بالأعلى قبل دقائق من طلب والدة ورد النجدة من إسماعيل وصراخها بالشارع، كانت ورد تساعدها بتحضير الغداء، فوقعت عيناها على يدها التي مازالت مُلتفة بالشاش الطبي الأبيض لتتسلل بسمة خافتة إلى ثغرها، مما أدى إلى ظهور الحفرة في وجنتها اليُمنى، فهي قد تذكرت للتو إسماعيل وقلقه عليها وإسراعه لها ليُنقذها نحو المشفى، كانت تقف بجانبها والدتها متعجبة من حالتها تلك، فطالعتها لدقيقة بصمت ثم تساءلت بنبرةٍ متشككة بغير اطمئنان
"بتضحكي على إيه؟"
"أنا؟ .. مفيش أنا بس افتكرت حاجة."
أجابت ورد بتلعثم وعادت تكمل ما كانت عليه ووأدت بسمتها سريعًا، تنهدت والدتها بعدم ارتياح لظنها تهاتف الشباب من خلفها، ورغم أن ورد تقسم لها بأنهن فتيات إلا أن والدتها تتحجج بكونهم ذكورًا متخفيون بحسابات فتيات خلف تلك الشاشة الإلكترونية، بعد فترةٍ تذكرت والدتها موعد دواء الضغط خاصة رضا، فتحركت نحو ورد وأعطتها كوب من الماء قائلة بحزم
"طلعيها لأبوكِ في الصالة عشان ياخد العلاج بتاع الضغط، معاده دلوقتي."
أخذت ورد الكوب على مضض وهي تتأفف بضيق ثم تحركت للخارج حيث يجلس والدها، وضعت كوب المياه على المنضدة المجاورة له ثم أعطته شريط الدواء الذي يحتوي على الأقراص قائلة بجفاء ونبرةٍ حاولت جعلها تبدو طبيعية
"الدوا."
أومأ دون النظر لها وهو يصبّ كامل تركيزه على شاشة التلفاز، فالآن تُعرض نشرة إخبارية عن أوضاع البلاد واحتمالية حدوث ثورةٍ ما أو ما شبه، ولأنه من محبي السياسة وما يتعلق بها فكان منتبهًا للشاشة بشدة يستمع للمذيع يسرد بعض الأقاويل التي انتشرت بالجرائد وأنها ليست إلا إشاعات بكل التأكيد لزيادة الفِتن بين الشعب.
كان حسن يتحرك ذهابًا وإيابًا من أمام الشاشة وهو يلعب ببراءة كعادة الأطفال بالطائرة في يده، وبالنسبة لكونه صبي وعدم امتلاكه لأشقاء في مثل عمره أو حتى أصدقاء لينغمس معهم باللعب فهو مُصاب بفرط الحركة، و بينما يلعب حسن وعلى حين غرة نهض رضا وأمسك منه الطائرة وقام بتحطيها إلى أشلاء صغيرة مما أحدث جلبة، ثم أمسك بحسن من ثيابه وجذبه خلفه بعنف تزامنًا مع ظهور ورد التي أتت للتو من الداخل لترى ما سبب مصدر تلك الضوضاء، وأقسم رضا على طرحه ضربًا حتى يتأدب، فقد صبَّ كامل غضبه وتراكماته في الصغير الآن بلا رحمة وقد أعماه غضبه، صرخ حسن مستنجدًا بأمه أو شقيقته ولكن رضا أمسك بعصا حادة وكاد يضربه على رأسه، فمنعته ورد سريعًا بحدة وهي تحاول أن تجذب شقيقها من يده قائلة بصوتٍ مرتفع
"ما تضربهوش!! هو عملك إيه؟"
نظر لها بأعين حادة قائلًا "امشي من وشي بقولك."
"مش همشي." تحدثت بحدة وصوتٍ مرتفع لأول مرة بحياتها وهي تقف أمامه بتحدي، بدأ الصوت يعلو وأتت والدتها لتحاول فض ذلك النزاع العنيف ولكن رضا هدّدها بعدم الاقتراب، صممت ورد على موقفها وهو عدم ترك شقيقها معه لأن مصيره الموت لا محالة على يد والدها، ولكن رضا كان أقوى حين صفعها بقوة على وجنتها اليُسرى مما جعلها تقع واختل توازنها وسالت دماء أنفها بغزارة، صرخت والدتها وتحركت للشرفة تنادي بعلو صوتها تستنجد بمن تراه، ولم تجد سوى إسماعيل جالسًا بالأسفل، فصاحت
أنت تقرأ
مثلث الخطر
Gizem / Gerilimإسماعيل شاب بالرابع والعشرين من عمره خريج كُلية الاقتصاد والعلوم السياسية وحلم حياته أن يلتحق بإحدى الشركات الكبيرة وأن يكون محللًا ماليًا ذو شأن. سنرى إذا سيتم قبوله أم لا وسنعيش معه أجواء لطيفة هو وعائلته وكذلك أصدقائه. ــــــــ بدأت في 8 سبتمر 2...