قد يحيا المرء طوال حياته بسعادة وتختفي سعادته تلك حينما يدرك أنه قام بخذلان قلب قد احبهُ، مرت الأيام تباعًا وقد عرفت يسر بما حدث لنرجس بعدما اخبرتها منى عبر مكالمة هاتفية فشعرت بالسعادة والنصر لأن برائتها قد اُثبتت دون محاولة منها لفعل ذلك، فقط الدعوات! والدعوات تُحقق المستحيلات لكنها ظلت لا تجيب اتصالات رحيم المتكررة فقد كانت تشعر بجرح في قلبها لم يندمل بعد، جلست يُسر وحدها في المنزل بعدما ذهب الجميع لقضاء بعض الأمور وفضّلت هي البقاء وحدها في المنزل للحصول على بعض الهدوء وخصيصًا حينما اقترح كريم ان يصطحب رؤى برفقتهم فلم تمانع يُسر، كانت تحتسي قهوتها وهي تشاهد إحدى الأفلام القديمة بالأبيض والأسود وتبتسم حتى طُرق الباب فزفرت بضيق لمقاطعة خلوتها وظنتهم قد عادوا ولكنها على الرغم من ذلك نهضت ووضعت وشاحها فوق رأسها وذهبت لتفتح الباب فتعجبت حين فتحته ثم قالت :-رحيم؟!
-ما انتي مش بتردي قولت اجيلك لحد عندك
-بس مفيش حد في البيت مش هقدر ادخلك
-هو ايه اللي مفيش حد في البيت، نسيتي ان انا جوزك؟، وبعدين ده الف بركة إن مفيش حد في البيت وخصوصا كريم ابن اختك!
-اهو كريم ده بالذات لو عرف اني دخلتك وهو مش موجود هيمو.تني، بس ولا بنخاف يعني اتفضلتنحت يسر جانبًا فأقبل رحيم على الداخل واغلقت هي الباب بعدما تنهدت، جلس رحيم على الاريكة بينما ظلت هي واقفة عاقدة يداها تتأمله، نظر هو نحو قهوتها ثم سأل :
-قهوتك دي؟
-قولتلك محدش في البيت هتكون لمين غيري مثلا؟
-امال رؤى فين؟، انا جاي عشان اشوفها عشان هي وحشتني اويرفعت يسر كلتي حاجبيها فإبتسم وهو ينظر إلى عينيها ثم تابع :
-اوي اوي!
وعلى الرغم من انها كانت تدرك تمامًا أن حديثه موجهًا إليها إلا انها قالت بإقتضاب :
-رؤى مش في البيت ولو انت فعلا جاي عشان...
قاطعها رحيم بعدما نهض قائلًا :
-انا جاي عشانك انتي
اشاحت يسر بوجهها بعيدًا عنه وهي لاتزال عاقدة ليديها فدنا رحيم منها ثم وضع يداه على ذراعاها وقال بحنين :
-عشان انتي حقيقي وحشتيني
-لو كنت وحشتك مكنتش سبتني كل ده
-يا يسر انتي اللي مش بتردي عليا اصلا!
-من قبلها يارحيم من قبلها، تجاهلك ليا هو اللي خلاني اسيب البيت اصلا
-وبعترفلك اني غلطان وجاي عشان اتأسفلك كمان، حقك عليا انا غلطان، ده انا خدت حتة قلم من الدنيا علمني مثقش في حد طول حياتي بس استثنيتك انتي عشان بحبكنظرت يسر إليه فإلتقت عيناهما فحينها ابتسم رحيم ثم قال :
-ايوا بحبك يا يسر عشان انتي الوحيدة اللي بحس معاها اني على طبيعتي ومش محتاج ابذل مجهود عشان تفهميني، يمكن معبرتش عن حبي ليكي بطريقة كافية قبل كدا بس اديني دلوقتي بقولك اني حقيقي بحبك ومش عايز اعيش من غيرك، تعرفي يا يسر انا يمكن ربنا حرمني من اني اكون اب بس رزقني بـ رؤى عشان تكون بنتي وانا مش مستعد اخسر بنتي ولا اخسرك انتي كمان