تحدث القدماء عن عالم آخر غير عالمنا هذا، عالم قد دُفن أو اختفي للأبد.. قارة (أطلنطس) التي يعتقد البعض بأنها وُجدت في زمن ِِما واندثرت والتي ذكرها (أفلاطون) في محاورتين مسجلتين له .. هل وجدت تلك القارة من قبل واندثرت؟ أم أنها محض خيال؟
أُضيف أنا هنا أن هناك عالماً آخر ولكنه لم يندثر .. هل جربت أن تستقل المواصلات في مِصر ؟
لسبب ما هناك شذوذ في سلوك البشر داخل المواصلات .. هناك قوانين أخري ك(صراع العروش) .. اهتمامات أخري ومنطق آخر .. هو عالم قائم بذاته ..
١- ستنزل هنا!؟
يعتقد فئة كبيرة من السائقين في أن هناك سبباً خفياً وراء جملة (علي جنب يسطا) عندما يلفظها الراكب.. جملة غامضة هي تحتاج تفسيراً.. لا تنخدع للحظة وتفكر أن الراكب يريد النزول هنا.. هذا تفسير مباشر وساذج جداً إن طلبت رأيي.. جرب أن تُعمِل مخك، ذلك العضو الذي لا تستخدمه إطلاقاً .. فكر في معني الجملة .. عملية صعبة ومرهقة هي تدفع السائق إلي إبطال مخه وتوجيه السؤال الأكثر سخفاً:
"هل ستنزل هنا؟"..٢- لكنها تُمطر !
أثبتت قوي الطبيعة هيمنتها وسيطرتها أمام البشر علي مر العصور.. من يحاول الوقوف أمام الطبيعة يسقط .. هذا القانون لا يدركه سائقو الحافلات في مصر..
أتذكر أن كنت عائداً من الجامعة في فصل الشتاء وكانت تمطر.. عندما وصلت إلي الشارع الذي أقطنه صِحت:
"علي جنب ياسطي"..نظر لي السائق في المرآة وقال مستنكراً:
"ولكنها تُمطر!"..حسناً يا سيدي، سأتصل بأسرتي لأطلب منهم الانتقال لمنزل آخر في منطقة لا يصيبها المطر.. هل أنت سعيد الآن !؟
٣- سأنزل قريباً
الطفل الذي كان يُفضل الجلوس علي حافة المقعد في المدرسة قد كَبر وأصبح يفضل الجلوس علي حافة المقعد في الحافلة.. هو دائماً سينزل قريباً وبالتالي يجب عليك أن تدلف إلي الداخل..
تعبر الأقدام والأحراش والغابات وتطئ قدمك المستنقعات حتي تصل إلي الداخل.. الجدير بالذكر هو أن الجميع يغادر الحافلة ولا يتبقي بها إلا ذلك الشخص.. سنوات وسنوات مرت ولا أحد يعرف أين هو ذلك الموقع القريب الذي سينزل به!..٤- "خلاص قُدام"
تستطيع الجلوس علي قمة "إيڤرست" .. تستطيع الجلوس علي عرش بريطانيا.. لكنك لن تستطيع الجلوس بجانب السائق أبداً ..
هناك شروط مطلوب توافرها في الشخص سعيد الحظ الذي سيجلس بجانب السائق..
الصوت الرفيع.. المظهر الحسن.. الشعر الناعم.. مع مجموعة كبيرة من كروموسومات الXX ..
بالطبع أنت لا تمتلك أي من هؤلاء وبالتالي فرصتك شبه معدومة..٥- فَكِّر مُجدداً
لديك موعد هام في السادسة.. تستقل الحافلة في الخامسة والنصف .. الطريق يُقطع في نصف ساعة تقريباً.. ستصل في الموعد بلا شك ..
هنا يُصاب السائق بما يُدعي
"Trust Issue Syndrome"
هو لا يثق بقدرة البشر علي تحديد مصيرهم .. يجب أن يتأكد بنفسه.. تجده يقف بجانب كل مواطن مار بالشارع ليسأله:
"تحرير؟"..
تكاد تفقد عقلك.. لو أراد هذا الرجل أو ذاك الذهاب إلي "التحرير" فلن ينتظر هذا العرض السخي منك !! تحرك من فضلك !!٦- قانون "ميرفي"
يبدو أن "ادوارد ميرفي" قد نسي وضع هذا القانون ضمن قوانينه.. عندما تستقل الحافلة للذهاب لموعد هام ، فسيتذكر السائق فجأة أنه لا يوجد وقود بالعربة ، أو أن الإطار الأيسر "لازم يتزود"، أو أنه أب لثلاثة أطفال ويجب عليه تلبية احتياجاتهم الآن .. المهم أنك لن تصل في الموعد ..٧-"فيثاغورس"
أن تجلس خلف السائق مباشرة فهذا يحتاج إلي قدرة عقلية هائلة.. قدرة لا تقل عن نظيرتها لدي علماء مثل (فيثاغورس) و(اقليدس).. لديك هذه العملية الحسابية البسيطة: تلك المائة جنيه اقتطع منها أجرة ثلاثة أشخاص، أحدهما سينزل عند شارع (..) بينما الثاني عند شارع (...) بينما الثالث عند ميدان (....) .. بينما تلك الخمسون جنيه فخذ منها أجرة شخص واحد لا أعرف أين سيذهب .. مع العلم أن الباقي يجب أن يحتوي علي خمسة عملات من فئة الجنية، و عملتين من فئة الخمسة جنيهات.. مهمتك الآن أن تعيد لكل شخص ما تبقي من ماله مع البحث عن ذلك سعيد الحظ صاحب الخمسين جنيه لتسأله أين سيذهب .. لديك ثلاثون ثانية لإنهاء هذه العملية قبل أن يصعد آخرون وتصبح العملية أكثر صعوبة.. مع تمنياتي بالتوفيق..