23-ممر ذهبي

3.8K 443 189
                                    

لا شيء سوى صوت صراخ ورد المرتفع، لقد غرز الصبي السكين في ساقها اليمنى، ولكنه كان يريد طعنها في معدتها ولم يفلح، بدأ يسيل الدم قاتم اللون على الأرضية بغزارة ليجعلها تنظر لساقها بذعرٍ وتعاود الصراخ مرة أخرى بصوتٍ أقوى، نظر سالم لرضا الجالس وهبَّ في وجهه

"قوم معايا بسرعة عشان نوديها المستشفى، بنتك هتموت.."

نهض رضا وغادر للخارج لمدة عشر دقائق، بينما سالم أمسك بقماشةٍ ما استخدمها كضمادة لوقف ذلك النزيف الذي لا يتوقف، أتى رضا بسيارةٍ ما وحملا ورد داخلها للتوجه نحو أقرب مشفى لمداواتها.

دخلت ورد إلى قسم الطوارئ وبدأت الممرضات بتنظيف وتطهير القطع، تحركت أحدهما نحو سالم وسألته

"حضرتك حابب تعمل محضر في حد معين؟ أصل ده باين إنه قطع في رجلها."

حمحم سالم "ده هي وقعت على السكينة مش أكتر."

"حضرتك متأكد؟"

"ما قولنا أيوة، احنا هتقعد طول الليل أنتِ تقوليله متأكد وهو يقولك أيوة؟ ما تخلصي !!" صرخ رضا في وجهها بطريقة فظة، اعتدلت له الممرضة وأجابته

"حضرتك بتكلمني كده ليه؟ أنا بتكلم مع أبوها، وبعدين فيه طاقم تمريض كامل جوا بيعالج البنت يعني ماحدش محتاجني في حاجة، أنا بعمل كل ده لدواعي أمنية.."

صمتت تلتقط أنفاسها واسترسلت "لو فاكر إن الممرضين آلات أو خدامين تبقى غلطان، احنا بنعالج أرواح على فكرة ومانستاهلش المعاملة دي، على العموم شكرًا جدًا."

"مين قال كده بس؟ ده انتوا يا بنتي أحسن ناس في الدنيا كلها، ربنا يعينكم، وأنا بعتذرلك نياية عنه هو بس خايف عليها .. أعذريه."

تحدث سالم لتهدئة الأجواء، فابتسمت له الممرضة على طريقته المهذبة والهادئة، وشتان بينهما، ثم أضافت "عن إذنك."

رحلت عن ناظريهما، فوجه سالم بصره نحو رضا ووبخه "أنت بتكلمها كده ليه؟"

أشاح رضا بوجهه بعيدًا بضيق، ليتابع سالم حديثه "وبعدين أنا ماعرفتش أكلمك ولا آخد حقي منك، ممكن تفهمني بقى إيه اللي أنت عامله ده؟ أنت عرفت الست دي منين؟"

"شوفتها في السوق من سنة تقريبًا، صعبت عليا لما لقيتها أرملة ومعاها أطفال وهي اللي بتصرف عليهم، قولت أساعدها وأكسب فيها ثواب .. ده اللي أنا عملته مش أكتر، وأنت جاي تأنبني!"

تفوه رضا بتبجحٍ تام دون أي إحساس بذرة ندم واحدة، بجاحته تلك جعلت سالم سيفقد صوابه ويقوم بضربه أمام الأطباء وطاقم التمريض بالكامل، طالعه بحنقٍ وغيظ

"واللي في البيت مش صعبانين عليك؟ لا حرام بجد .. تصدق إني ظالمك فعلًا؟ عارف يا رضا؟ أنا طول عمري بحاول أخليك إنسان بس خلاص أنا فقدت الأمل فيك واتقفلت منك، امشي يا رضا من هنا .. امشي مش عاوز أشوفك تاني لا أنا ولا عيالك."

مثلث الخطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن