كَرَزةُ مَخفوقِ الفَانيلا _6_<نبرٌ أثير>

10 3 0
                                    

"مساؤكِ نورٌ آنسة مِيرسي ، يا لها مِن صُدفة !"

أبدى تعجبه الواضح من الصدفة هُنا ، أمّا هي فملامِحها إرتسمت عليها بسمة ثابتة و كأنما كانت تدري بأنه قادم .

هي أكدَت له ذلك حينما قالت تقدّم له أحد كؤوس العصير المُطابق لحمرة شفتيها باسمة

"البارحة في حديثٍ عابر مع ماري إتضح أنك ستأتي ، من الجيد أنّني أخطأت لفظ مُسماك فحفظته لأنني سيئة في ذلك "

ابتسم هو تلقائيا يحل عقدة حاجبيه و قد أرخت عفويتها معه دفاعاته ، هو لا ينكر أن وجنتيها انتثر بهما الجورِيّ و توشحَتهما حمرة الخجل بشكل مُسكر ، لكنه استباح الحديث معها براحة فأضاف :

" كانت صُدفة جميلة ، على الأقل بعد أن إنشغل أولئك ببعضهما "

أشار هو لصديقيهما المُشتركين الذي سُرعان ما تحول شجارُهما إلى مُغازلة واضحة على الملأ ، هو في فكرة عابرةً وضعها و هو في وضعٍ مُشابه ليفرج جوفه عن تنهيدة ما .

" أجل ، هما كذلك في العادة دومًا ، دائما اللهفة رغم لقائهما الدّوري "

ناظَرها هو و لاح بباله أنهما إبنا باريس ، كلاهما بباريس طوال السّنة و في العُطُلات و ذلك واضح فبشرتها لم تبدُ كتلك التي تعرضت لسمرة شاطئ أو حرّ صيف ، هو لاحظ كل ذلك رغم أن الصيف قد ولّى منذ مدة طويلة ، و لعله محق .

هو نفى علاقة المسافات المرهبة تلك المليئة بالاشتياق و وضع كليهما في علاقة قُربٍ و إكتفاء ، و طلب لا مُتناهٍ و شغفٍ مستمر

"هي هكذا ، علاقاتُ المسافات و ما تفعلهُ بأصحابها "

أومأت هي تُوافقه و في جوفهما حديثٌ كثيرٌ كأنّما يألفان بعضهما منذ دهر سحيق .

هو قرر كسر ذلك لكن بعد أن يُنهي كلاهما إرتشافه لبعضٍ مما يحويه كأساهما نبيذًا مُعتقا ،

و بالنسبة له بعد أن يُلهي نفسه عن خمرة شفتيها التي تُصيّرها له إغريقية فاتنة تقديسُها يكمن بإغداقها باللثمَات .

و لأنه عَجول لا يؤمن بتكرار الفُرص ، و لا يثق بقوانين الإحتمالات و لا بإبتسامات القدَر هو أولا سأل :

"أ أتيتِ بمفردِك فأمسيت تُعاقرين النبيذ مُبكرا يا آنسة ؟"

هي ابتسمت و هو بدأ يشك في أنها تتعمد الضغط على أوتاره بإبتسامتها الساحرة كلما كلّمها ، ساءلها أو وقع بصره عليها .

"بلى بل معي رفيقٌ تركني ليعبث في الأرجاء ، ٱنظر ها قد أتى صوبنا !"

اقترب فرنسي الهيئة حاد الملامح منهما ، و هو حين طابق بين الاثنين أبعد إحتمال الأخوة عنهما ، و شرد في أنه خليلها و آماله ستندثر .

خال ذاته يرقُبها من بعيدٍ عاجزًا عن منحها كل ما نظمه لسانه بجوفه من تقديس لما يراه فيها .

اشتعل فؤاده و اكفهرّت أحاسيسه و بدأ جانبه التشارمي ذو حسّ الواقع يضفي الكثير من التراجيديا على المشهد و ما خيّم عليه .

هو بادل بين القادم و بينها النظرات ، و بين نظراتها الحالمَة و استمع لصوته الذي أملى عليه البقاء .

و ما لبث أن طرد نفسه الزرقاء من معترك أفكاره الدراماتيكية حتى ايقظه صوتٌ طُفوليّ يسأله :

"يا عمّ ، من أنت ؟ "

"برونو توقّف لنعرفك على العم أوّلا بشكل لائق ،
سيد جيمين هذا برونو الصّغير رفيقي ، برونو هذا العم جيمين "

هي أضافت و أيقضته من شروده لتدخله في آخر ، الفتى الأصغر نسخة ذكورية صغيرة منها ، بذات الرموش الكثيفة و العيون البنّية الواسعة ، و خصلات العسجد الملتفة كإلتفاف عرائش الفردوس .

"مرحباً أيها الصغير برونو ، تشرفت بك "

ردّ و هو ينفي بداخله إحتمال أن هذا الصغير ابنها ، بحقّ أفكاره هي بذاتها تبدو طفلة له ، هو حتى لم يستفق جيدا من هاجس أن الفرنسي الحاد ذاك ليس خليلها .

و يبدو أن كستنائيته إلتقطت ما به من وجسٍ فوضحت

"هو قريبي الأصغر ، نسختي الجميلة "

هو كالعادة حينما يقع للفظ آخر ينظم عنه ممرّا مُقفّى فأردف محاورًا إياها على لسان فُؤاده ...:

" قالت نُسخة و الكون عنها اقتبس النور ،

العين و الرمشُ جنانٌ و المقلتان حُور ،

روحي بلُقياها تستكنُ و يخضبها الفتور ،

أيا حسناءً ، أما لنا بدهرٍ معا من الوداد ؟ ...."

[✓]كَرَزةُ مَخفوقِ الفَانيلا || Vanilla Shake's Cherryحيث تعيش القصص. اكتشف الآن