وعلي هذا السرير الطويل استلقى هذا الشاب بأسى وهو ينظر إلى السقف ، ليتنهد بضيق ثم يقول:
بس أنا بضايق يا دكتور والله ، يعني ببقي عايز أمسك اللطخ ده اللي قد الحيطة وأرزعه بوكس ، يتففه لسانه .ليضحك "عُمير" بعد أن تعجب من كلماته ليقول في محاولة لتهدأته:
استهدي بالله كده يا "ياسور" ، مش مستاهلة يعني .ليعتدل "ياسر" فجأة ثم تحدث وهو يحرك يديه بانزعاج:
مش مستاهلة ازاي ، أنت مش بتشوف ضحكته الرخمة ولا تقل دمه .ثم نظر لأعلى ليقلد شخص ما وهو يقول :
جرثوم يعني بديتول أقضي عليك .ثم عاد لطبيعته وقال:
ذنبي ايه أنا في اسمي يعني .ابتسم "عُمير" ليُمسك دفتره وقال:
"ياسر شعبان " ممكن نقف لحد هنا متقولش آخر اسم يا سيدي .ليضحك "ياسر" بطرف فمه ساخراً وقال:
يا دكتور ما في مصالح حكومية بتحتاجه ، وفي الجامعة بردو ، أنا اتكتب عليا الهم ده خلاص .طأطأ "عُمير" رأسه ليفكر ثم قال:
طب ما تتأقلم عادي ، بص أنت فاضلك سنتين وشويه وتتخرج ، وتبقي أشهر دكتور صيدلي ، لازم يبقي لفروعك اسم مميز .ثم أشار بيده بشكل استعراضي وقال مبتسماً:
صيدليات جرثوم .ضحك "ياسر" علي هذا وقال:
والله قعدتي هنا هي اللي بتهون عليا قلة أدب الغجر اللي برا .ابتسم "عُمير" وقال له :
الأمور أبسط من كده والله ، بس الناس بقت بتفكر من كعب رجليها ، لازم يستخدم خفة دمه من غير ما يفكر هتزعل اللي قدامه ولا لا .ليقطع حديثه صوت هاتفه ، توجه نحو مكتبه ، ثم وضع الهاتف علي أذنه وقال:
ألو ، عاملة ايه يا ست الكل .لتُجيبه الأخري:
الحمد لله يا حبيبي ، أنا عارفة إنك مشغول بس قولت أعرفك إني رايحة أجيب "يونس" من الحضانة .انزعج قليلاً ليقول :
ليه كده بس يا أمي ، كنت هبعت حد يجيبه ، ليه تتعبي نفسك .ابتسمت والدته بحنان لتقول:
ربنا يكون في عونك يا بني ، لازم نشيل من عليك شويه ، وبعدين تعب ايه ده "يونس" قلب سته ده اروحله آخر الدنيا .ابتسم بهدوء ليقول بنبرة ممتنة:
ربنا يباركلي في عمرك وقلبك الحنين ده يا ست الكل.أسعدتها كلماته ، لتقطب حاجبيها بمزاح وتقول متظاهرة الجدية :
يلا يا دكتور روح لشغلك ، مش فضيالك يا حبيبي .ابتسم ليودعها ويُغلق المكالمة ، تنهد دليلاً على راحته من أمر جلب ابنه من الروضة ، ثم نظر إلى ذلك الذي مازال مستلقي علي السرير وقال :
كنت بتقول ايه بقي يا "ياسور" .وصلت والدة "عُمير" إلى الروضة حيث يقف "يونس" ومعلمته أمام الباب الكبير ، ليركض نحو جدته وهو يقول بطفولية وبراءة:
تيتا ، تيتا .