أ
راح القائد رأسه على كف يده بضجر، كان خيال بافلوس ينكمش ويتضخم بينما يتجول في الغرفة جيئة وذهابا يحاول أن يرتب المكان الذي كان في فوضى عارمة.
لم يتوقع أن يقابله في غرفته، كانت الأرضية مفروشة بأشياء ليست في موضعها الصحيح وكان بافلوس لا يمانع ذلك لأنه يكره البحث عن الأشياء ويفضل أن يكون كل شيء مرئيا.
نفخ القائد الهواء من فمه ثم اعتدل:
-بافلوس، توقف عن ذلك، تزيد الأمر سوءا بالفعل.
وفي نفس اللحظة أسقط بافلوس جرة فخارية تحولت لقطع في الأرض فحاول أن يجمعها بسرعة لكن روديون قد نفد صبره:
-بافلوس، فلتجلس هنا وحسب!
نفض يديه بتوتر ثم سحب كرسيا وجلس عليه بينما ينظر إلى كل شيء عدا وجه القائد كأنه غير معني بالحوار.
-بافلوس فلتنظر لوجهي من فضلك.
سحب نظره نحو روديون بينما يفرك مؤخرة رأسه فظل القائد يحدق في عينيه العسليتين اللتين أظهرتا لمعانا أصفر تحت ضوء المشعل، أشبه بعيني قطة.
-منذ متى نعرف بعضنا يا بافلوس؟
-...، خمسة، خمسة سنوات.
-بالضبط. هل تعرف ما معنى ذلك؟ سأخبرك، معنى ذلك أنك كذبت لخمس سنوات بالفعل. أبارك لك.
فرك شعره بتوتر:
-ليس الأمر كما يبدو..!
-جيد، فسر لي إذا.
-لقد أخبرتك بشأنهم، في ذلك الوقت!
-لم تقل إنك هارب، على ما أذكر، قلت إنك مطرود! الأمر يختلف بافلوس.
صمت كمن يعترف بذنبه وأشاح بعيدا. استأنف روديون بهدوء:
-انظر في وجهي، بافلوس، هل أبدو لك شخصا لا يمكنك أن تثق به؟
جاء صوته المتحشرج باحتجاج:
-لا، الأمر ليس كذلك، أنا أثق بك، لكنني لم أشأ التحدث بشأن ذلك آنذاك.
هز روديون رأسه متفهما لكنه قال بعد ذلك:
-الأمر لا يزعجني بقدر أنني لم أتمكن من أخذ احتياطاتي لهم، كنت سأكسب وقتا للتصرف، ولو لم تتصرف أنت بالشكل الصحيح في المعركة، كان جيشنا ليهلك كما تعرف!
هز بافلوس رأسه بضجر، عم الصمت أجواء المكان لثوان مرت بثقل ثم تحدث روديون:
-والآن، أردت تركنا والذهاب بعيدا. أنت الآن تعتقد أنك تبعدهم عنا بهذه الطريقة.
قابله بافلوس بالصمت فوضع القائد يده على كتفه:
-بافلوس، إذا كنت تجهل حتى الآن فسوف أوضح الأمر لك. إن وجودك هنا مهم، ليس تقليلا من شأن البقية، لكنني مهما خططت وفكرت، فلا أستطيع الانتصار في عراك صغير بدون أن تكون أنت في المقدمة! هل تدرك ذلك؟
أنت تقرأ
"الجانب الآخر من البحيرة"
Historical Fiction||مكتملة|| (ضياء حامد عساف) شابة بلغت العشرين من عمرها، حائزة على الدرجة الأولى في الفروسية لثلاث سنوات على التوالي، قبيل سباق الجامعات الكبير، تعيش ضياء الأحداث الأكثر مأساوية في حياتها ما دفعها للتخلص من نفسها في (البحيرة المثلثية) بغية وضع حد لحي...