"مساؤكِ نورٌ آنسة مِيرسي ، يا لها مِن صُدفة !"
أبدى تعجبه الواضح من الصدفة هُنا ، أمّا هي فملامِحها إرتسمت عليها بسمة ثابتة و كأنما كانت تدري بأنه قادم .
هي أكدَت له ذلك حينما قالت تقدّم له أحد كؤوس العصير المُطابق لحمرة شفتيها باسمة
"البارحة في حديثٍ عابر مع ماري إتضح أنك ستأتي ، من الجيد أنّني أخطأت لفظ مُسماك فحفظته لأنني سيئة في ذلك "
ابتسم هو تلقائيا يحل عقدة حاجبيه و قد أرخت عفويتها معه دفاعاته ، هو لا ينكر أن وجنتيها انتثر بهما الجورِيّ و توشحَتهما حمرة الخجل بشكل مُسكر ، لكنه استباح الحديث معها براحة فأضاف :
" كانت صُدفة جميلة ، على الأقل بعد أن إنشغل أولئك ببعضهما "
أشار هو لصديقيهما المُشتركين الذي سُرعان ما تحول شجارُهما إلى مُغازلة واضحة على الملأ ، هو في فكرة عابرةً وضعها و هو في وضعٍ مُشابه ليفرج جوفه عن تنهيدة ما .
" أجل ، هما كذلك في العادة دومًا ، دائما اللهفة رغم لقائهما الدّوري "
ناظَرها هو و لاح بباله أنهما إبنا باريس ، كلاهما بباريس طوال السّنة و في العُطُلات و ذلك واضح فبشرتها لم تبدُ كتلك التي تعرضت لسمرة شاطئ أو حرّ صيف ، هو لاحظ كل ذلك رغم أن الصيف قد ولّى منذ مدة طويلة ، و لعله محق .
هو نفى علاقة المسافات المرهبة تلك المليئة بالاشتياق و وضع كليهما في علاقة قُربٍ و إكتفاء ، و طلب لا مُتناهٍ و شغفٍ مستمر
"هي هكذا ، علاقاتُ المسافات و ما تفعلهُ بأصحابها "
أومأت هي تُوافقه و في جوفهما حديثٌ كثيرٌ كأنّما يألفان بعضهما منذ دهر سحيق .
هو قرر كسر ذلك لكن بعد أن يُنهي كلاهما إرتشافه لبعضٍ مما يحويه كأساهما نبيذًا مُعتقا ،
و بالنسبة له بعد أن يُلهي نفسه عن خمرة شفتيها التي تُصيّرها له إغريقية فاتنة تقديسُها يكمن بإغداقها باللثمَات .
و لأنه عَجول لا يؤمن بتكرار الفُرص ، و لا يثق بقوانين الإحتمالات و لا بإبتسامات القدَر هو أولا سأل :
"أ أتيتِ بمفردِك فأمسيت تُعاقرين النبيذ مُبكرا يا آنسة ؟"
هي ابتسمت و هو بدأ يشك في أنها تتعمد الضغط على أوتاره بإبتسامتها الساحرة كلما كلّمها ، ساءلها أو وقع بصره عليها .
"بلى بل معي رفيقٌ تركني ليعبث في الأرجاء ، ٱنظر ها قد أتى صوبنا !"
اقترب فرنسي الهيئة حاد الملامح منهما ، و هو حين طابق بين الاثنين أبعد إحتمال الأخوة عنهما ، و شرد في أنه خليلها و آماله ستندثر .
خال ذاته يرقُبها من بعيدٍ عاجزًا عن منحها كل ما نظمه لسانه بجوفه من تقديس لما يراه فيها .
اشتعل فؤاده و اكفهرّت أحاسيسه و بدأ جانبه التشارمي ذو حسّ الواقع يضفي الكثير من التراجيديا على المشهد و ما خيّم عليه .
هو بادل بين القادم و بينها النظرات ، و بين نظراتها الحالمَة و استمع لصوته الذي أملى عليه البقاء .
و ما لبث أن طرد نفسه الزرقاء من معترك أفكاره الدراماتيكية حتى ايقظه صوتٌ طُفوليّ يسأله :
"يا عمّ ، من أنت ؟ "
"برونو توقّف لنعرفك على العم أوّلا بشكل لائق ،
سيد جيمين هذا برونو الصّغير رفيقي ، برونو هذا العم جيمين "هي أضافت و أيقضته من شروده لتدخله في آخر ، الفتى الأصغر نسخة ذكورية صغيرة منها ، بذات الرموش الكثيفة و العيون البنّية الواسعة ، و خصلات العسجد الملتفة كإلتفاف عرائش الفردوس .
"مرحباً أيها الصغير برونو ، تشرفت بك "
ردّ و هو ينفي بداخله إحتمال أن هذا الصغير ابنها ، بحقّ أفكاره هي بذاتها تبدو طفلة له ، هو حتى لم يستفق جيدا من هاجس أن الفرنسي الحاد ذاك ليس خليلها .
و يبدو أن كستنائيته إلتقطت ما به من وجسٍ فوضحت
"هو قريبي الأصغر ، نسختي الجميلة "
هو كالعادة حينما يقع للفظ آخر ينظم عنه ممرّا مُقفّى فأردف محاورًا إياها على لسان فُؤاده ...:
" قالت نُسخة و الكون عنها اقتبس النور ،
العين و الرمشُ جنانٌ و المقلتان حُور ،
روحي بلُقياها تستكنُ و يخضبها الفتور ،
أيا حسناءً ، أما لنا بدهرٍ معا من الوداد ؟ ...."
أنت تقرأ
[✓]كَرَزةُ مَخفوقِ الفَانيلا || Vanilla Shake's Cherry
Romansلُقياهُما جَاءت بِسبب كَرزة ، كَرزة تعلوُ مخفوق الفَانيلا..... أ يُعقل أن لسانَه مُذ رآها أنبَر لأميرَةِ ديسَمبر : " الرمشُ طالَ مُعانِقًا الخدّين . الوردُ سكَن طواعيّة بالوجنتينِ ، بُنّ يوميِ يبدَؤني جُورِيًا بكرزَةٍ ، ألَا تدرِي أن القّشة قابع...