سار صادق برفقة عمران حتى وصلا إلى منطقة بالقرب من الشلال حيث كان يبعدهما عنه بعض الأمتار وحسب، حينها ترجل كلاً منهما من على حصانه وسارا بعض الخطوات حتى وجدا في انتظارهما مجموعة من عشرة رجال يقفون منتصبي القامة.
وعندما رأى الرسل العشر عمران ومعه صادق، تقدم أحدهم وقال بصوت أجش ونبرة ثابتة:" أين هو الملك؟"
فأشار عمران إلى صادق وقال:" هذا نائبة.... فللملك أعمال أكثر أهمية من التحدث معكم"
زفر الرجل بضيق وقال:" حسناً"
ثم استطرد حديثه قائلاً:" لقد أرسلنا التجار لنعرف لهم سبب تأخر البضائع التي ستعرض في المهرجان"
- لا أظن أن البضائع ستعرض في اليوم الأول للمهرجان، فسوف يأتي بها الملك ولكن لا أظن أنها ستتوفر لكم إلى بعد ثلاثة أيام على الأقل.
امتعض جميع الرسل وتقدم أحد آخر منهم وقال بغضب:" ولكن اليوم الأول هو أكثر الأيام اكتظاظاً بالزوار وإن لم نعرض بضائعنا المميزة الذي ينتظرها الجميع في أول يوم للمهرجان لن نربح المال الذي ننتظره كل عام"
وبعد أن أنها الرجل حديثة عاد الرسول الأول ليتحدث قائلاً بمكر:" وليخبرني أحدكما لماذا لا يستطيع الملك احضار البضائع؟ هل توقف سحره الآن؟"
حينها تحدث صادق وقال وقد رسم ابتسامة بسيطة على وجهه:" بالطبع لا... إن الملك مازال الساحر العظيم الذي نبجله جميعاً، ولكن كان لديه الكثير من المشاغل والمشكلات لذا لم يحصل على وقت كافٍ ليحضر البضائع ولكن لتطمئنوا التجار فكل شيء سيكون على ما يرام وسيحصلون على ما يريدون في أقرب وقت"
لم يرضي حديث صادق الرسل وصاح شخص ثالث منهم قائلاً:" هذا المبرر هو الأسوأ على الإطلاق، فهل يعقل أن ساحر عظيم مثله لا يستطيع حل مشكلاته ولا يملك بعض الوقت لإحضار البضائع... هل تظن أننا مغفلون!"
أخذ عمران نفساً عميقاً زفره بضيق ثم قال:" أتعلمون... أنتم على حق، الملك ليس بساحر عظيم أو أي شيء"
صدم الجميع ومن بينهم صادق مما قاله عمران، ووقف صادق أمامه وقال غاضباً:" ما الذي تقوله يا سيد عمران! أخبرهم أنك تمزح أو أصلح الأمر بأي طريقة"
ولكن صاح عمران بوجهه قائلاً:" فلتصمت أنت يا صادق أنا أدرك تماماً ما افعله"
ثم نظر إلى الرسل العشر وأردف قائلاً:" مصدر قوة الملك هو حجر صغير ازرق اللون يستطيع إرسال أي شخص إلى المستقبل وإعادته إلى هنا مرة أخرى ومن المستقبل يحضر الملك التكنولوجيا المتقدمة ويذهل الجميع"
دفع صادق عمران حتى كاد يسقطه أرضاً وصاح به قائلاً:" ما الذي تهذي به هل جننت!"
تجاهل عمران صادق تماماً وسأل الرسل قائلاً:" هل تريدون معرفة المزيد؟"
فأجاب أحدهم وقد ظهرت على وجهه الدهشة القوية:" بالطبع"
- لقد سرق هذا الحجر منذ فترة ولهذا السبب لم يستطع الملك إحضار البضائع، ولكن لا تقلقوا لقد استعدناه وسيمتلئ السوق ببضائع التجار الذين ارسلوكم في أقرب وقت.
كان الجميع يقف في حيرة من أمره، فما يقوله عمران كان بالنسبة لهم ضرب من ضروب الجنون، وعندما وجدهم عمران في هذه الحالة قال:" أعلم أنكم تظنون أنني جننت ولكن فلتتأكدوا من صادق"
نظر الجميع إلى صادق الذي كان يقف مستنداً على جذع شجرة ولا يستطيع إخفاء خوفه من عاقبة ما فعله عمران فقد كان يشعر بأن نهايته قد اقتربت بعد هذا الموقف وكان ممسكاً بسيفه يتمنى لو استطاع شق رقبة عمران به، ولكن حتى لو في استطاعته فعل ذلك فقد أتته تلك الفكرة بعد فوات الأوان.
تقدم أحد الرسل من صادق وقال:" هل ما قاله السيد عمران حقيقي؟"
نظر صادق بعيداً عن الجميع والتزم الصمت تماماً.
حينها ابتسم الرجل وقال:" إذاً هو على حق"
ثم أشار لباقي الرجال وأردف:" هيا يجب أن نذهب ونخبر رؤساءنا بالأمر"
فساروا جميعاً ليمتطوا أحصنتهم ولكن ضحكة طويلة ساخرة من عمران أوقفتهم وجعلتهم يلتفتون إليه وينظرون إليه بتعجب، فقال:" هل تظنون أن من يحمل هذا السر يحيى به؟"
وعندما لم يجد أي ردة فعل لما قاله، أخرج سلاح ناري كان يحمله معه وقال بلهجة مفزعة:" من يحمل هذا السر يدفن معه"
ثم وفي أقل من ثانية وقبل أن يعي أحداً ما يفعله عمران، أطلق من سلاحه الناري تسعة رصاصات استقرت كلاستقرت كل رصاصة في رأس أحد الرسل، ولكن قبل أن يقتل العاشر، استطاع صادق دفع يد عمران التي يمسك بها سلاحه ليسقط أرضاً بعيداً عن عنه.
نظر عمران إلى صادق بعين يملأها الحقد والغيظ، وقبل أن ينطق بكلمة صاح به صادق ضارباً بكل الأوامر والقوانين التي تلزمه على اتباع سيده مهما كان ضرب الحائط قائلاً:" ما هذا الهراء الذي تفعله، كيف لك أن تقتلهم...هل تعلم ما عاقبة هذا أيها الأرعن المتغطرس!"
ثم تابع وقد اشتد غضبه اضعافاً:" لقد جن جنونك تماماً وما فعلته ليس له مبرر على الإطلاق... قل لي الآن ما الذي سنخبره للتجار عندما لا يعود رسلهم؟ هل سنخبرهم أنك قتلتهم وحسب"
- لقد أخبرتهم بسر الملك وإن لم أقتلهم كانوا سيخبرون الجميع
- ولماذا أخبرتهم من الأساس؟
فأجابه عمران بكبرياء:" أنا أفعل كل ما أريد حينما أريد "
- يحق لك فعل أي شيء تريده طالما لا يضر بالملك والمملكة.
- هل تريد أن تملي علي ما أفعله!
قال عمران تلك الجملة وهو ينظر إلى صادق بنظرات متوعدة تحمل كل معاني الشر، فقطب صادق حاجبيه وزفر بضيق ثم قال:" أتعلم.... لقد سئمت العمل معكم ورؤية ما تفعلون وستره"
ثم أمسك يسيفه وأسقطه على الأرض وقال:" لقد اكتفيت من خدمتكم"
ثم استطرد حديثه قائلاً:" ولقد كان الشاب ووالده على حق... تباً لك وتباً لكم جميعاً أيها الأوغاد"
حينها وجد عمران يجذبه من سترته ويصيح به قائلاً:" لقد تعديت كل الحدود يا صادق، لم تكتفِ بخيانتي مرة والآن تصيح بي وتنعتني بالمجنون وتسبني... هذا يؤكد أنك أنت المجنون، لأن كل ما فعلته سيجعلني أقتلك"
وقف صادق بثبات ولم يهتم بتهديدات عمران وقال:" أن تقتلني خير لي من أن أبقى وأشاهد في صمت ما تفعله أنت والملك"
- إذن ستنال ما تتمناه.
ثم رفع السيف الذي قد ألقى به صادق وطعنه به في فخذه ليسقط صادق أرضاً متأوهاً.
ظل عمران يدور حول صادق لوهلة، يشاهده وهو يتألم وكأنه فعل ذلك خصيصاً ليعاقبه على ما فعله قليلاً قبل أن يقتله، وبعد أن توقف صادق قليلاً عن التأوه توقف عمران هو الآخر وامسك بمسدسه مرة أخرى ثم أطلق على صادق رصاصة أردته قتيلاً على الفور، ليصبح آخر ما رآه صادق هي الابتسامة الهادئة لعمران التي تبث الفزع في القلوب.
أنت تقرأ
تريكوت
Fantasyنظر يزن إلى الحجر ثم أمسكه بحذر ليجد كلمة غريبة كُتبت بخط يصعب قراءته، ولكنه حاول تهجئتها بصوت عالٍ :" تر...يك...وت" ، ثم قراءها كاملتاً قائلاً :"تريكوت". في تلك اللحظة شعر بألم شديد في رأسه.... ثم في جميع أنحاء جسده.... ثم فقد وعيه ولم يشعر بشيء ب...