الفصل الثامن: نعيمٌ وشقاءٌ.

32 11 0
                                    


«ماذا؟!»


أمسكها يزن من يدها بعد الذي قالته ليمنعها من الصعود أكثر.


«لقد علموا بطريقةٍ ما أنني من أخفاك، وكنت مراقَبةً طوال الوقت، حتى أنني تلقيتُ رسائل تهديد. الشيء المضحك أنهم لم يحاولوا إخفاء أنفسهم حتى، ولقد كانت رسالتهم من ذلك واضحة جدًا: نحن نراقبكِ ولا نخشى أن تكتشفي ذلك لأنكِ لن تستطيعي فعل شيء بخصوص الأمر أصلًا. إنهم أشخاص خطيرون يا يزن، فلم يكن باليد حيلة. قدِمتُ فعلًا إلى هنا قبل يومين لإخباركَ بكل شيء وظننتُ أنني تملصت من مراقبتهم، لكنني كنتُ مخطئة. لقد كانوا في أثري، وكادوا يلحقون بي حتى هذا المكان دون أن أنتبه لهم، ولولا تحذير مصطفى لي لما كنت علمت حتى ولكانوا قد أمسكوا بي وبك. لقد اضطررتُ لحظتها لتأجيل إخبارك ومنعك من الخروج بأية طريقة، وأسرعتُ بالمغادرة حتى لا  ينتبهوا لأمر القصر. وأحمد الله أنني نجحت في تشتيتهم فلحقوا بي دون أن ينتبهوا لأمرك.»


ترك يدها مصدومًا، فأكملت صعودها حتى وصلت الباب. ها هو ذا يعلم أنه عرضها للخطر أكثر مما تصور، فلقد ظن أنه لن يقترب منها أحد طالما أنها غير متورطة بالموضوع، لكنه كان مخطئًا، كان مخطئًا وبشدة. لحقها مسرعًا ليخرج من الباب وليجد نفسه وسط مكتبة عملاقة. نظر حوله متفاجئًا حتى شدَّ انتباهه رؤية سمر وهي تحرك تحفة معلقة على الجدار، فتعالى صوت هدير خفيف ثم صوتٌ كأنه لشيء يُسحب. نظر جهة الصوت ليجد الباب الذي خرج منه والذي -لدهشته- كان محفورًا بين رفوف الكتب ينغلق تدريجيًا بجزءٍ متحركٍ من المكتبة نفسها، حتى غطته الرفوف تمامًا كأنه لم يوجد قط.


«ما هذا المكان؟»


قالها يزن متعجبًا، لترد عليه سمر التي اتجهت لباب الغرفة الخشبي قائلة:


«ملكية تابعة لعائلة الساعدي.»


تصنم يزن في مكانه يحاول استيعاب الأمر، لا يصدق أن مصطفى فعل ذلك!


«وأين تقع هذه الملكية؟ أين نحن الآن؟!»


سألها بتوجس وانفعال وهو يخشى أن ما يظنه قد حدث، رغم أن المنطق يقول باستحالة ذلك مع القصة التي سمعها منهما.


«لا تقلق، لا نزال في تونس العاصمة، إننا في ضواحيها الجنوبية. من أين لنا الوقت والوسيلة لتهريبك لبغداد أيها الذكي؟»


زفر براحة للأمر وهو يمسح جبهته بظاهر يده، ليسمعها تردف قائلةً وهي تفتح الباب:

فَيَافٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن