هذا هو السجن

15 3 0
                                    


اليوم: مجهول... لعله نفس اليوم.

استيقظت، فتحتُ عيني وإذا بظلامٍ دامس يحيط بي، أشعر أنني في مكان ضيّق تمامًا، هناك قناع أكسجين على فمي، رفعتُ يدي قليلًا وتحسست حولي وعلمتُ أنني بداخل الكبسولة التي كان السجّان يتحدّث عنها... جيد، هممتُ بدفعها حتى تفتح...

تبًّا! تبًّا تبًّا تبًّا! إنها لا تفتح! هل يُعقل أنها لا تفتح إلا من الخارج؟! تبًّا!!! لقد خُدِعنا! لقد خَدَعَنا ذلك اللعين بالشيء الذي لم يخطر على بالنا أبدًا!

بدأت أتوتر وأعرق... ماذا سيحدث لي الآن؟! كيف سأخرج؟! هل أصرخ؟! لا... ماذا لو سمعني شخص آخر؟! ماذا لو كان المكان مليئًا بالعمال والحرّاس على عكس كلام ذلك السجّان؟! لقد خدعنا مرّة بالفعل... كيف لي أن أصدّقه الآن؟! وبينما أنا أغرق في شكوكي وحيرتي وخوفي سمعتُ صوتَ شيء ميكانيكي يتحرّك... حينها التزمتُ الهدوء وتركتُ التفكير وركّزتُ على ذلك الصوت...

هل سأموت؟

سمعتُ نفس الصوت الميكانيكي مجددًا، ما الذي يحدث هنا؟

حينها سمعتُ صوتًا بعيدًا لم أستطع تمييزه وهو يقول "لا... لا! لا!!!" ثم سمعتُ صوت جسدٍ سقط على الأرض... هنا بدأتُ أرتعش بشدّة... لم أستطع السيطرة على نفسي، أنا في الظلام... أنا في عرين الأعداء، أحدهم هناك في الخارج... إنه يستطيع فعل كل شيء... وأنا لا أستطيع فعل أي شيء... إنه شعور العجز والخوف... إنه أسوأ شعور.

سمعتُ صوتَ خطوات تقترب منّي... تقترب... تقترب... تقترب...

سوف أموت.

كنتُ أفتح عيني وأتجهّز لأي شيء رغم أنني كنتُ بلا حولٍ ولا قوة، حينها سمعتُ نفس ذلك الصوت الميكانيكي... لكن ما تبعه هو أن كبسولتي فُتِحت، كان المكان مظلمًا لكن ظلمته أخف من ما بداخل الكبسولة... لا أزال أستطيع رؤية القليل، وما رأيتُه كان رجلًا ذو جسد شبه رياضي، كان شعره طويلًا ناعمًا، وكان يرتدي قميصًا أبيضًا وبنطالًا أبيضًا أيضًا... لا أعرف شخصًا بمثل هذه المواصفات...

نعم، سأموت.

حينها تحدّث ذلك الرجل بصوتٍ مألوفٍ تمامًا "سيّد وخزة! سيّد وخزة! استفق!"، هل هذا... صوت ساعة؟! قمتُ من مكاني ورفعت قناع الأكسجين ولاحظتُ وأنا أقوم أنه هناك أنابيب كانت مربوطة بجسدي انفصلت مع قيامي، نظرتُ جيّدًا إلى ذلك الرجل وإذا به نفس ذلك الوجه المخنث لكن هذه المرة مع لحية وشارب يتسمان بالكثاثة... إنه ساعة، لكن لماذا هو هكذا؟ هل كان هكذا طوال الوقت في الحياة الحقيقية؟ قمتُ ونظرتُ حولي، المكان مظلم لكنني لا أزال أستطيع الرؤية بفضل بعض النور من بوابةٍ ما، كانت ساحة دائرية ضخمة وبها الكثير من الكبسولات... بعضها كانت مضيئة ويظهر أنها تعمل والبقيّة كانت مطفأة، تحدّث ساعة "يبدو أنني كنتُ محقًّا، الكبسولات المضيئة فيها أشخاص أحياء، ما يعني أن الكبسولات المضيئة الأخرى فيها مسمار والبقيّة!"  قمتُ من كبسولتي ووقفتُ أرضًا، أشعر نوعًا ما... أنني خفيف؟ أشعر بالقوّة، أيضًا أنا أرتدي ملابس بيضاء مثل ملابس ساعة... يبدو أنها موحدة، إلا أنني لا أزال حليق شعر الرأس والوجه. تحدّث ساعة "يبدو أنهم كانوا يعملون على تقوية عضلاتنا بالفعل، انظر إلى جسدي... لقد صرتُ رياضيًّا! أما جسدك يا سيد وخزة فيبدو عاديًّا تمامًا، ربما لأنك لم تمضِ سوى يومين أو ثلاثة في الكبسولة"، بعيدًا عن هرائه ذاك خطر في بالي تساؤل... هممت بطرحه بطريقة آمنة فقلتُ له "نعم... على أية حال دعنا نفتح الكبسولات الأخرى... لكن لحظة... كيف تمكّنتَ أنت من الخروج من الكبسولة؟"
- كنتُ أتلمّس في الظلام حتى وجدتُ مقبضًا، رفعته وفُتِحت الكبسولة.
- أوه... لم أشعر به... عمومًا فلنذهب لفتح البقية.

لمسة الرحمة: صانع الدمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن