الفصل السابع

513 19 0
                                    

الفصل السابع ............

(خيبة امل)

لم تذق طعم النوم منذ المشاجرة الحادة التي حصلت بينها وبينه وجه الفجر حتى التاسعة صباحا وكانت منهارة الاعصاب تماما عندما طرقت الخادمة الباب واخبرتها بموعد وجبة الإفطار وان عليها الا تتأخر وتلتزم بمواعيد الوجبات حسب النظام المتبع في هذا المنزل
الساعة التاسعة والنصف وجبة الإفطار والثالثة والنصف الغداء والتاسعة والنصف العشاء
عندما انتهت الخادمة العربية من تلقينها التعليمات ووجوب الالتزام بها اعتذرت واخبرتها ان معدتها ليست على ما يرام ولم تتمكن من تناول شيء وما ان خرجت الخادمة حتى اسرعت الى الحمام وتقيأت بصعوبة لأن معدتها فارغة وشعرت ان قدميها ضعيفتان لا تقويان على حملها وكادت ان تسقط لولا انها تشبثت بحافة حوض المغسلة المستطيلة ووقعت تدريجيا على البلاط وهتفت بصراخ وانفاس متلاحقة: "لا .... لا اريد ان أبقى هنا .... انا اختنق .... اختنق"

اقتحمت هديل الردهة عندما سمعت صراخها واستغاثتها واتجهت الى الحمام فورا وحالما رأت حالها اتسعت عينيها واسرعت وساعدتها على النهوض والتماسك قائلة بهمس: "لا بأس .... تعالي"
اخرجتها ببطء وادخلتها الغرفة وكانت غارقة بالعرق وبالكاد تشهق أنفاسها .... ساعدتها على الاستلقاء في السرير قائلة: "ماذا جرى لك يا بنت!"
ثم سكبت لها كأس ماء بسرعة وقدمته لها بعد ان لاحظت ازرقاق شفتيها الا ان ندى أبعدت الماء قائلة وبدت حالتها مزرية: "عمي .... اين عمي؟ .... اريد ان أكلمه .... ارجوك اريد ان اذهب اليه ارجوك"

نادت هديل على الخادمة وأمرتها ان تجلب عصير ليمون وتنظف الفوضى الحاصلة في الردهة والحمام واقبل الطفلان مع الخادمة وبقيا يتطلعان نحو ندى بوجوه خالية من التعابير
هزت هديل رأسها وهي تتطلع الى ملابس سامر المبللة على الارائك في الردهة والى الشرشف الملقى ارضا والوسادة واشاحت ببصرها بتفكير ثم عادت الى ندى عندما جلبت الخادمة العصير وأجبرتها على تجرع العصير بالقوة كي تسترد رشدها وبالفعل بدأت تتمالك نفسها وتطلعت بهديل الواقفة قربها تراقبها وقالت بصوت واهن: "شكرا .... كثيرا"
اومأت هديل بملامح باردة ثم اخذت ولديها وهمت بالانصراف قائلة: "ارتاحي الان"
اغمضت عينيها ووجدت نفسها تغط في النوم كأنها فاقدة.
.................................................. ...........................
في بيت جابر ....

هتفت سنية بحرقة وبعينيها المحاطة بتجاعيد خفيفة صدمة: "ماذا تقول يا رجل؟ انا فعلت الذي فعلته من اجل ابني وعلاجه كيف تتفوه بذلك؟"
جابر وبنبرة حادة وعيون عسلية مغتاظة: "هذا المال لي انا بحاجة اليه لتسديد ديوني وشراء سيارة تعيننا على مصروف البيت واعباء الحياة .... لن اعطيك فلسا واحدا عقوبة لك على غباءك ومخالفتك لأوامري"
سنية وبشقاء وغصة: "قلت لي ان الفلوس ثمن علاج ناصر وانا وافقتك بكل شيء لكن ان انتزع القلادة من عنق ابنتي واعرضها للحرج امام زوجها واهله ذلك كثير وجدت نفسي لا اجرأ على مفاتحتها بالموضوع وهي مازالت بفستان العرس"
جابر وباستخفاف: "اوووه ما هذه الدراما .... غدا سيشتري لها بدل الواحدة عشرة ما قيمتها بالنسبة للرخاء والترف الذي يتمتعون به .... ان القلادة نقطة في بحر أموالهم"
ساهرة وهي تضع الاطباق على الطاولة العتيقة: "انا اتفق مع ابي السيارة ستعيننا وديوننا كثيرة .... والقلادة ستحل ازمة ناصر ولا اظن ان ابن عمي سامر متفرغ للنبش والتنقيب عن القلادة .... لم ينتبه وسينسى امرها انه اكبر من يبحث في التفاهات ليس له وقت انه مشغول هكذا هم الأثرياء لا يتطلعون خلفهم"
جابر وهو يضرب بقبضة قوية على رأس البصل وبندم: "انا غلطان لأنني تركتها تذهب بالقلادة كان المفروض ان تتركها هنا .... ندى بنت ساذجة للغاية لو كانت تملك نصف دهائي لفكرت من تلقاء نفسها ان تنفعنا بأي وسيلة ومهما اغدقت علينا من خيراتهم فلم ينقص ذلك منهم شيء .... خيرهم وفير ما شاء الله"
سنية وبعدم رضا: "عموما فات الأوان على ذلك والمال الذي منحنا سالم ليس بالقليل"
ضاقت عيني جابر ولم يعجبه الامر قائلا: "لم يفت الأوان بعد بالعكس بدأ لتوه .... ستذهبين نهاية الأسبوع لزيارتها والاطمئنان عليها انها ابنتنا وهذا واجبنا اتجاهها .... وستجلبين القلادة واكيد ستجدينها تملك مال خاص بها اخبريها ان والدها محتاج اليها وعليها ان توفي ولو جزء بسيط من شقائه وتعبه في تربيتها حتى أصبحت عروسة وهو السبب بما هي فيه الان"
لمع بريق قلق بعيون سنية وابتلعت ريقها واومأت ساهرة موافقة وكأن كل شيء من حقهم.
.................................................. .....................
في قصر سالم
عند حلول وقت الغداء بدأ التجهيز للمائدة وخرجت ندى من جناحها بعد ان اغتسلت وارتدت فستان اخضر غامق وصففت شعرها وبدت بحال أفضل ظاهريا لكن بداخلها حزن عميق مسيطر عليها ورغبة بالخلاص وذلك الإحساس دفعها لاتخاذ الخطوة التالية

خلف قضبان الاعراف لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن