المتأخرون

35 1 0
                                    

للوهلة الأولي ستسأل نفسك .. ما المقصود ب"المتأخرون"؟..

الذين تفوتهم الفرص في حياتهم فيندمون عليها ؟ أم الذين يترددون في إتخاذ قراراتهم حتي يفوت الوقت ؟ أم الذين يتقاعسون عن إمداد يد العون لغيرهم إلي أن تصبح تلك اليد غير ذات قيمة؟..

لكنني اطمئنك .. الموضوع أكثر سطحية من كل ذلك.. أنا هنا أتحدث عن من يتأخرون عن مواعيدهم..

المتأخرون هم قوم يعانون من عشق مبرح لذاتهم، واحتقار قارس لغيرهم .. من يتفق معك علي اللقاء في السابعة ثم يأتي في الثامنة هو بالتأكيد يري في نفسه تلك الأهمية التي تعطيه الحق في أن يجد شيئا أفضل يفعله في السابعة بدلاً من ملاقاتك في الموعد.. هو أيضاً يري فيك انعدام قيمة حتي أنه لا يري أهمية لتلك الساعة التي ستنتظره فيها .. ماذا ستفعل في تلك الساعة؟ لن تناقش رسالة الدكتوراه الخاصة بك علي ما أظن ..

حكي لي صديق عن جاره الذي كان يطلب منه إيصال ابنه يومياً إلي مدرسته وهو في طريقه إلي العمل .. لم يكن يدري السبب الذي يمنع جاره هذا من إيصال ابنه بنفسه إلي المدرسة .. لكنه قرر ألا يسأل .. من المؤكد أن هناك ما يمنع ..

كان صديقي يتأخر كثيراً عن عمله بسبب أن الطفل كان يتأخر عليه كثيراً .. ذات يوم قرر صديقي أن يسأل جاره لماذا لا يقوم بإيصال ابنه إلي المدرسة بنفسه، فكان رد الجار:
"المفعوص بيغلبنا عشان يصحي من النوم .. ونا مش عايز اتأخر علي شغلي!"..

المتأخرون أيضاً يعانون من صعوبة بالغة في تنظيم وقتهم وأعمالهم .. يتفق معك علي اللقاء في السابعة فقط ليكتشف قبل الموعد أن لديه موعد مع الطبيب، وأنه يجب عليه إيصال والدته لمنزل خالته .. فيذهب إلي خالته لتقوم بالكشف عليه ويقوم بإيصال الطبيب إلي منزل والدته، ثم يأتي إليك في الثامنة ليعتذر عن ذلك التأخير ..

بحثت كثيراً في كتابات "سيجموند فرويد" عن شئ يفسر وجود تلك المخلوقات لكنني لم أجد شيئاً .. أعتقد أن تفسير ذلك هو أن تلك المخلوقات لم توجد في هذا الوقت.. لا أعتقد أن "فرويد" كان سيترك تلك الفرصة تمر..

فكرت أيضا في المناداة بجمع تلك المخلوقات في مكان واحد بعيد عن باقي البشر .. مع إمدادهم بالطعام والشراب بشكل مستمر .. ثم نقوم ب......

ما هذا ؟ إنها الثامنة .. لقد أخبرت الناشر أني سأرسل له ذلك المقال في السابعة .. يجب أن أنهي المقال الآن، رغم أني لا أعتقد أن تلك الساعة ستشكل فارقاً بالنسبة له .. لن يناقش رسالة الدكتوراه الخاصة به في تلك الساعة علي ما أظن .

سلسلة مقالات لا قيمة لهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن