ن
زلت أنيسكا المنحدر الجبلي متشبثة بعنق حصانها وهي لا تزال تصيح وتبكي بتقهقر:
-كيف!! كيف أمكنك!!
كانت لا تزال حتى اللحظة غير قادرة على التصديق، كل شيء حدث بشكل أسرع من أن تستوعبه، وأثقل من أن يحتمله عقلها، كانت تشعر بالضيق والانكسار والإهانة الشديدة، لم تشعر يوما أن روديون كان ينظر إليها بهذه الطريقة الدونية المهينة ولم تحتمل ذلك للحظة واحدة!
بالنسبة إليه اتضح أنها لا تزال مجرد أسيرة، عبدة سرقها من ليونيد ليس لتحريرها ولكن لإلباسها قيودا أثقل وأبشع بكثير من تلك التي كانت تحيط عنقها في السابق.
"وأيضا، لا تتوقعي مني أن أنظر بشكل جدي إلى فتاة تم لمسها من قبل ليونيد."
كان وجهه مخيفا ومؤلما وكانت الهالات السوداء تحيط عينيه بقسوة وكلماته ترن بقوة في أذنيها كهمسات العفاريت، شعرت بقلبها يتهشم من الداخل وغصة في حلقها كما لو ابتلعت سما حارقا للتو.
وصلت إلى البحيرة فترجلت عن الحصان ولا إراديا جثت على الأرض تلهث وتبكي ودموعها تشوش الرؤية أمامها.
نهضت ومشت بترنح نحو الحافة الصخرية ونظرت إلى انعكاس صورتها على الماء، تسارعت أنفاسها، كانت رائحة المياه مشبعة بمزيج من أنفاس الرطوبة والنسيم العشبي الربيعي الذي يعطي شعورا بالغرق قبل المحاولة في القفز لأسفل.
كان كل شيء يمر أمامها سريعا، مواقف، ابتسامات، كلمات..
"إنك موهوبة أنيسكا، أيا كان ما حدث، من الجيد أنك نجوت من الموت"
"بإهمال فكرة أنك ستصبحين الامبراطورة في المستقبل..."
"تظاهري بالشجاعة"
"قاتلي بالغضب"
وأخيرا..
"الناس يكذبون من أجل حماية أنفسهم"
وخلال ذلك ظهر ذلك المشهد أمامها، أعين روديون التي تلونت بالبريق للمرة الأولى واعتقدت أن ذلك قد حدث بسببها، بسبب تأثيرا..
لكن لا شيء.
لم يكن ثمة شيء واحد حقيقي.
أخذت نفسا عميقا وأغمضت عينيها، رفعت قدميها عن الأرض وفي نفس اللحظة تماما التمعت شرارة في رأسها مجددا ومرت أمامها صور سريعة من جديد..
كان من بينها وجوه تعرفت إليهم في اللحظة الراهنة..
تلك اللحظة التي تظهر فيها الصورة لكنها سرعان ما تتلاشى وتأخذ معها كل الذكريات مجددا في دوامة كارثية لم يكن في مقدورها أن تسيطر عليها..
صراخ
أحاديث متداخلة في بعضها
وفي لحظة معينة.. حل الهدوء على رأسها من الداخل وهدأ كل شيء لتقفز ببطء شديد..صورة رجل.
![](https://img.wattpad.com/cover/344885562-288-k484095.jpg)
أنت تقرأ
"الجانب الآخر من البحيرة"
Fiction Historique||مكتملة|| (ضياء حامد عساف) شابة بلغت العشرين من عمرها، حائزة على الدرجة الأولى في الفروسية لثلاث سنوات على التوالي، قبيل سباق الجامعات الكبير، تعيش ضياء الأحداث الأكثر مأساوية في حياتها ما دفعها للتخلص من نفسها في (البحيرة المثلثية) بغية وضع حد لحي...