في سبعينياتِ القرنِ الماضي
على أرضِ بريطانيا العُظمى
دُقت طُبولُ الحَرب .الحَرب ...
كَلِمةٌ مُهيبة مروعة تَقشعِرُ لها الأبدان!
لا تُبصرُ مِن خلالها إلا الدماء التي تُراق
ولا تسمعُ صوتاً يهربُ منها إلا صوتُ البُكاءِ و الاستنجاد
ولا تتحسسُ من لُبِها إلا الخوف..والوحشةُ المُربِكةهَل تذكرُ جونغكوك؟
هَل تذكرُ شيئاً من الذي خُضناه
تحت القصفِ بين جُثثِ ضحايا الحربِ العاتية؟
هَل تذكرُ يا صاحبي؟هَل تذكرُ حجم تضحياتك لهذهِ التُربة التي أسميتَها وطناً؟
وأنكَ قَد قدمتَ لها كُل مافي حوزتِك..في حين أنها لَم تُقدِم لكَ شيئاً؟اليوم..لا أدرِ ما هو تاريخُ اليومِ فالتعذِرني ولتعذِر هذا الإنطفاء
فإني منذُ يومِ رحيلك وأيامي لا تُشبِهُ سائِر الأيام
توقفَ كُلُ شيءٍ عند تِلك اللحظة
ولم يطلُع عليّ صبحٌ منذ يومها جونغكوك..وأنت تعلم كم أني أُحِبُ الصُبح..
أم أنكَ نسيت؟كُلُ الأشياءِ التي اُحِبُها أمسَت باهتة
أختلسُ النظرَ الى قلبي ، فَأجِدُهُ فارِغٌ مِن كُلِ شيء
سوى من وَهجِكَ القديمكيفَ صارَ ما صار؟
متى وقعتِ الحَرب ، متى سرقتكَ مِني ، ومتى انتهَت؟غريبٌ كُلُ ما جرى ، غرابة تُحيطُ بي من كُلِ حدبٍ وصوب
لا أُدركُ الوقت ، لا أستشعرُ الحياة ، ولا أقبلُ بِهاأنا الذي كان يزرعُ الحياةَ في كُلِ دربٍ يسيرُ فيه
أَهكذا يكونُ ردُ الجميل ؟ أسَفٌ وحُزن،وبكاءٌ طويل؟كُنتُ اُرافِقُك كالظِل
مالي ألتمسك هذه الليالي ولا أجِدُك؟
أتحسسُ طريقي كالأعمى
تارةً أقعُ ، وتارةً أستقيم
أنظرُ في الزواية ، فوق السطوح ، في الساحات الواسعة ، وفي الأزقة الضيقة ،ولا أراك في أي مكان..اين أنتَ صاحبي..اختفائك يُقلقنيلَيتَكَ تأتي..وإن لَم يكُن لخاطري
فلستُ وحدي من يشتاقُ رؤياك
فأنا..وشارعي..الأهلُ..وتِلك الديار
جمعينا تسكُنُنا الوَحشَةُ لهذا الغيابوقفتُ في مُنتصفِ الطريق ، أدورُ حَولَ نفسي بهدوءٍ كما التائِه
أنظرُ الى كُلِ رُكنٍ بعينين خاوية، وملامحَ لا تحمِلُ شيئاً من التعابير
فحتى ملامحي قد نَفَضَتِ الحربُ غُبارها عليها
باتت باهتةً ، قديمة ، ولا تُفيدُ بشيءوسؤالٌ يجوبُ فِكري..
أَيحدثُ أن يكرهِ المرءُ وطنه؟
أن يشمئزَ من بلادٍ نشأ فيها وترعرع؟أهوَ بواجبٍ على المرءِ أن يُحبَ وطنهُ لمُجردِ أنهُ خُلِقَ فيه؟
ليدفع ثمَن ذلك روحاً ودماً..اهلاً وأصحاب
وكُلَ ذنبهِ ..أنهُ قد وُلِد فيه؟
![](https://img.wattpad.com/cover/341740063-288-k977058.jpg)
أنت تقرأ
دَيْجُورُ وَطَني
Romanceفي اللحظةِ التي يحْتمي فيها الوطيس ويُغطي المُعْترَكُ جُثَثُ القتلى حينَ تُسمَعُ طبولُ الحربِ تُقرَع و يتطاحنُ الجيشينِ في الوغَى ويتعالى قَتَامُ الحَربِ كشيطانٍ مارِد يبتغي لمسَ السماء فتُسَوِلُ لكَ نَفسَك تجريدَ فؤادِكَ من أيِ مشاعِر للدفاعِ عن...