(سعيد) شخص بسيط .. بسيط جداً إن طلبت رأيي ..
يوماً كان (سعيد) يبتاع بعض الحلوي .. ينظر إلي الأوعية الزجاجية أمام الرجل التي تحتوي علي بعض (المكسرات) .. بينما يضع الرجل الحلوي في الأكياس مدّ (سعيد) يده مثله مثل أية شاب مصري أصيل ليتذوق واحدة من تلك ..
نظرة غاضبة التمعت في عينيّ الرجل .. كان يمضغ تلك الحبة التي التقطها وهو ينظر إلي الرجل في رعب ، ماذا فعلت؟!ما عرفه أن ما تذوقه يُدعي (كاچو) ، لم يتذوقه من قبل ولم يسمع هذا الاسم قبل ذلك .. فقط أعجبه كثيرا فسأل الرجل عن سعر الكيلوجرام منه ..
ثلاثمائة جنيه !! هذا ثمن كيلوجراما من اللحم !! تراجع (سعيد) بعد سماع هذا الرقم وقرر أن يذهب سريعاً ..
***
في اليوم التالي كان يجلس في مقر عمله يمارس تلك الأشياء التي لا يفهمها اطلاقاً لكن رؤساءه يؤكدون أنه موظف رائع ، فليكن إذاً ..
بينما يعمل يمر من خلفه أحد زملاؤه ملقياً التحية يتوقف بجانبه ويهمس :
"اسمع، هل تريد مالاً بلا مجهود؟"..رفع (سعيد) رأسه إلي زميله غير مدرك لما يعنيه، هذا العرض يسمعه كثيراً في الأفلام لكنه بالتأكيد غير مناسب لفعل هذه الأشياء ..
"ماذا تعني؟"..مال زميله ناحيته أكثر -حتي فكّر (سعيد) أن ما بدر لذهنه للوهلة الأولي صحيح علي ما يبدو - وهمس بصوت كالفحيح:
"لدي عمل مساء اليوم .. ستأتي معي .. لن تفعل شيئاً، ولك خمسة آلاف جنيه "..فكر (سعيد) أن تلك المهمة تحتاج شخصاً مثله فعلاً .. عمل لا يتضمن فعل شئ يحتاج لمن هو مثل (سعيد) ليقوم به .. هيا يا (سعيد) فأنت لها .. لو كان مثقفاً قليلا لقال لنفسه: "easy money"..
بعد العمل خرج (سعيد) وزميله سوياً، وما إن ابتعدا عن مقر العمل وعن الزحام حتي توقفا .. نظر زميل (سعيد) إليه وقال:
"إليك ما ستفعله .. في الثانية عشر مساءاً سأمر عليك بالسيارة .. سنذهب إلي (المقطم) .. هناك بعض الأصدقاء الذين سأسلمهم شيئاً ما .. كل ما ستفعله أنك ستقف خلفي متظاهراً بالبأس ".."وماذا ستسلمهم ؟ ممنوعات !!"..
نظر زميل (سعيد) حوله بخوف ثم قال:
"بالطبع لا أيها الغبي!! أقول أنهم بعض الأصدقاء .. لنقل إني سأبيع لهم شيئا في مقابل نقوداً ".."ولماذا تحتاجني معك"..
"لا أريد أن أبدو وحيداً حتي لا يفكرون بالاحتيال عليّ"..
فكر (سعيد) قليلا وهتف:
"حسناً".. ولكن .. ماذا يعني هذا ال"بأس"!! ".."البأس يا (سعيد) ! .. الشدة .. الخطورة .. "..
"أااااااااااااااااه .. فهمت".. قالها (سعيد) كأنه فهم أسرار الكون كلها ..
***
في الثانية عشر مساءا كان (سعيد) بجانب زميله في السيارة.. نظر له زميله باستنكار وهتف:
"ما هذا الذي ترتديه !؟"..نظر (سعيد) إلي ملابسه وقال:
"ماذا بها؟".."بدلة !! هل نحن ذاهبون إلي المقطم أم إلي دار الأوبرا !!"..
باستنكار هتف (سعيد) :
"لقد أخبرتني أن أتظاهر بالبأس ! هل سأتظاهر بالبأس مرتدياً ثياب السباحة !!"..أدار زميله السيارة -قبل أن يُصاب بجلطة- متجهاً إلي المقطم ..
كانت تلك السيارة تنتظرهم في الظلام .. ما أن أطفأ زميل (سعيد) محرك السيارة حتي غادر الآخرون سيارتهم ..
كانوا ثلاثة .. أحدهم تصدر المشهد بينما وقف الاثنان الآخران خلفه ..
غادر (سعيد) وزميله السيارة .. وقف (سعيد) خلف زميله مباعداً ما بين ساقيه واضعاً يديه خلف ظهره .. نظر ذلك الرجل الذي يبدو أنه قائد المجموعة إلي ملابس (سعيد) ثم قال ساخراً موجهاً الحديث لزميله:
"هذا العريس .. أين العروس إذاً"..نظر زميل (سعيد) خلفه إلي (سعيد) نظرة من طراز :
"هل_أنت_سعيد_الآن_أيها_ال****!"، ثم نظر إلي الرجل وهتف:
"دعنا ننتهي سريعاً"..دون أن ينظر خلفه هتف الرجل:
"النقود"..أعطاه أحد الرجلين خلفه النقود وبدوره أعطي النقود إلي زميل (سعيد) الذي مد يده في جيبه وأخرج كيساً صغيراً من القماش أعطاه للرجل..
نظر الرجل إلي داخل الكيس ثم هتف:
"حسناً".. قالها واتجه هو ورجليه إلي السيارة.. ما إن ابتعدت السيارة حتي تنفس زميل (سعيد) الصعداء ..صعد الثنائي إلي السيارة التي أدارها زميل (سعيد) بسرعة وقادها مبتعداً ..
"ماذا كان في الكيس؟".. تساءل (سعيد) موجهاً الحديث لزميله الذي قال بدوره :
"لا داعي لأن تعرف" ..عندما وصلت السيارة إلي منزل (سعيد) أعطي له زميله نصيبه من العملية وقال:
"هيا اصعد لمنزلك، غداً سنلتقي في العمل كما لو لم نفعل شيئاً" ..صعد (سعيد) إلي منزله المتواضع .. بدّل ملابسه ثم جلس واضعاً النقود أمامه .. خمسة آلاف جنيه أي تقريباً أجر شهر .. ماذا يفعل بهم يا تري ؟
***
عائداً من عمله في اليوم التالي كان (سعيد) يعرف ما سيفعله جيداً ..
بخطوات واثقة يمشي .. يدخل إلي ذلك المكان .. يقف ناظراً حوله واضعاً يديه في جيوبه .. ينظر إلي ذلك الرجل أمامه في عينيه .. يخرج يديه من جيوبه و يقوم بعدّ النقود .. تسمعائة جنيه .. حسناً .. يمد يده بالنقود إلي الرجل ويهتف:
"أريد ثلاثة كيلوجرامات من ال(كاچو) "..تمت