« الفصل الرابع والعشرون »

1K 71 2
                                    

بينما "عُمير" يتبادل الحديث مع أصدقائه ، إذ بمكالمة هاتفية مفاجئة ، أجاب بهدوء:
ألو .

لكنه فُزِع فجأة لينهض قائلاً:
انتحر ! ..

حملق بصدمة ليُفزع الجميع من حوله ، شعر باهتزاز جسده وارتخاء ركبتيه ، لا يصدق عقله ما سمعه ، كيف لهذا أن يحدث .. اندمجت المشاعر بين الصدمة والحزن مع الخوف ، وترأسهم الخذلان والفشل ، ليقول بصدمة وسرعة :
أنا جاي أهو علطول .

قال "باشا" بفزع:
مين ده يا بني ؟

قال وهو يبحث بتوتر وعدم اتزان عن مفاتيح سيارته :
مريض في المستشفى .

لم يجد مفاتيحه ليزداد غضبه ، أمسك بكأس الماء الذي وضع أمامه وألقاه أرضاً بكل قوته ثم صرخ بغضب:
فين المفاتيييح ؟

اقترب منه "صادق" ليقول بقلق:
أهدى بس هنلاقيها ، مين ده اللي انتحر ؟

قال بنبرة مختنقة وكأنه سيبكي :
"مازن" يا "صادق" .

عقّد "صادق" حاجبيه وقال بجهل:
"مازن" مين ؟

زفر "عُمير" بضيق وهو يتابع بحثه ويزيل الأشياء ويلقيها بعشوائية ثم صاح عالياً:
يا "مريم" ..

جاءت تركض بعد لحظات لتقول بتوتر وإبهام :
نعم .

قال بغضب شديد:
فين مفاتيح العربية ؟

قالت بتلعثم وخوف:
جوا أنت قولتلي أشيلها .

ولكن "شهاب" تدخل سريعاً ليقول:
مش هينفع تسوق كده ، أنا هوصلك .

التفت له وهو يأخذ أنفاسه بصعوبة وضعف ، ثم أومأ بتعب وقال وهو يلوح بيده:
طيب .. يلا بسرعة .

نظرت "مريم" بقلق قائلة :
في ايه ؟

قال وهو يشير نحو الداخل أثناء ركضه مُسرعاً :
نادي الدكتورة "منار" من جوا ، خليها تنزل بسرعة .

ليركض كلاً من "محمد" و "صادق" خلفه ، كان يركض بسرعة وهو يلهث ، تهتز الأرض تحته وتنبعث حرارة كُبرى من رأسه وأذنيه ، الرؤية مشوشة وصدره به ضيق ، مشاعره الحزينة مكتومة يود لو يصرخ ولكنه عاجز عن ذلك ، بداخله لهب يحرق قلبه وكأنه من فعل به ذلك ، شعور الذنب يسري في عروقه ...

وصلوا إلى السيارة راكضين ، جلس كل من "محمد" و "صادق" و "عُمير" بالخلف ، لم تمر دقيقة حتى هبطت "منار" تهرول لتقول بخوف وهي تنظر ل "عُمير":
مين انتحر يا "دكتور" ؟

قال باستسلام وحزن :
"مازن" ..

حملقت بصدمة ثم شهقت لتضع كفها على فمها ثم قالت بتلعثم :
مريض الاكتئاب ؟

أومأ لها بأسى ، وقفت هي تطالعه بصدمة لتتجمع الدموع في مقلتيها ، أخفض رأسه وقال بحزم:
يلا يا دكتورة لو سمحتِ اركبي .

سارت ببطء نحو الباب ، فتحته بتعب وجلست .. تحركت السيارة  مُسرعة ولم تكُف "منار" عن البكاء والشهقات المتألمة ، أما "عُمير" فسرت في جسده رعشة مع برودة أفقدته توازنه ، تدور الأشياء من حوله و رأسه مشوش ، أغلق كفه ووضعه أمام فمه بتوتر ، كانت يده ترتجف بشكل ملحوظ ، نظر إليه "محمد" ليلاحظ ذلك ، ربت على كتفه بحنان وقال:
أهدى يا "عُمير" .. أهدى أنت صايم وكده هتقع مننا .

وصية غالية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن