبب حديثه؛ فهي كانت تتوقع ذلك، مسكت هاتفها وعبثت بهِ ثم شغلت عليه شيء وهي تنظر لهم وتبتسم، ومع سمعاهم للكلمات التي خرجت من ذلك المسجل أبتسموا جميعًا، فكان ذلك المسجل هو صوت خالد وهو يُهدد ليلى.
هتفت رهف مقاطعة ذلك المسجل قائلة:
ـ وأنا معايا أسكرين بتهديده ليّا.
بس.. بس هو قاوم ده هيعملنا إيه؟
ابتسم سُفيان ثم هتف وهو يأخذ من ليلى هاتفها لكي يأخذ منها ذلك التسجيلات.
ـ ده يا ستي موقع كبير جدًا، تم إنشاءه لمساعدة البنات اللي بتتعرض لإبتذاذ الإلكتروني كتروني، وكل اللي عليكِ لو حصلك موقف زي اللي أنتِ في ده إنك تاخدي أي أثبات باللي حصل معاكِ وتقدميه ليهم، وتبعتلهم رقمه والأكونت بتاعه، وهما بيتدخلوا وبيكلموه بس بطريقتهم، وبطريقتهم برضه بيعرفوا يحددوا مكانه وبيعرفوا يتحكموا في تليفونه بحيث لو رفض يعرفوا يتصرفوا، لكن في الأول هما بيحاولوا معاه بالهداوه، ولو منفعش معاه التسامح والوّد؛ بيبدأوا يتتابعوه و يفضحوه بمعنى الكلمة في كل مكان، شغله بقى بيته، وعند أهله وأصحابه، والكل بيبدأ يتقلب عليه، وبيرجعوا يكلموا تاني ويطلبوا منه يمسح الحاجة، ولو برضه رفض، بيبلغوا مباحث الأنترنت وبيتجاب ويعمله محضر وبيتمسح من على تليفونه أي حاجة.
ـ يسلام، طب مادام هما كده هيهكروا التليفون ما ممكن يمسحوا هما الحاجة ونخلص!
هكذا قالت رهف، ابتسم نصف ابتسامة ثم أجاب عليها قائلًا:
ـ مينفعش، عشان في الغالب الحاجات دي بتكون موجودة على أكتر من جهاز، يعني لو مسحناها من التليفون بتاعه، جايز تكون على لابتوب، عشان كده لازم هو اللي يمسح الحاجة بنفسه، وبيخلوه يمضي تعهد إنه مش هيأذيكي بأي شكل.
ـ هو الموضوع ده من زمان يا سفيان؟
هكذا سألت ليلى، نظر لها وقال:
ـ من زمان أوي، كل حاجة دلوقت أتغيّرت، وكل واحد لي حق بيجيله لو فِضل وراه.
المهم متشلوش أنتوا همّ وأنا هتصرف، وفي أقرب وقت هبلغكم أن الموضوع كله خِلص خلاص.
كانت ليلى تشعر بالإمتنان له، وجوده معهم فرق معها لأبعد الحدود، ومن الواضح إنها بدأت أن تقع في حبه دون أن تشعر، واضح إنه ليس مجرد إعجاب كما كانت تظن!
                        *******************
ولكن عِند أسيل؛ فكانت تجلس مع حالها تُجهز كل شيء لكي تبدأ رحلتها مع ذلك الغريب! وعِندما كانت تُفكر أن تصعد له لكي تراه جاءها مكالمة تليفونية من ذلك المدعو عمر، ردت سريعًا عليه، وبعد الترحيب قال لها:
ـ الكارنيهات جهزّت خلاص، تعالي قابليني في الكافي اللي في... وخديهم، ومتسنيش تجيبي معاكِ مبلغ حلو عشان كلفوني كتير.
صُدمت من كلماته! أي مبلغ هذا الذي يتحدث عنه! فهو لم يحدثها على أي مال! هتفت بتعجب وحِنق شديد
: مبلغ إيه ده يا عسل؟ متفقناش على كده يا عمر!
ـ أومال يعني شغلانة زي دي هعملها ببلاش يا أسيل! أنا قولت مش هكلمك في حوار الفلوس عشان أكيد أنتِ فاهمة يعني!
هكذا هتف بتهكم، بينما هي فضيقت عينيها بغيظ ثم هتفت:
ـ طب خلاص أقفل أنا جاية.
ولم تنتظر رده؛ فغلقت المكالمة في وجهه!
وبغيظ ودماء يُغلي كانت تتجه نحو خزانة ملابسها وتأخذ مِنها نقود لكي تعطيها له.
بدلت ملابسها سريعًا وألتقطت مفاتحها ورهلت سريعًا لذلك المقهى.
وصلت في أقل وقت؛ فكان ذلك المقهى بجوار المنزل، كان عمر في انتظارها، بعد الترحيب والتحيّة قالت له:
ـ فين الكارنيهات؟
خرجها من جيب الچاكت وهو يقول لها:
ـ بجد يا أسيل تعبوني أوي، وبرضه مقولتليش عايزاهم ليه!
ألتقطتهم من يده سريعًا، فحصتهم جيدًا، تجاهلت سؤاله وسألت هي:
ـ هي الكارنيهات دي أمان؟ يعني مفيش حد هيقفش إنها مضروبه؟
ـ عيب عليكِ دي حاجة نضيفة.
ابتسمت له ثم خرجت النقود ووضعتها في يده وهي تقول له:
ـ طب شكرًاي يا سيدي، ودي حاجة بسيطة كده عشان تشرب تشاي.
رفع حاجبيّه بتعجب، نظر للنقود التي في يده والتي كانت خمسئة جنية فقط! ثم هتف بحنق شديد:
ـ أي دول إن شاء الله؟ اعمل بيهم إيه؟ وشاي إيه يا أسيل هو أنا طبعلك ورق للكلية!
نظرت للعيون التي بدأت تنظر لهم ثم هتفت من بين اسنانها:
ـ يعني ال500ج مش عجبينك يا عمر؟ وأنا اللي قولت كتير عليك!
نظرت له ثم سألت بحنق:
ـ عايز كام يا عمر إنجز؟
ـ عايز 5000ج يا أسيل.
هُنا ولم تستطع أن تسيطر على غضبها أكثر من ذلك، شهقة عالية خرجت من بين شفاتيها، وضعت يدها في خصرها ثم هتفت بتهكم وصوت أزعج كل مَن في المكان!
ـ ليه إن شاء الله، أنت كنت هببت إيه؟ أنت نسيت نفسك ياض؟ ده أنت متعلملي فوتوشوب بربع الفلوس اللي في إيدك يا معفن، تروح تقولي خمستلاف جنية! أنت عبيط يلااا!
كان يستمع لها وينظر بحرج لكم الناس الذين ينظرون لهم ويتسألون ماذا يحدث! حُرج بسبب ما تفعله، نظر لهم ثم هتف بصوت يُكاد يُسمع:
ـ صوتك فضحتينا مش كده!
ـ ما أنت اللي عصبتني يا عم أنت! أوعى بقى من وشي.
نهت كلماتها وهي تُزيحه من طريقها بعنف، خرجت من المكان بأكمله وهي تُسبّه وتتمتم بكلمات غير مفهومة في نفسها، ظلت على ذلك الحال حتى وصلت لمنزلها، وبدلًا مِن صعودها لشقتها واصلت لكي تصعد عِند نوح.
وقفت عِند الباب وهي تلتقط أنفاسها بصعوبه، وبيد ترتجف بسبب عدم إنتظام أنفاسها طرقت على الباب.
ظهر نوح والذي كان يشبه اللصوص المحبوسين داخل زلزالة!
شعره مُبعثر، وذقنه كثيفة بشكل غير لائق، وملابسه مُهرتله والغرفة أيضًا.
نظرت له بتقزز ثم هتفت:
ـ  إيه المزبلة اللي قاعد فيها دي؟
ـ أدخلي.
هكذا قال لها ثم دخل وترجل نحو الأريكة وجلس عليها.
دخلت هي أيضًا وهي تنظر للغرفة بستحقار وتقزز، نظرت له بعصبية ثم هتفت بعصبية طفيفة:
ـ كده كل حاجة هتتحل يعني؟ لما تبقى معفن كده هتعرف تنقذ اختك؟ أنت شكلك فاهم الأنقاذ غلط.
لم يرد عليها، فقط كوب رأسه بين يده وصمت، بينما هي فقلبها رق له وأشفقت عليه وعلى حاله من جديد.
خرجت تلك الكارنيهات من جيب سرواله ووضعتها على الطاولة أمامه وهي تقول:
ـ طب بقولك إيه، جهزّ نفسك وأنضف كده عشان كُل حاجة جهزّت والرحلة هتبدأ بكرا.
رفع رأسه لها، عقد جبينه وبتعجب سأل:
ـ أزاي؟ ورحلة إيه؟
ابتسمت بحماس وهي تنهض من مكانها، سقفت بيدها وهتفت وهي تضحك:
ـ رحلة البحث عن تكوين آلة زمن مش موجودة على الأرض أصلًا!

يتبع...
#رحلة_عبر_الزمن
#الفصل_الحادي_عشر
#NORA_SAAD
مش قدره أقول أن خلاص الرحلة هتبدأ بكرا يولاد🐣😹
توقعوا اللي هيحصل.
وتابعوا الكومنتات هقولكم كام حاجة❤

رحلة عبر الزمنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن