في صباح يوم التاسع عشر من شهر يونيو عام الفان واثنان وعشرون استيقظ يزن في الساعة السابعة صباحا كعادته ونظر من نافذة غرفته فوجد أن الشمس ساطعة وهناك نسيم بسيط ينعش القلب فزفر بضيق وقال:" ارجو أن يكون هذا اليوم أفضل"، ثم ارتدى قميصا ابيض وبذة سوداء وتوجه إلى الشركة التي يعمل بها.
يزن هو شاب في الثلاثين من عمره لم يراه أحد إلا ووصفه بالوسيم فهو طويل القامة ذو وجه بيضاوي يميل إلى السمرة وملامح هادئة ويزين وجهه شفاه صغيرة واسنان بيضاء مصفوفة وكان أكثر ما يميزه هما عيناه الواسعتان الزرقاوان كالبحر أو اشد زرقة ولكن دائما ما يغطي جمالهما الحزن والقلق الذي ينتابه دائما، يعيش مع جدته في مدينة صغيرة محاطة بالجبال لا يعلم عنها الكثيرون تسمى أسافيا.
وعندما وصل إلى مكتبه في قسم الموارد البشرية واستقر أخيرا على كرسيه بعد مدة ثلاثون دقيقة من السير، دخل مكتبه صديق طفولته وصديقه الوحيد في هذا الوقت أدم، هو يشبهه كثيرا ولكنه يكبره بعام وهو ذو شعر ذهبي وعينان عسليتان.
وفور رؤية ادم ليزن قال:" ان بقيت تبحث عن أحد يخلص لك ويبقى معك دائما.... ستظل وحيدا حتى النهاية"
ظهرت علامات التعجب على وجه يزن فأردف ادم بلهجة ساخرة:" لماذا نشرت هذه العبارة بالتحديد على مدونتك ليلة أمس؟" فقال يزن وهو يحاول كتمان غضبه:" لقد تركتني أريج بالأمس"
قال ادم بذهول:" حقا!! انها الفتاة الثالثة التي تتركك" ثم أردف:" وهل تركتك لنفس السبب؟"
- نعم.... مما جعلني اشعر أن ما يصفوني به حقيقي"
ضحك ادم ضحكة ساخرة قصيرة وقال بعدها:" تظن!! يجب أن تتأكد من ذلك يا يزن.... انت حقا لا تظهر محبتك او سعادتك او أيا من مشاعرك... مما يجعلك غامض وغير مفهوم.... يجب أن تغير من نفسك قليلا يا صديقي" فقال يزن وقد ظهرت على وجهه ملامح الحزن:" فقط لأنني اعلم ان محبة هذا الشخص لي لن تدم للأبد وسيبتعد يوما ما لذا لماذا سأظهر له المحبة او السعادة؟"
قال ادم بعد ان فقد الأمل في صديقه:" أيا يكن ...سوف انتظرك في عشاء العمل مع السيد ناجي مساء اليوم" فابتسم يزن وقال:" سآتي بكل تأكيد".
مر الوقت كأي يوم عمل روتيني، حتى جاءت الساعة الثانية ساعة الانصراف، وقبل ان يخرج يزن من الشركة اقبل عليه أدم وقال:" ارجوك لا تنسى موعد السيد ناجي اليوم.... انت تعلم كم يعني هذا الموعد لمستقبل هذه الشركة" فرد متفاخرا:" هل حدث يوما ولم احضر موعد أو حتى تأخرت عليه"
ابتسم أدم وقال:" حسنا أنا اثق بك"، ثم خرج كلاهما ليعودا إلى منازلهما.
كان يزن يسير في اتجاه منزله عندما سقطت منه بعض الأوراق المهمة التي كان يحملها معه إلى المنزل، فتوقف ليجمعها من الأرض، حينها اصطدم به رجل عجوز يرتدي وشاح من الصوف يغطي به جسده ووجه ثم نظر في عينه مباشرة بنظرات جعلت يزن يشعر بالريبة، كان يريد أن يوبخه لأنه يكره أن يرتطم ب الناس ولكن شعور الريبة ذاك جعله يصمت ويبتلع كلماته ويجمع باقي أوراقه ويكمل طريقه إلى المنزل بسلام.
وعندما عاد إلى منزله منزل جدته القديم المتواضع الذي عاش به منذ أن كان في العاشرة من عمره وجد جدته تجلس على الأريكة ترتدي منظارها الطبي وتشاهد التلفاز امامها بتركيز شديد وأمامها صحن كبير من المقرمشات تمد يدها بين الحين والآخر لتأخذ منه القليل.
اقترب منها يزن وجلس بجانبها وقال بابتسامه هادئة:" الم يخبرك الطبيب أن ما تأكلينه يضر بصحتك" فابتسمت وقالت:" ولكن القليل منه لن يضر" فقبل جبهتها وقال بنفس الابتسامة:" ولكنني اريدك بجانبي وبصحة جيدة.... لا اريدك ان تصابي بأي مكروه"
أبعدت الصحن من امامها وقالت:" حسنا يا عزيزي اعدك انني لن آكل مثل هذه الأشياء مرة أخرى.... ولكن عدني أن توقف عن التودد إلي لأقناعي بهذه الطريقة" فضحك وقال ممازحا:" لا أستطيع"، ثم ذهب إلى غرفته ليبدل ملابسه.
وفي الغرفة جلس على سريره ليستريح قليلا وبعد ثواني معدودة خلع سترته ليعيدها مرة أخرى إلى خزانته، حينها سقطت من هذه السترة حجر ازرق بيضاوي ساطع.
نظر يزن إليه بتعجب ثم امسكه بحذر، فوجد كلمة غريبة كتبت بخط يصعب قراءته، ولكنه حاول تهجئتها بصوت مرتفع:" تر...يك...وت" ثم قراءها كاملتا قائلا:" تريكوت.
وفجأة سطع هذا الحجر وظهر أمام يزن نور قوي لم يستطع بسببه رؤية أي شيء، وبعد ثواني شعر يزن بألم شديد في رأسه... ثم في جميع أنحاء جسده.... ثم فقد وعيه ولم يشعر بشيء بعد ذلك.
أنت تقرأ
تريكوت
Fantasyنظر يزن إلى الحجر ثم أمسكه بحذر ليجد كلمة غريبة كُتبت بخط يصعب قراءته، ولكنه حاول تهجئتها بصوت عالٍ :" تر...يك...وت" ، ثم قراءها كاملتاً قائلاً :"تريكوت". في تلك اللحظة شعر بألم شديد في رأسه.... ثم في جميع أنحاء جسده.... ثم فقد وعيه ولم يشعر بشيء ب...