ما تلاشت عتمتك ولا تجلّى صبحك...
أنّى لك أن تكسري القيد الذي أسرك...
هلّمي يا شريدتي وشاركيني عجزك...
هلّمي يا حبيبتي واجعليني سرّك...
و بترنيمة خجولة عذبة تمكنّ شدو السمّان من انتشاله من شروده المألوف ،فألقى بالقلم على الطاولة بنفور جلي وهبّ من مقعده متوجهّاً صوب الباب ليفتحه بشيء من العنف قبل أن يرمي بنفسه خارجاً كسجين حظي بحريّته المسلوبة بعد سنوات من الحرمان...
أشهر وجهه نحو أشّعة الشمس اللاذعة التي رغم برودة الشتاء الصارمة لسعت وجنتاه بقسوة لتذكرّه بسطوتها الجائرة، فأغمض عيناه انصياعاً لأمر ضياءها المبهر وسحب نفساً عميقاً محمّلاً بوعود حازمة لليلة صقيعية...
" هل سئمت من أغلال السلام يا أيهم؟"
مالت شفتاه بإبتسامة خاوية وسأله بسخرية :
" وهل تدعو ما نعيشه بالسلام؟|
حدّق به الشاب الثلاثيني ذو الملامح الخشنة المغتمّة وهزّ كتفيه مجيباً ببساطة :
"سمّه ماشئت، لكنّنا لم نسمع دوي انفجار أو طلقة رصاصة واحدة منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار وهذا يعتبر طبقاً لمعايير البشرية سلاماً!!"
رمقه أيهم بنظرة مخذولة و ردد بقهر من بين أسنانه المرتصّة :
"معايير البشرية!! يا لها من عبارة تحمل أوجهاً عديدة لم أعد أؤمن بأيّها.."
عقد الشاب ساعديه وجال بعينيه فيما حوله بتمعّن زائف معلّقاً:
" قد لا تؤمن بأيّها لكنّك مجبراً على أن تؤمن بحتمية الإنصياع إليها..انظر حولك يا صديقي وتأمّل جيّداً في الدمار الذي تدأب على ترميمه ..انظر إلى حال الناس الذين سلبوا كلّ شيء خلال السنوات الحرب الخالية!!"
ثمّ دنا منه ليتابع بقسوة :
"للحريّة ثمن أغلبنا لا يطيق تسديده!! ألم تستوعب هذه المعادلة بعد؟!!"
عقد أيهم حاجبيه وهبّ يجيبه برعونة:
"لا!!! لست أستوعبها ولن أستوعبها يارائد..فالمساومة تعني الإستسلام في كتابي..تعني الخنوع لقدر لا يخصّنا!! "
ناظره الشاب بتفكرّ للحظات بداخلالها وكأنّه يزن ثقل كلماته التالية، بيد أنّه حسم أمره حين لمح ذلك الشرر الخطر الذي لطالما عهده في صديقه فجابهه بصراحة :
"وماذا عن حياتها...ألم تساوم من أجل أن تحافظ عليها ضارباً بعرض الحائط مبادءك التي تقذف بها في وجهي كلّ ما سنحت لك الفرصة؟!"
وكسوط من نار لسعت كلماته كيانه بأسره، فارتدّ ليحدجه بنظرة قاسية واندفع نحوه لينقضّ على تلابيبه متمتماً بشراسة جريحة :
أنت تقرأ
عن الحرية والعشق
Romanceمنذ أن فتحنا عيوننا على الحياة كان أول ما وقعنا في حبه... كان الحضن الذي آوانا وآوى آبائنا وآجدادنا من قبلهم... دماؤنا ترخص حفاظا على سلامته ..وأرواحنا تطوق لنيل حريته... هو الوطن...وما أغلى من الوطن... لكن عندما يطرق عشق من نوع آخر باب القلب..فسيغد...