~~~
ضجَّت الأفكار بين تلافيف عقلي وذرت آخر شظايا النعاس بعيدًا، كلمات أبيل ما تفتأ ترن بداخلي، وعينا العمدة الجاحظتين واعتراضه على رغبة الآخر في المضي قدمًا إلى ما يسمى الهاوية المظلمة أنبت فيَّ مشاعر الخوف ، هل هي بهذا السوء؟
فارقت فراشي لأخطو إلى الخارج المظلم إلاً من شرارات برقٍ أضاءت السماء الملبدة بالغيوم من الحين للآخر، تنذر ببكائها الغزير هذه الليلة، ونسمات باردة تجمعت لتذيقنا أجواء يونيو بنكهة يناير المثلجة.
باقتراب منتصف الليل، كان المكان ساكنًا كما لو زاره الموت، ومن استوطنوا المنزل دخلوا بسبات عميق، عدى واحد منهم، استمر كل ليلة بمزاولة مكانه المعهود، في البداية استغربت من تصرفه، فهل من شخص عاقل يسامر سقف بيته كل ليلة!
لكن فيما بعد أدركت أنه أنسب مكان لهؤلاء الذين يضيق بهم عالمهم، يفرون من جدران تقمعهم، إلى فسحات واسعة وخالية من الحواجز المرئية، فيحلقون في سمائهم المعتمة، وعلى طاولة الذكريات؛ يتجرعون خيباتهم بكؤؤس من وجع، وينتحبون كل كبوة لطمتهم.
سرت إلى الفناء الخلفي فاستذكرت اليوم الذي استيقظت فيه من نومي بوقت باكر، ووقفت أمام نافذة الغرفة المطلة على الفناء الخلفي للمنزل، الشمس لم تشرق كليًا بعد، وظل شخص ما تجول هناك. في البداية لم أتبين هويته، تقاذفتني أقدام التوجس، فراقبته بحذر شديد وأنا أختبئ خلف الجدار، خائفة أن أحدهم يضمر لنا نوايا سيئة، لكن بعد أن بدأت أولى خيوط الفجر بالظهور عرفت من هو، كان أبيل.
اعتاد على زيارة الفناء كل يوم والجميع نيام، ليسقي شجرة التفاح الضخمة ذات الأغصان المترامية، يتلمس جذعها بيديه، وأحيانًا أخرى يستند عليه وينظر إلى السماء بعينين غائرتين. ورغم استمراره في إغراق جذورها بالمياه بقيت عديمة الأوراق، خالية من الثمار، لأنها ببساطة شجرة ميتة؛ بجذع ضخم وجاف وأغصان يابسة أخذت لونًا قاتمًا يميل إلى السواد.
في أحد المرات التي جُلد فيها رأسي بالتساؤلات، قررت التسلل خلسة إلى الفناء الخلفي عندما أيقنت مغادرته للمنزل، لأبحث عن جواب يرضي فضولي. اقتربت من الشجرة الغريبة بنظري وعندما أمعنت النظر بجذعها رأيت كتابة ما نحتت عليه منذ زمن، بخط أقل ما يقال عنه رديء، عبارة سببت لي القشعريرة.
أنت تقرأ
قرية التفاح الأخضر
Fantezieأربعة شباب يشق لهم القدر طريقًا نحو قرية مجهولة تجلى فيها الأخضر الزمردي بأجمل أطيافه، لكن لا وجود لجمال مطلق، وكل صورة بديعة تدسُّ خلفها وجهًا مظلم، فماذا تخفي لهم الحياة خلف تلك الأسوار؟ * من مختارات السفراء في مسابقة النوفيلا الحرة لسنة 2023 * ال...