هل تذكر فترة مراهقتك ؟ المدرسة الثانوية ، حيث تمرح هرموناتك الذكورية كما يمرح أرنب في حقل للذرة .. بلحيتك الملساء و شاربك نصف النامي تتمدد علي فراشك مبتسماً إبتسامة بلهاء تفكر في (..) زميلتك في المدرسة .. غداً ستراها مرة أخري ، كل مرة تراها فيها هي أخري ، مشاعر تتجدد بإستمرار تحملها تجاهها .. تذهب إلي المدرسة لتفرغ عليها هذه الشحنة ثم تعود لمنزلك لتعيد شحن مشاعرك مرة أخري .. هي أيضاً تبادلك نفس المشاعر أو هكذا تبدو ..
المشكلة هي أنك لا تفهم ماذا بعد .. لم تصل بعد لهذه المرحلة من الإدراك ، أنت تريدها فحسب .. نزهة بعد المدرسة ، الجلوس سوياً أثناء الإستراحة ، حضور الدروس الخصوصية معاً .. هذه اللحظات من المتعة هي ما تدركه ، لا تستطيع التفكير في أبعد من ذلك .. أنت ترغب، أنت مرغوباً ، ولكنك لا تفهم ..في الجامعة أنت أفضل حالاً قليلاً ، علي الأقل تعرف ما تريده .. هذه الفتاة (..) هي ما تريده فعلاً .. تحبها منذ السنة الأولي و هي تحبك أيضاً .. أربعة سنوات تقضونها في تخيل المستقبل ..
لا لن نسكن في المعادي ، يقولون أن من يدخلها يضل طريقه ، ناهيك عن الأسعار هناك التي حتماً لا تناسبنا .. ما رأيك في السادس من أكتوبر ؟ مدينة جميلة و هادئة ، فقط أنت لا تسطيع السير بمفردك إلا بين الساعة الثانية و الثانية و الربع ظهراً ، غير ذلك أنت تغامر بأن تعود لمنزلك بلا نقود أو بلا ملابس ، هذا إن عدت طبعاً ..تجلسان متلاصقان أثناء المحاضرات .. شطائر الفول و الطعمية بعد إنتهاء المحاضرات فأنت لا تستطيع تحمل شراء البرجر الآن .. تستقلان المترو سوياً في رحلة العودة .. في المساء تتحدثان سوياً علي الهاتف حتي تتثاءبان ، فقط لتكتشفا أنكما تتحدثان منذ أربع ساعات و أن الشمس أشرقت و هذا يعني أن لا نوم اليوم ، يجب أن تستعدا للذهاب للجامعة ..
بعد السنة الرابعة تكتشف أن الحياة ليست وردية بهذا الشكل .. الفتاة تطالبك بمقابلة والدها .. فقط هناك مشكلة بسيطة ، أنت لا تملك شقة و لا تملك عملاً و لن تملكه قبل أن تؤدي خدمتك العسكرية .. والد الفتاة يرفض بالطبع أن تنتظر إبنته كل هذه المدة ، يجب أن تتزوج الفتاة حتي و إن تزوجت زنديقاً مجرماً سافلاً يضرب النساء و يشرب المخدرات ، المهم أن يكون ثرياً ..
أنت ترغب ، أنت مرغوباً ، و لكنك لا تستطيع ..تجلس علي مكتبك في هذا البنك الذي تعمل به .. هناك أكثر من فتاة تعمل معك في البنك ، أكثرهن غير متزوجات ، و لكنك حقاً لا تراهن ، مصطلح "امرأة" بالنسبة لك يشير إلي شخص واحد و هذا الشخص لم يعد هنالك بعد الآن.. أن تصف زميلتك في العمل بأنها امرأة فهذا للدقة التشريحية لا أكثر ، لا فارق بين الفتاة التي تجلس علي المكتب المجاور لك و مدير البنك سوي أنها لديها عيب خلقي ما يجعل شعرها طويلاً و صوتها رفيعاً نوعاً ..
أنت تراها في كل شئ .. كوب الشاي هذا كنا نشربه سوياً .. هذا الدفتر الذي أمامك ، هل هو دفتر فعلاً ؟ بل هو كراس للمحاضرات ، تري علي الهامش هذه العبارات التي كنت تكتبها لها و أنت جالس بجانبها في المحاضرة ..
يأتي (..) زميلك في العمل ليجلس جانبك و يخفض صوته قائلاً أنك يجب أن تكون حماراً كي لا تلاحظ أن (..) زميلتكما تميل لك .. تنظر له نظرة خاوية قائلاً أنك تلاحظ و لكنك لا تفكر في هذا الأمر .. ينصحك بالتفكير ، فالفتاة - في رأيه - رائعة الجمال يكفي أن تشير بإصبعها له كي يهرول إليها متوسلاً .. تخبره أنك ستفكر حتي تخرسه قليلاً .. أنت مرغوباً ، أنت تستطيع ، لكنك لا ترغب ..أنت الآن في الأربعين من عمرك ، الشيبُ غزا مفرقيك ، و الزمن لعب لعبته الشهيرة ، النسيان .. الحياة يجب أن تستمر ، أنت رجل و بحاجة لإمرأة في حياتك ، هذه هي الفطرة التي خُلقت عليها ..
تبدأ في البحث ، والدتك و أختك يبحثان وسط الأصدقاء عن عروس مناسبة .. تمر الأيام و لا جديد .. والدتك التي كانت تعرض عليك عشرين عروساً يومياً الآن لا تجد أحداً ، لا تفهم لماذا ..
تجلس في عملك و تنظر إلي (..) زميلتك .. كيف لم تفكر بها من قبل !؟ هي جميلة و شابة و علي قدر من التدين .. إصبعها لا يحيط به أية خاتَم و هذه فرصة جيدة .. تقرر أن تحدثها في الأمر عندما تحين الفرصة ..
تأتي الفرصة سريعاً عندما تجدها تأتي لتجلس بجانبك لتقول أنها تريد رأيك في أمرٍ ما .. هي تميل إلي (..) زميلكما في العمل و لا تدري ماذا تفعل ، هي لا تعرف هل يبادلها نفس الشعور أم لا ، ماذا عليها أن تفعل ؟! ..
تكتشف الحقيقة المفجعة ، أنت كنت مكان هذا الزميل من قبل ، و لكنك لست كذلك الآن ، هي تراك شخصاً ناضجاً خاض علي ما يبدو الكثير من التجارب ، و بالتأكيد تستطيع إفادتها برأيك ، هي تراك كأخ كبير لن تخجل من أن تطلب رأيه في أمر كهذا .. يبدو أنك تعلم الآن لماذا تجد والدتك عروساً مناسبةً حتي الآن ..
أنت ترغب ، أنت تستطيع ، لكنك لست مرغوباً ، ليس بعد الآن ..