تحرك إسماعيل سريعًا لغرفته ليرى الحاسوب وما يتحدث عنه والده فوجئ بالشركة قامت بالرد عليه للتو، قام بفتح الرسالة ويا ليته ما قام بفتحها، فقد كان مكتوبًا بالنص:
"نعتذر كثيرًا ولكن العدد مكتمل، حظ سعيد."
ابتلع غصة مريرة في حلقه وأغلق الحاسوب تمامًا بيأسٍ، كم تمنى لو أن كل ذلك كابوسًا من كثرة التفكير في أمر تلك الشركة وسيفيق قريبًا، لوهلةٍ تمنى لو أنه لم يقدم بها أو يُرسل لهم شيء، الشعور بالفشل يلاحقه كظله ولا يعلم لماذا يزداد تحديدًا تلك الآونة الأخيرة، عدم تحقيق ذاته أو ما يحلم به يجعله بحالةٍ سيئة أكثر من ذي قبل.
أتى له والده غرفته وهو يجفف وجهه بالمنشفة متساءلًا بقلق من حال ابنه ذلك "في إيه مالك؟"
"اترفضت يا بابا، اترفضت علشان ماعنديش واسطة."
تحدث بصوتٍ مختنق وهو يرمي الوسائد التي تقابله وتقع عليها عيناه أرضًا بغضب و .. شعور بالفشل!
تحرك نحوه والده يُربت عليه وهو يشعر به تمامًا، تنهد قبل أن يقول بنبرةٍ حنونة وتعقل"وتظن إنك حُرِمت وفي الحقيقة أنت رُحِمت، المكان ده مش مناسب ليك يا إسماعيل ولو روحت أكيد كان هيجرالك حاجة وهنخسرك يا حبيبي، شوف حياتك أنت لسه صغير .. لو عاوز تفتح مشروع أنا معاك مافيش مشكلة."
طالعه إسماعيل بأعين دامعة وبسمة حزينة ليبتسم والده مُسترسلًا بحكمة "الدنيا مليانة مِهن وأنت معاك شهادة محترمة جدًا تخليك تشتغل مُدرس حتى! بس أنت دوّر كويس على مكان يناسبك وتعرف تكون ناجح فيه، في ناس كتير دخلت كليات كانت بتحلم بيها بس مش مرتاحين ولا عارفين يتأقلموا فيها .. ودي حكمة ربنا، هو شايف اللي يناسبك وبيمهدلك الطريق ليه، إن الله عزيزٌ حكيم."
أومأ إسماعيل له وهو يمسح دموعه ومن ثم ارتمى داخل حضن والده يبث له حزنه الذي غلف قلبه، شدد سالم على عناقه وبدأ يتلو عليه آيات قصيرة من القرآن وهو يمسد على شعره بحنان، ليفصل العناق إسماعيل بعد أن هدأ قائلًا بمحبة
"يمكن حظي في الدنيا مش في شركة أو كلية بحلم بيها، بس ربنا رزقني بأب وأم زيكوا ما يتعوضوش."
ابتسم سالم على حديثه، ثم نهض متحركًا للخارج بعد أن هدأ إسماعيل قليلًا، فلولا والده ووجوده جانبًا بتلك الطريقة لكان منتحرًا، فالدعم النفسي في المِحن لا يُنسى .. لا يُنسى أبدًا.
مرت تلك الليلة بثقل على قلبه، يشعر بأن حزن العالم بأكمله يكمن داخل صدره مترصدًا قلبه هو بالتحديد، فبعدما أدى صلاة الفجر شعر بتحسن بعدما بثّ إلى الله حزنه وهمومه، ما أجمل صلاة الفجر!
في صباح اليوم التالي، استيقظت أمنية باكرًا وقامت بأداء فريضة الصباح تدعو الله أن يُسهل لها الاختبار ويكون في متناول فكرها ليس من كوكب المريخ كالمعتاد، استيقظت أيضًا والدتها وأعدت لها بعض الشطائر لتتناولها في طريقها للجامعة، فضحكت أمنية قائلة

أنت تقرأ
مثلث الخطر
Mystery / Thrillerإسماعيل، الشاب الذي حلم دائمًا بمستقبل مشرق بعد تخرجه من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، كان يطمح أن يصبح محللًا ماليًا في إحدى الشركات الكبرى لتحقيق حلم والديه، لكن، في يومٍ عادي، تغيّر كل شيء فجأة. عثر على ورقة غريبة، كانت كأنها تلاحقه، لا يعرف من...