الفصل السادس والعشرون

392 17 0
                                    

الفصل السادس والعشرون ....

(حفيد الهلالي)

اعتدلت ندى ورتبت ملابسها بأصابع مرتجفة وبأنفاس غير منتظمة تطلعت بوجه القابلة اشواق وكأنها تنتظر مصيرها اما موت او حياة اما حرية او سجن مظلم!
بهتت ملامحها ونزلت يديها بخذلان واغمضت عينيها بصدمة تبعت الصدمات السابقة عندما صرحت القابلة: "بنتك حامل يا ام ناصر كل الامارات تدل على وجود حمل ومع ذلك يجب ان تجري التحليل الخاص بالحمل لنتأكد والأرجح ان تراها طبيبة لأن شحوب وجهها والهالات حول عينيها تنبأ بوجود مشاكل صحية قد تشكل خطر على الجنين ان وجد.... اشك ان لديها انيميا حادة وبحاجة الى تغذية خاصة ومكثفة"
.................................................. ............................
أقلعت طائرة سامر في هذا التوقيت الى خارج البلاد وبقيت سجى في المطار وجهاز التسجيل بيدها الذي تزحزح ببطء حتى سقط الى الأرض ولم تعد ترى شيء امامها واستحال كل ما حولها الى عتمة
غربة قاتلة حللت بأعماق روحها المعذبة، نظرتها متسمرة حتى الدموع مصدومة بوسط عيونها كأنها في عالم اخر وليست بوعيها! خائبة ضائعة وحيدة محترقة بنيرانها مذهولة وكل احلامها الوردية اجهضت الواحد تلو الاخر امام عينيها المشتتة النظر.
"رحلت؟ غدرت بقلبي! لم يعد يفرق معك بعادي؟ نسيت كل ما بيننا وبعت هكذا بسرعة؟ حبك كان كلام فقط يا كذاب؟ ووعودك لي أوهام كالذي يكتب على الرمال .... هذا جزائي يا سامر! جزاء تمسكي بك وتضحياتي من اجلك؟ لا اعرف لماذا احببتك هكذا يا مغرور؟ وما الذي قصرت به معك كي تبيعني بلا ثمن؟ .... المسألة لم تعد مسألة رشا وكذبها من الواضح انك لم تحبني يوما وكل الوقت كنت تلعب بي وتتسلى وبمجرد ما حاصرتك الظروف انا اول من ضحيت به وتنازلت عنه .... لو كنت تحب ما صدقت لو كنت تحب لسامحت لسمعت لتطقست لكن يبدو ان موضوع رشا شماعة فقط ولم يعد لي مكان بقلبك الغدار .... وما المفروض ان افعله الان؟ ان امضي كأن كل شيء لم يكن؟ والذكريات؟ والعشرة؟ وقلبي ماذا افعل له؟ وادمانك كيف اتخلص منه؟ والمرارة بفمي بماذا احليها؟ ودموعي اين اخفيها؟ ولهيب انفاسي من يبرده؟ .... حسنا .... حسنا يا سامر افعل ما تشاء ارحل وابتعد ان كان هذا يرضيك ليس لي ان امنعك لكن انا واثقة أنك ستتعب كثيرا وتعود تبحث عني تبحث عن قلب كان يحبك وانت طعنته وتركته ينزف"

عندما استدارت اسدلت اهدابها الغارقة بدموعها بحياء عندما وجدت مروان!
اقترب منها خطوات بطيئة جدا بوجه خال من التعابير ثم انحنى وتناول جهاز التسجيل وخفقت اهدابها عندما امسك يدها برفق وسلمها الجهاز بعيون راغبة وبنظرة مطمئنة ربت على يدها ثم اخذها معه!
.................................................. .............................

سارتا في الشارع بخطى متثاقلة بعد ان خرجتا من المختبر والهم والغم أثقل قلب سنية التي كانت تمسك بنتيجة التحليل
شعرت ان حمل ندى هو بداية لمعركة جديدة قد تخطف منها حياة بنتها هذه المرة لماذا؟ لماذا يا رب مقدر على بنتي ان تبقى معلقة بسامر برباط لا يريد ان ينقطع ووثاق لا يريد ان ينفك؟ ظننت ان كل شيء انتهى وكل ذهب الى حال سبيله ورضينا بنصيبنا وبما ترتب من عواقب لكن حمل؟ طفل؟ ابن سامر؟ يا رب استرنا يا رب وارحمنا من اين جاء لنا ذلك الهم الجديد ونحن مازلنا لم نتخلص من الذي قبله؟
شعرت بيد ندى تتشبث بكمها ثم تمسك يدها قائلة بنبرة ضعف واستنجاد: "لو كنت تحبينني يا امي خلصيني من الجحيم الذي ينتظرني خلصيني ارجوك لا تخبري ابي لا تخبري أحد وساعديني ان اتخلص من الجنين"
شهقت سنية واتسعت عينيها وتجنبت النظر الى ندى واسرعت بخطواتها قائلة بقلق: "ماذا تقولين؟ حرام"
توقفت ندى مما دفع سنية لتتوقف بدورها ثم تلفتت يمينا وشمالا قائلة بهمس: "لا تفضحينا تعالي الى البيت ونتكلم هناك"
ندى وبعيون شديدة الاتقاد: "حرام؟ وما فعلوه بي ماذا يسمى؟ ما فعله سامر وابي بي هو الحرام بعينه ما فعله سالم وانت وساهرة هو المعنى الحقيقي للحرام"
سنية وبتردد: "ازهاق روح"
ندى وبانهيار: "اهون من ازهاق روحي، لا يا امي ليس حرام انه يعتبر دفاع عن النفس لا اريد طفل سامر، لا اريد أي شيء يربطني به، لن اعود الى البيت مستحيل، مستحيل بوجهنا الى القابلة لتخلصني منه انه غلطة وسيكون غلطة العمر ان ولد"
.................................................. ...........................

خلف قضبان الاعراف لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن