8

193 15 3
                                    


ظل كلا من يزن وحور يركضان حتى وصلا إلى مرتفع صغير كان صعوده هو الطريقة الوحيدة للوصول إلى المدينة مرة أخرى.
مد يزن يده لحور وقال:" سأساعدك في الصعود ثم سأصعد من بعدك"
فنظرت إليه بتهكم ثم امسكت بصخرة من صخور المرتفع ووضعت قدمها على أخرى وبدأت في تسلقه بمهارة حتى وصلت إلى الأعلى في فترة زمنية لا تتجاوز الدقيقتين.
اتسعت حدقتا يزن من الذهول في حين نظرت إليه حور من الأعلى وابتسمت ابتسامة جانبية وهي تقول ساخرة:" هل تحتاج إلى مساعدة للصعود؟"
لم يجبها يزن وبدأ في صعود ذلك المرتفع في صعوبة حتى وصل أخيرا إلى الأعلى وواصل الهرب مع حور.

ظل كلاهما يركضان في الطرق الجبلية ويطاردهم رجال بلقيس حتى وصلا إلى المدينة فاستطاعا التخفي بين من يسيرون في الطرقات.
وبعد أن تأكدا من خلو الطريق الذي يسيرون فيه من رجال بلقيس أو حراس الملك توقفت حور ونظرت إلى يزن بغضب وقالت:" لماذا هربت؟ لم يكن هذا الحل الأفضل"
فضحك ساخرا وهو يقول:" وهل انتظارها لتقطع رقبتينا هو الحل الأفضل؟"
- لا.... كان إصرارنا على أن هذا الحجر ليس السبب في مطاردة الملك لنا هو الحل الأفضل.
- لقد حاولت الكذب وتأليف قصة ولكن الكذبة لم تنطلي عليها.
- كان علينا المحاولة أكثر.
نظر يزن إليها بتعجب وقال:" وما المشكلة في هربنا؟ انا أرى أنه كان الحل الوحيد"
ثم ابتسم وهو يقول:" أتعلمين وظيفتي في المستقبل هي المفاوضة وحل المشكلات وأعلم متى يجب علينا الانسحاب .... لذا أرى أن هروبنا كان في الوقت المثالي".
- ولكنك لا تعلم بلقيس...  وهي تدرك جيدا أن مادام الملك يبحث عنا بسبب الحجر إذا هو مصدر قوة ولن يهدى لها بال إلا والحجر معها.
ثم أردفت:" المفاوضات في زمننا ليست كالتي في زمنك فأظن أن الإنسان وطباعه قد تغيرت... صحيح؟
فقال:" نعم... ولكن في رأي أظن أنني أستطيع التعامل هنا بسهولة... فقد تطور الإنسان مع مرور الزمن لذا التعامل معكم هنا ابسط كثيرا"
لم ترق الجملة الأخيرة لحور فقالت له:" ماذا تقصد؟"
فابتسم وقال بفخر:" أقصد أنني أكثر ذكاء منكم هنا لا محال... لذا أنا أستطيع التعامل معكم بسهولة"
انفجرت حور غاضبة وصاحت في يزن:" حقا.... أتظن أنك أفضل من الجميع هنا... هل تستطيع اشعال المصابيح الزيتية؟ أو تسلق الجبال أو حياكة الملابس بنفسك أو صناعة الأسهم واستخدامها؟ .... بالطبع لا.... كل منا يتكيف مع زمنه ولا يستطيع أن يتعايش بسهولة في زمن آخر حتى لو كان من المستقبل"
اقتنع يزن تماما بما قالته حور، وشعر بالخجل مما قاله، فابتسم لها وقال:" أنت محقة... أنا أعتذر عما قلته"
فابتسمت هي الأخرى وقالت:" حسنا ولكن عدني أن تستمع إلي وتتركني أساعدك حتى نصل إلى قصر السلطان... وبعدها ستساعدني أنت لإثبات صدق أبي"
- حسنا أعدك بذلك
- والآن فلنذهب إلى منزل صديقتي
- هل هو بعيد عن هنا؟
- لا ليس كثيرا.
وبعد هذا الحوار، سارت حور أمام يزن وظلت تتحدث عن أمور متعددة ولكن يزن لم يكن ينتبه كثيرا على حديثها بل ظلت عيناه معلقة عليها يشاهدها وهي تتحدث بأسلوبها الذي يشعره بانه يتحدث إلى طفلة صغيرة وتذكر كيف جعلته يخجل مما قاله ببعض الكلمات القليلة المقنعة وابتسامتها البريئة التي ظهرت بعد أن كانت غاضبة وبشدة، كل ذلك جعله يشعر بابتسامة صغيرة تنمو على وجهه وازدياد طفيف في ضربات قلبه ولكن قبل أن ينتبه لذلك الشعور، لكزته حور في كتفه وقالت:" لقد تركتني أتحدث لمدة ساعة دون أي رد منك"
فقال بتعجب:" حقا! أنا آسف"
- أيا يكن لقد وصلنا إلى منزل صديقتي أسيل.

تريكوتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن