الإثنين، الساعة الثانية بعد الظهر، نهار مشمس.
22/حزيران/2043م.
كان كل شيء طبيعيا واعتياديا، حركة السير الخانقة، الإعلانات نفسها فوق الشاشات الكبيرة نفسها، تزاحم الناس وعمال الطبقة الوسطى حول باصات النقل "دوار جنوبي" قرب مستشفى "الإغاثة" الخاصة..
شريط يومي مضطرب يكرر نفسه.
ولكن شيئا واحدا فقط لم يبد اعتياديا، قرب بحيرة المثلث فوق الجسر الأيمن، كان ثمة تلك القدمان الأنثويتان، المقتربتان من الحافة كثيرا، وأكثر من اللازم.
●●●
اليوم.
جامعة النبراس الخاصة
كلية الحقوق-البناء3-المدرج السابع.
الساعة 09:45 صباحا.
مال هيثم بجذعه للخلف يتمطط، دفع خصلة من شعره الأشقر بعيدا عن عينه ليتسنى له استراق النظر حيث ضياء الجالسة بجواره تنام على المقعد ظاهريا ولكنه لمح ضوء هاتفها الذكي ساطعا تحت المقعد الخشبي.
كان صوت الدكتور إيهاب يرن في المدرج دون أدنى استجابة أو ردة فعل باستثناء "هديل" التي يلقبونها ب"العقل" حيث كانت تنقش كل حرف يتلفظ به الدكتور رغم تواجد كل تلك المعلومات في المقرر.
-"فالإقامة أو الرفع أو الإجراء الذي ينقل الدعوى من حال السكون التي هي عليه عند نشوئها إلى حالة الحركة، فيدخلها في حوزة السلطات القضائية المختصة..."
رجع بجذعه أكثر للخلف ومال برأسه أكثر وأكثر، كان شعرها الكستنائي يحجب الصورة التي كانت تتأملها بحنين على الهاتف، وبمحاولة أخيرة للمراوغة كان قد لفت نظر الدكتور إيهاب حيث تسمر مكانه مثبتا عينيه على ضياء الغائبة عن الواقع..
شحب لون هيثم ولكزها بقوة لكنها أبعدت يده بينما يخلع الدكتور نظارته الطبية ويصيح ملوحا بها بعصبية:
-أنت! يا طالبة!
لكزها هيثم ثانية فانتفضت تدس الهاتف في حجرة المقعد وتقف متسمرة تحت أنظار الجميع.
-نعم.. دكتور، ال..المعذرة..
-كان من الأجدر بك البقاء في السرير لا قطع مسافة طويلة ثم النوم في محاضرتي! انصرفي!
عبست واتقدت عيناها العسليتان واحمرت خجلا ثم عدلت غرتها بعصبية بينما تجمع أغراضها وكرامتها بسرعة عن المقعد وتصعد الدرجات مغادرة المدرج من الباب العلوي، غافلة عن الهاتف الذي بقي في حجرة المقعد والذي وضع هيثم أصابعه عليه فورا..
كان على وشك اكتشاف ما كانت تنظر فيه عندما جاءه الصوت كالصاعقة:
-وأنت أيضا، هيثم "بيك"! هل سأراك كل عام أمام وجهي؟
أنت تقرأ
"الجانب الآخر من البحيرة"
Historische Romane||مكتملة|| (ضياء حامد عساف) شابة بلغت العشرين من عمرها، حائزة على الدرجة الأولى في الفروسية لثلاث سنوات على التوالي، قبيل سباق الجامعات الكبير، تعيش ضياء الأحداث الأكثر مأساوية في حياتها ما دفعها للتخلص من نفسها في (البحيرة المثلثية) بغية وضع حد لحي...