الفصل العاشر

19 2 0
                                    


بين اختلاف النهار والليل اختلاف مشاعرنا فقد يمضي المرء نهاره في سعادة وثبات وحينما يأتي الليل يعلن انهزامه بعدما يتذكر ما ألم به، وخطيئة القلب نحو من أحب لا يغفرها وإن غفر الحبيب!، كان الليل ساكنًا هادئًا كعادة كل مساء فمنذ الدقيقة الأولى تشعر وكأن ذاك المنزل يخيم في صمتٍ مميت والحال ان كل ساكن به عقله لا يكف عن التفكير!، جلس عيسى في غرفته وحيدًا بعدما غفت صغيرتاه فعاودته الذكريات وعاوده الألم والندم ولكن بعد قليل طُرق الباب طرقات صغيرة ومترددة فإذن عيسى للطارق بالدخول وقد كانت فريدة، أقبلت وبسمة لطيفة مترددة قد ارتسمت على شفتيها فبادلها عيسى الابتسام واخبرها أن تدنو، اقتربت فريدة منه ثم جلست بجانبه على الفراش فوضع عيسى يده على كتفها وقربها إلى احضانه ثم سأل :

-صحيتي ليه؟
-عايزة اتكلم معاك!

ابتسم عيسى مجددًا فدائمًا ما تشعره صغيرته ذات الستة أعوام بأنها فتاة بالغة تجيد الحديث بفصاحة على الرغم من انعل خجولة ولا تهوى الحديث أحيانًا ولكنها إن تحدثت دائمًا ما كان هو يصغي إليها لذلك قال :

-قولي اللي انتي عايزاه ياحبيبتي
-مش انا كبرت خلاص؟!

ضحك عيسى ثم طبع قبلة حنونة على خصلات شعرها وقال :

-كبرتي بس مش اوي
-ولو سألتك على حاجة هتجوابني؟
-ومن امتى مش بجاوبك؟
-هي مامي فعلا عند جدو عشان هو تعبان؟
-ايوا ياحبيبتي مش هي كمان قالتلك كدا؟

صمتت فريدة لبضع وهلات قبل أن تتنهد وتقول :

-قالتلي بس انا مش مصدقة!، هو جدو كل ده مش بيخف
-هيخف إن شاء الله وماما هترجع تقعد معانا تاني
-يعني يا بابي انت مش زعلان منها عشان كدا هي مش موجودة معانا؟!
-لا ابدا!، هي بس اللي زعلانة مني شوية... شوية صغيرين!

قالها لأنه أدرك أن عقل صغيرته لن يكف أبدًا عن التفكير فصمتت فريدة مجددًا ثم عادت تقول :

-يعني انتوا مش هتعيشوا مع بعض تاني؟
-يافريدة ياحبيبتي كلها فترة صغيرة وماما هترجع تاني تقعد معانا متقلقيش
-يعني انتوا مش هتسيبوا بعض للأبد؟
-اكيد لا!
-توعدني؟

وتلك المرة التزم هو الصمت فنظرت فريدة إليه برجاء وأمل وأمام نظراتها لم يجد سوى قول :

-اوعدك

ابتسمت فريدة تلك المرة بعدما زال بعض قلقها فأسندت رأسها على صدره وعانقته واغمضت عينيها حتى تغفو وما هي سوى بضع دقائق حتى أتت فرح هي الأخرى وانضمت إلى أحضان أبيها فإبتسم عيسى، رحلت منى ولكنها تركت له نسختين صغيرتين منها!
                                    ***
في صباح اليوم التالي ذهبت ليلى إلى سيارتها حتى ترحل لمقابلة صديقاتها مثلما اتفقن ولكنها وجدتها معطلة لذلك زفرت بضيق ولم تدرِ ماذا تفعل فقد ذهب والدها وشقيقيها إلى العمل قبل بضع ساعات وحينما كانت تبحث عن حل لمشكلتها وجدت رياض قد أقبل هو الاخر متجهًا نحو سيارته متجاهلًا وجودها، في السابق كانت تتجاهله هي الأخرى بسبب ما اخبرتها نرجس به ولكن الآن الأمر طارئ نوعًا ما لذلك اقتربت منه ثم قالت :

خيوط القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن