الفصل العاشر: مُطاردة.

32 10 0
                                    

تحفز الخمسة ورفعوا أسلحتهم تلقائيًا تجاه الخزانة التي صدر الصوت منها، وتحرك اثنان منهم نحوها رويدًا رويدًا. كانت الخطوات تقترب من الثلاثة المختبئين أكثر فأكثر، ولم يفصل أعدائهم عن رؤيتهم سوى خطوات معدودة. صدر صوت الارتطام ذاك مجددًا وإن كان أخف، فظهر من شقٍ في الخزانة فأر هزيل، خرج منه ثم تخطى الخمسة المتحفزين وولى هاربًا.
«سحقًا إنه مجرد فأر!»
صاح بها أحدهم مغتاظًا بعد أن توتر لأجل لا شيء، وأخفض سلاحه كالبقية الذين زال تحفزهم أيضًا. استداروا ليكملوا طريقهم؛ لولا أن الذي اقترح عليهم خطة النهب قد أوقفهم بقوله:
«إذن ما رأيكم؟ دعونا نبدأ بالبحث الآن عن أي شيء ذا قيمة، أثق أننا سنجد شيئًا أو اثنين على الأقل، ولن يلحظ أحد غيابنا مع كل تلك الأفواج بالخارج.»
لم يكن علاء معجبًا بالفكرة، التفت لرفاقه فوجدهم مقتنعين بها، فحاول ثنيهم بتثبيطهم بصورة غير مباشرة وهو يقول:
«لو افترضنا أننا وجدنا ذلك بالفعل، فكيف ستهرّبونها دون أن يراكم الآخرون؟»
فأجابه بسرعة قائلًا:
«هذا أمر بسيط! سنحدد مكانها أولًا، نخفيها، ثم نعود لها في وقت لاحق بعد انتهاء هذه المهمة السخيفة. دعونا نستغل هذا الوقت في الاستطلاع وإيجاد الأثريات فقط.»
لم يقل علاء شيئًا رغم أن عدم الاقتناع قد بدا عليه، وفجأة؛ صدح صوتٌ من اللاسلكي الذي يحملونه وأحدهم يهدر منه غاضبًا بالفرنسية:
«أين ذهبتم أيها الأغبياء؟! اخرجوا حالًا من القصر وإلا فلن أكون مسؤولًا إن وجدكم القائد في طريقه خلال دقائق، وعندها ودعوا حيواتكم البائسة تلك!»
أنهى المتكلم حديثه الذي ترجمه علاء سريعًا للبقية، ليقول صاحب الصوت الأول برعب:
«فلننسى أمر الأثريات الآن، دعونا نخرج حالًا من هنا!»
وافقه الجميع وهبوا راكضين نحو أقرب مخرج. ولما انعدمت أصواتهم تمامًا؛ أخرج مصطفى رأسه من خلف الخزانة بحذر، ثم أخرج جسده كاملًا وهو يتنهد براحة بعد أن تأكد أنهم رحلوا عن المكان. نظر لكلٍ من يزن وسمر مشيرًا لهما بيده أن المكان آمن، فخرجا نحو الممر، لكنهما بدآ يتشاجران وأخذ كل منهما يلقي اللوم على الآخر في كونهم كادوا ينكشفون. التفت مصطفى ومشى تاركًا إياهما خلفه سائمًا من كثرة مشاجراتهما التي لا تنتهي، وما كاد يقطع خطوتين حتى تجمد مكانه وعيناه قد جحظتا عندما رأى رجلًا بلباس عسكري يظهر من ذات المكان الذي غادروا منه، لقد عاد أحدهم.
«علاء!! أين أنت؟!»
لم يكد الثلاثة ومعهم الرجل ذو البذلة العسكرية يستوعبون الموقف الذي هم فيه حتى سمعوا صوت صراخ قادم من الجهة التي ظهر الأخير منها، وبدا أن من يتم البحث عنه هو نفسه الشخص الذي يقف أمامهم في هذه اللحظة. تقدم علاء منهم فورًا وهو يرفع سلاحه مستهدفًا مصطفى الأقرب إليه، ولم تفت عيناه أخذ لمحة خاطفة ليزن ولسَمر التي ما إن رآها حتى تغير شيء ما به. لم يلمح أيٌّ من الثلاثة التردد الذي ظهر في عينيه، ولم يلحظوا يده التي ارتخت قبضتها عن المسدس، فتفاجأوا عندما أعاد مسدسه لمكانه، وقد بدأ يتراجع للوراء بسرعة ناظرًا لهم بحذر بينما يصرخ بأعلى صوته لما تردد النداء باسمه مجددًا:
«أنا قادم!! لا تأتوا إلى هنا!!»
وصل لبداية الممر الذي رجع منه، فأعطى الثلاثة المذهولين نظرة أخيرة، ثم التفت وجرى عائدًا لرفاقه دون أن ينظر للوراء. قابل في طريقه من كان يناديه -والذي عندما لاحظ اختفاءه من بينهم عاد ليبحث عنه- فسأله بانفعال لم يملكه:
«أين اختفيت؟! قد يظهر ذلك المتوحش في أية لحظة!»
وضع يده على كتف رفيقه بينما يقول له:
«لا عليك، لقد سقط شيء مني.»
«وهل هو بهذه الأهمية لتعود إليه في ظروف كهذه؟!»
لم يجبه، فتنهد قائلًا:
«إذن، هل وجدته على الأقل؟»
كان المخطط لا يزال مُوْقَعًا في أرضية المفترق، في ذات المكان الذي كانوا يقفون فيه عندما فتحوه، وقد وقف فوقه الآن كلٌ من مصطفى ويزن وهم ينظرون إليه بشك.
«بالطبع.»
وجدا رفاقهما في انتظارهما وهم على أعصابهم، فأكملوا طريقهم وهم يعاتبونه، حتى قابلهم مفترق جديد.
«ليس مجددًا!!»
قالها أحدهم زافرًا، ليردف آخر بغيظ:
«أخرج ذاك المخطط اللعين يا علاء.»
لكن علاء لم يتوقف حتى وأكمل جريه نحو أحد الاتجاهات بينما يقول:
«من هنا، كدنا نصل..»
لقد كان محظوظًا بامتلاكه ذاكرة قوية.

فَيَافٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن