صنعت حور كوبين من الأعشاب الدافئة وقدمت أحدهم ليزن وبدأت في شرب الآخر وهي تجلس على الكرسي الخشبي أمام يزن الذي سألها قائلا:" هل تعيشين وحدك في هذا المنزل؟"
- نعم أعيش فيه وحدي منذ أن مات أبي
- وهل لي أن اسأل أين والدتك؟
ردت بنبرة حزينة:" لقد توفت بعد ولادتي بأيام"
ظهر على يزن ملامح حزن وأوشك أن يواسيها ولكن طُرق باب المنزل فجأة فأشارت حور ليزن بأن يختبئ ثم ذهبت لفتح الباب.
وعندما فتحت الباب وجدت بعض من الرجال يتقدمهم مساعد الملك صادق الذي ظهرت على وجهه الجدية التامة وهو يقول:" لقد هرب أحدهم من السجن العام اليوم ونظن أنه في أحد منازل تلك المنطقة ولدينا أوامر بتفتيش المنازل جميعها"
أعجبت حور حقا ببراعتهم في الكذب ثم قالت متصنعة الخوف:" هارب من السجن العام! متى حدث ذلك؟!"
- في صباح اليوم.... هل يمكننا تفتيش المنزل؟
فقالت بأسى:" أنا أسفه ولكنني أعيش وحدي في المنزل ولن اسمح بدخول رجال غرباء إلى منزلي"
ابتسم صادق ابتسامة خادعة وقال:" ولكنه أمر من الملك"
فقالت مصممة على رأيها:" أنا اسفة لا أستطيع"
اختلس صادق النظر داخل المنزل فوجد كوبين على الطاولة، فرمق حور بنظرة حادة وقال:" أظن أننا الغرباء الوحيدين الذين تمنعينهم من دخول المنزل"
فنظرت إليه بتوتر وأوشكت على الرد، ولكنه لم يترك لها فرصة ودفعها لتسقط أرضا، ودخل المنزل عنوة وبدأ في تفتيش كل بقعة به.
بحث صادق في كل أرجاء المنزل ولم يجد أي أثر ليزن أو الحجر، فاتجه إلى حور التي كانت تقف بتوتر في ركن صغير من أركان الغرفة وصاح بها قائلا:" أنا أعلم أن هذا الشاب في مكان ما هنا.... وإن لم تخبريني أين هو الآن ستكون العواقب وخيمة"
لم تنبس حور ببنت شفة، فأمسك صادق ذراعها بقوة وقال بنبرة تهديد:" أخبريني أين هو وإلا..."
فقاطعته متحدية له:" لن تجرء على فعل شيء"
أشتد غضب صادق وأخرج سلاحه الناري ووجهه إلى رأسها وقال:" أقسم لك إن لم تخبريني عن مكان ذلك الشاب فسأقتلك"
نظرت حور إلى صادق بنظرات تحدي في ثقة تامة أنه لن يجرؤ على فعلها، ولكنه وضع أصبعه على الزناد وأوشك على ضغطه.
وفجأة صاح يزن من داخل الغرفة التي اختبأ بها قائلا:" اترك الفتاة الآن وإلا قذفته"
شعر صادق في هذه اللحظة بمزيج من السعادة والتعجب، ثم أخفض سلاحه المصوب على رأس حور وأمسك ذراعها بقوة وهو يجذبها معه إلى الغرفة التي يتحدث منها يزن.
وفي الغرفة كان يزن يمسك الحجر ويخرج يده من نافذة قريبة من الأرض، وفور رؤيته لصادق قال مهددا:" أترك الفتاة وإلا ألقيت الحجر من النافذة"
ضحك صادق وقال بتهكم:" هل حقا تظن أن الحجر سيتحطم إن قذفته من نافذة تبعد متر أو أقل عن الأرض!"
- لا لن يتحطم.... ولكن أنظر إلى ازدحام الطريق بالأسفل، وأظن أنني إن قذفت الحجر بعيدا سيكون من الصعب جدا إيجاده، وأيضا من يعلم من سيجده ويحتفظ به لنفسه"
شعر صادق في هذه اللحظة بالخوف يتسلل قلبه، فقال بتلعثم:" حسنا سأترك الفتاة... بشرط أن تسلمني الحجر وتأتي معنا إلى قصر الملك"
اعتلى وجه يزن التعجب وتذكر ما أخبرته به حور عن يعقوب وكيف أنه قتل اباها والملك من قبله بدم بارد، ولكن رغم ذلك نظر إلى صادق وقال بثقة بالغة:" موافق أترك الفتاة وسآتي معكم"
ابتسم صادق وألقى بحور تجاه يزن فركضت إليه وهمست له قائلة:" لا تذهب معهم... إن فعلت ذلك سوف يقتلك يعقوب لا محال"
فنظر اليها وظهر على وجهه شبح ابتسامة وهو يقول:" أنا اعلم ... مستحيل أن أذهب معهم"، ثم أردف:" سوف أعد إلى ثلاثة وبعدها جاريني فيما سأفعل"
لم تفهم حور ما قاله يزن في حين أن صادق قد تقدم ليأخذ الحجر ويزن قد بدأ في العد:" واحد... اثنان... ثلاثة"
وفجأة صاح بحور بلهجة آمرة:" أقفز"
ثم أمسك بيدها وقفز من النافذة فقفزت خلفه ثم ركضوا في الطريق المزدحم حتى اختفوا عن أنظار صادق ومن معه تمام.
ظل يزن وحور يسيران في الطرقات دون أي وجهة، حتى تملك منهما التعب فتوقفت حور وأمسكت بيزن ليتوقف هو الآخر ثم قالت بصوت منهك:" إلى اين سنذهب الآن؟"
- سنحضر الحجر الآخر الذي تفترضين وجوده.
- ولكن من المفترض أنه في قصر الملك!
- نعم إذا سنذهب إلى هناك
فصاحت بذهول:" هل جننت! سوف يقتلوننا قبل أن نصل إلى الشمال حتى... وإن وصلنا فالقصر من المستحيل اختراقه بسبب كل أساليب الحماية الحديثة التي يستخدمها الملك"
فابتسم وقال:" هل نسيت أنني من المستقبل يا عزيزتي وأعلم كل ما يعلمه"
ثم أكمل قائلا:" وتذكري أنني لن أساعدك حتى أمتلك وسيلة للعودة إلى زمني"
صمتت حور لتفكر لبرهة ثم قالت:" حسنا سوف نذهب"
فابتسم وقال:" إذا فهم يبحثون عنا ونحن ذاهبون إليهم"
أنت تقرأ
تريكوت
Fantasiaنظر يزن إلى الحجر ثم أمسكه بحذر ليجد كلمة غريبة كُتبت بخط يصعب قراءته، ولكنه حاول تهجئتها بصوت عالٍ :" تر...يك...وت" ، ثم قراءها كاملتاً قائلاً :"تريكوت". في تلك اللحظة شعر بألم شديد في رأسه.... ثم في جميع أنحاء جسده.... ثم فقد وعيه ولم يشعر بشيء ب...