الفصل الاول

285 18 10
                                    


كانت تنتفض بفزع مما رأته منذ قليل، مُتسائلة هل ما حدث حقيقة أم إنه فيلم مخيف وسينتهي؟! أصوات الضغط على زناد الأسلحة تصل لمسامعها متوسلة الله ألا تكن سوى ألعاب يلعبون بها ذو أصوات فقط، لم تستطع التصديق حتى رأت والدها يقع بمكانه واضعًا يده أعلى صدره الذي أصابه رصاصتان ولم يكتفي ذلك الوحش بهما بل أطلق عليه رصاصة آخرى بمنتصف جبهته!
صرخت بهستيرية وقلبها يدق بعنف، وينتفض كأنها تسمع دقاته، ركضت جاثية على ركبتيها تملس فوق وجهه وعبراتها تتساقط أعلى وجنتيها، تلوتت يديها بالدماء وضعتهم قبالة وجهها وهي لاتزال تصرخ بحالة من اللاوعي، أصبحت جسد بلا روح من رؤية أبيها جثة هامدة هكذا.

_  أبي، أستيقظ أنت قوي أعلم أنك لن تتركني وحدي، أبي!

أنهت جملتها وهي تخبط يدها بقوة فوق الأرض وكأن هذه الأفعال ستعيد لها أبيها من جديد ولكن الآلم ينهش بقلبها لم تعد تعلم مالذي تفعله هي الآن حتى إنها لم تشعر بأي شخص حولها من تلك الرجال العمالقة مرتديين زيًا أسود اللون ويظهر على وجوههم الغضب.

أتى أحد الرجال من خلفها وهو يريد أن يجذبها؛ لينهال عليها بالضرب هو والآخرون إما أن يكون مصيرها الموت مثل أبيها أو النجاة لكن أوقفة ذاك الواقف بثبات وكأنه لم يقتل أحد قبل بعضًا من الوقت! يبث الخوف والقلق بقلوب الواقفين، أشار له بيده بمعنى ألا يقترب منها بأقل من الثانية كان قد أبتعد عنها، أمرهم بالخروج من تلك الغرفة التي تشبه ملاعب كرة القدم بحجمها، وقف يحدق بتلك الصغيرة الباكية وكأن الرحمة معدومة من الصخرة الموضوعة بمكان قلبه! لا يبدو عليه الحزن لأجلها فكيف يحزن وهو من فعل ذلك أمام أعينها؟!

خرت قواها وهي تعلن إستسلامها تنحني بجذعها محتضنه والدها الغارق بين دمائه، باكية بصمت وقد انتابها حالة من الجنون، وجدت من يجذبها من يديها بقوة كادت أن تنفصل عن جسدها لتقف بمكانها ترمقه بغضب وأعين على وشك الإنفجار من فرط الإحمرار، قبل أن تنبت بحرف كانت كلماته الجامدة قد عبثت بحواس الخوف داخلها.

_ تركتك بما يكفي لتوديع والدك العزيز، الآن هيا لنعلمك كيف تعاملين الذي يكبرك بإحترام.

لم يظهر له أي شئ من ملامحه سوى لون أعينه التي منذ أن وقع نظرها عليها غابت عن وعيها وظل مشهد موت والدها يجول بعقلها حتى صرخت بقوة وهي تغمض أعينها إلى أن وقعت أرضاً مستسلمة للسحابة السوداء العابثة بعيناها، لعن تلك اللحظة متمتماً بداخله هل كان ينقصني هذه يا الله؟!

مال عليها واضعًا يديه أسفل ركبتيها والأخرى خلف ظهرها حاملًا إياها بين يديه وكأنه يحمل ريشة! قوته وعضلاته البارزة بوضوح تجعله لا يشعر بها بين يديه، فهي وزنها مقارنة به ولا شيء!  ظل يتأمل بوجهها المشابه لوجه دمية أشتراها للتو، تلك البلورتين خاصتها التي غطى عليهم اللون الأخضر المتلألئ الواضح كحبة الفستق النادر مشابهه للعرائس الصغيرة التي نُحضرها للعب بها، وجهها ناصع البياض التي رُسمت ملامحه بدقة شديدة، وخصلاتها الشقراء المموجه التي تتناثر على وجهها الصغير، بشرتها النضرة الصافية الناعمة، أنفها الصغير، شفاتها المثيرة الخاطفة للأنظار! اللعنة فهي كالؤلؤ شقراء، من أين أتت هذه، وكيف يختلط الفيض من الجمال والنعومة معًا؟ هل يصطف المكوك الفضائي الذي بعثها إلى هنا ينتظرها الآن؟!

فشلت الخطة "A"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن