الفصل الاول

559 22 5
                                    

احيتنى رصاصة من سلسلة لا تخافوا ولكن احذروا
الفصل الأول
يقود سيارته يشعر بالاختناق، يحل ربطة عنقه، ناظرا أمامه وماحدث منذ دقائق يتردد صداه بإذناه.
_مش عايزين منك حاجه الله الغنى عنك وعن فلوسك وزى ما ربيتك ووصلتك للى انت فيه دلوقتى قادر يقوينى واوصل اخوك هو كمان.
ضرب على المقود بيده: اخوك اخوك اخوك ، بتعب واشقى وفى الاخر وحش مهما اعمل مش مشكور وهو ال عمره متعب ولا اتذل ولا شاف ال شفته ملاك ما بيغلطش.
ااااااخ ااااخ اجيبها من فين ولا من فين ولا الهانم ال عايزة تقطرسنى  مش كفاية مستحملها وراضى بيها بمنظرها ده لا كمان مش عاجبها، اوف انا تعبت بجد.
صدح صوت هاتفه، بالبداية لم يهتم فهو بحال لا تسمح له بالحديث ومع استمرار الرنين اخرجه من جيب بدلته بضيق حتى قرأ الاسم على الشاشة ليتنهد بعمق ناظرا له يغمض عينيه لبرهه وهو يستكين براحه تتغلل إلى اعماقه كلما أتى ذكرها.
_نسرين.
طريقته فى نطق اسمها أكدت لها حدسها، لتسأله بلهفة: طارق، انت كويس؟
_كويس علشان انتى فى حياتى يا نسرين.
_اجابته بتهرب من تلك النبرة الدافئة بصوته: طارق حصل ايه؟ اوعى تكون عملت مشكلة؟
_هى تستلقى وعدها من ال جاى بقا، انا تعمل معايا كده؟!
نسرين بتعقل: طارق ماتنساش انها أم أولادك.
طارق: وتفتكرى ان بعد ال شفته وسمعته هأمن ليها ولا عليهم معاها.
نسرين: انا عارفة انه صعب بس.
طارق: من غير بس يا نسرين دى وحده خاينة غدارة بس ال قاهرنى بجد هى أمى مكنتش اتخيل أنها مش شيفاني غير مكنه فلوس قدامها اول ما قفلت طلعت كل ال جواها وهى بتتكأ على كلمة تقدر توجع بيها قلبى وتبينى ظالم قدام نفسى، كان عندك حق انا كنت أعمى أعمى.
قالها بصراخ وغضب منهم ومن نفسه.
نسرين: طارق متعملش كده فى نفسك يا حبيبى.
طارق وقد أخترقت الكلمة قلبه قبل أذنه: انتى قولتى ايه؟
نسرين بلجلجله: انا اسفة مش عارفة هى طلعت منى ازاى!
طارق: ليه يا نسرين بعد ما تديني امل ترجعى تاخديه تانى منى، انتى قولتى ال قلبك مش قادر يخبيه.
نسرين: بس ده مش من حقى.
طارق: لو فى حد فى الدنيا دى ليه حق فيا فهو انتى يا نسرين.
صمتت لثوانى مرت عليه كدهر ليعقد حاجبيه هامسا باسمها بقلق: نسرين.
"بحبك"
شهقة بقلبه ابتلعها وهو يستمع إلى اعترافها الصريح بحبه وقد اتسعت عيناه غيرمصدق : قوليها تأنى.
نسرين: بحبك مبقتش قادرة اخبى وانا شيفاك تعبان فى حياتك بالشكل ده.
طارق وقد أوقف سيارته فجاءة لتصدر صوت احتكاك عالى على الارض اسفلها.
نسرين بخوف: طارق طارق انت كويس؟! ايه الصوت ده؟
طارق وهو يحرك السيارة فى الاتجاه الاخر بعدما نظر بالمرأة: انا جايلك يا نسرين.
نسرين: جاى؟! دلوقت انت عارف الساعة كم؟
طارق: عايز اسمعها منك تانى وتالت ورابع وانتى قدام عينى.
نسرين: الوقت أتأخر وانت عارف انى ست عايشة لوحدى وكلام الناس وبعدين انا وانت لوحدنا مينفعش خليها بكرة فى المكتب .
طارق: مش هقدر اصبر لبكرة انتى مش عارفة انتى عملتى فيا ايه، ولو على كلام الناس فأنا قادر أوقف اى حد عند حده ومن انهاردة انتى تخصينى والليلة دى مش هتعدى غير وانتى على اسمى كفاية بقا انا عايز ارتاح فى حياتى.
نسرين: وانا مستنياك.
أغلقت معه وهى تبتسم ليصدح جرس الباب، تذهب لفتحه وهى تعلم هوية الطارق سلفا..
بينما هو اسرع بسيارته يسابق الريح لا يطيق صبرا على الوصول لها شاردا بها متذكرا اول مرة رأءها بالجامعة، فتاة جميلة جدا من عائلة مرموقة حلم كل شاب بدفعته حتى هو، لم يجرؤ يوما على الوقوف أمامها والتحدث لها بالرغم من رغبته وكيف يفعل بملابسه البالية ذات الألوان الباهته نظاراته السميكة جسده الهزيل بعكس رفقائها فلقد عرفوا باسم الصفوة بدفعتهم حتى أتى يوم كاد قلبه يقف وهو يراها تفف أمامه لا يفصلها عنه سوى خطوتين فقط ليبلع ريقه بصعوبة يفرك باصبعه عيناه من تحت نظاراته الطبيه لعله يحلم.
نسرين: هاى!
طارق يلتف حوله حتى أشار على نفسه بمعنى انا.
هزت رأسها وابتسامه ساحرة ارتسمت على وجها اثرته كليا: بتهيألي مفيش حد غيرك قدامى ولا ايه.
هز رأسه مرة بنعم وأخرى بلا لتضحك عليه عاليا ليهوى قلبه بين قدميه.
نسرين: مش انت برضه طارق.
هز رأسه بالايجاب سريعا وقد فقد قدرته على الحديث.
اقتربت منه خطوة وصل له منها شذى عطرها النفاذ تتحدث بدلال يليق عليها كثيرا: طب انا بقا عايزة منك خدمة قد كده.🤏
قالتها وهى تشير بيدها، لترفع نظرها له بتلك الأعين الخضرا اللامعة: ممكن.
خرج صوته متحشرجا: ااايه.
نسرين: اممم بس بقا انا عرفت انك شاطر اوى اوى ومافيش محاضرة بتفوتك وانا كنت مسافرة اجازة مع عيلتى ومحتاجه المحاضرات ال فاتت ممكن.
طارق وهو يهز رأسه يمد يده لها بدفتره: اتفضلى.
نسرين: مش هتأخر عليك هصور واجيبه.
فقط هز برأسه ولم ينطق لتضحك هى عليه وترحل من أمامه.
عض على شفاهه بسعادة عندما توالت اللقاءات بعد ذلك واصبحت تعتمد عليه تحدثه كثيرا تلقى عليه التحية كلما مرت من امامه، كيف كان يرى نظرات الغيرة من زملائه وقد جذب انتباه فيرجينا الفرقة إليه.
انكمشت ملامحه وتضايق عندما تذكر بعدها عنه وتجاهلها له من جديد، مرورها من أمامه وكأنها لا تعرفه.
قبض على المقود بغضب متذكرا عتابه لها عن هذا الأمر قبل أيام وهو يجلس بمقابلتها بأحد المطاعم يتناول معها طعام الغداء يسترجعان احداث الدراسة ومواقفها وما كان يحدث بها ومعهم.
" بس مقولتليش، ايه سبب انك فجأءة كده بعدتى مابقتيش تسألى ولا تدورى على المحاضرات ولا التلخيصات!'
نسرين: ياه انت لسه فاكر!
طارق وهو يرتشف من كوب العصير أمامه وعينه عليها وهى تقلب الطعام بشرود: ده انتى حتى سلام ربنا مكنتيش بتردى عليه!
نسرين بتنهيده: بلاش يا طارق.
طارق: بلاش ايه؟
نسرين: نفتح فى الماضى.
طارق: ليه؟ مش من حقى اعرف؟ اتغيرتى معايا ليه بعد ما كنت خلاص فكرت وحلمت أنى..
نسرين وهى تنظر له مشدوهه: انك ايه؟
طارق : بعدتى ليه؟
نسرين: تانى؟
طارق: لازم اعرف ، انت متعرفيش قد ايه السؤال ده تعبنى قد ايه سهرت ليالى محتار بفكر فى سبب بعدك.
نسرين بسخرية: والليالى دى نستها ولقيت حاجه تشغلك عن سبب بعدى بعد كده.
طارق بعدم فهم: مش فاهم؟
نسرين بتنهيده : طارق، انت كنت فى  نظرى الشاب الطموح المجتهد الخدوم ال بيساعد من غير مقابل عمرك ما بخلت على حد بمعلومة كنت بالنسبالى مثال للاجتهاد الالتزام الاحترام .
طارق: كنت!
نسرين: تخيل لما ده كله يتغير وتانى يوم الصبح وأنا فى الجامعه الاقى وائل جاى يقولى : تعالى بس أدى ال كنت بتتخانقى معايا علشانه وبتقولي فيه اشعار، اتفضلى ملزمة المحاضرات ب٥٠ جنية والتلخيص ب١٠٠ عامل ديل مع المكتبه ومعلقين الأسعار.
نسرين بنفى: لا طارق معقول.
وائل: كمان مش مصدقة طب روحى المكتبه وصى على نسخه اصلها بالحجز بسبب الإقبال الشديد على ابن عبد المجيد.
تنهدت وهى تعاود النظر له، تكمل بمرارة استشعرها هو الاخر: انا عارفة انه حقك وانه طلبه كتير بتعمل كده وان ظروفك وقتها تسمحلك بده بس كان برضه بالنسبالى تفكير مادى مكنتش اتخيل انك هتفكر فيه وخصوصا لما فضلت سنه كاملة بتساعدنى  انا وغيرى من غير مقابل كنت محتارة ايه ال غيرك كده؟ وال زاد وغطى لما رحت المكتبه واتأكدت من ده فعلا وانك مش مقتصر على دفعتنا بس لا ده انت حتى السنه ال بعدنا بتبيع ليهم ملخصاتك القديمه، متتخيلش صدمتى وقتها كانت ازاى؟ معقولة كنت مخدوعه فيك اوى كده؟
طارق وهو يغمض عينيه: كانت فكرة ليلى .
نسرين بنبرة ساخرة كنت شاكه من حاجه زى كده من وحده زيها ما بتهماش غير الفلوس وبس.
طارق: ليلى! لا مش هى دى طريقة تفكيرها ابدا هى اقترحت عليا كنوع من المساعده مش اكتر بدليل أنها مكنتش بتاخد حاجه من الموضوع ده.
نسرين بحده خفيفة: لسه ساذج زى ما انت سهل تنخدع فى ال قدامك، اومال مفكرتش كانت لاصقة لينا ليه انا وشلتى وبالأخص لوائل ال مستحملش طريقتها وخاف تدبسه فى حاجه بسبب وضع باباه الحساس بعد ما رمت نفسها فى حضنه فى نص الكافتيريا.
سقط الكوب من يده بصدمه وعيناه اتسعت على الأخير يردد وعقله لا يستوعب بعد: ااايه؟
وضعت يدها على فمها سريعا وقد أدركت ما تفوهت به لتحاول اصلاح مع يمكن اصلاحه بعدما انتفض من مجلسه بغضب، لتمسك بيده تحثه على الجلوس مرة أخرى: طارق اقعد اقعد اسمعنى ده كان من الماضى خلاص.
طارق: مراتى كانت بترمى نفسها فى حضن واحد تانى وتقوليلى ماضى، دى عمرها مافكرت تقولى اصلا أنها حبت قبلى لما سالتها لو كانت مرتبطة بحد قبل منى من حد من شلتكم كان ردها وقتها انهت بعدت عنكم لأنها مش شبهكم ولا زيكم وانكم بمجرد ما تاخدوا مصلحتكم من ال قدامكم بترموه فى أقرب زباله كأنه منديل مستهلك.
نسرين: وطبعا بعد ما انا بعدت انت صدقتها! وقدرت تاخدك فى صفها وتنفذ وعدها.
طارق وهو عاقد لحاجبيه: يظهر ان فى حاجات كتير انا معرفش عنها حاجه؟
نسرين وهى تفرك جبهتها بتعب: من فضلك روحنى.
طارق: لا، لازم اعرف وافهم قد ايه كنت مخدوع فى مراتى.
نسرين: ده من سنين وانتهى عيش الحاضر وايامك ال جايه وربى أولادك كل واحد وليه ماضى.
طارق: مافيش حاضر من غير ماضى واضح ولا مستقبل بيتبنى على اساس واهى، نسرين خليكى صريحه معايا واحكيلى وصدقينى انا اعقل من انى اعمل اى تصرف متهور على حاجه قديمه انا ال مضايقنى أنها مكنتش صريحة من البداية وخبت عليا مع انى سألتها اكتر من مرة وقولتلها أنى المهم عندي هى وكفاية  وقفتها جنبى والوعد ال اول مرة اسمع عنه منك دلوقت وال حتى معرفش ايه هو؟!
نسرين: هحكيلك واريحك بس خليك فاكر ان ده ماضى وانتهى خلاص وكل الأطراف ال فيه راحت لحالها وشافت حياتها بعيد عن التانية..
طارق: انا سامعك.
أخذت نفس عميق عائدة لذكريات من سنوات مضت كانت هى فتاة احلام جامعتها فيرجينا كلية الحقوق كما أطلقوا عليها ابتسمت بمرارة على تلك الأيام ودمعه وحيده تعلقت بأهدابها وهى ترفرف مرات متتالية كى لا يلاحظها متمنية بداخلها: ياليت تلك الأيام تعود ويتوقف عندها الزمن.
طارق: نسرين.
نسرين: كنا سبعه زى ما انت عارف انا فريدة رولا وائل كمال محسن وليلى وقتها بابا ليلى كان بيشتغل عند بابا فى الشركه وكانت وخده الموضوع ده حجه علشان تلزق فيا وكل ال يسألها عنى تقوله ان احنا اصحاب، ومكنتش بحب احرجها لان فعلا كنت بعتبرها صحبتى كنت بحكى معاها كل حاجه كنت بقولها عن تصريح كمال بحبه ليا وانى مش حساه وقتها هى حاولت تقنعنى بيه وان قد ايه غنى ومستوى والده الاجتماعي قولتلها انا لو هدور على مستوى فوائل أغنى وباباه منصبه مهم وبيحاول معايا من فترة وانى ببعده عشان عشان.
طارق وهو يبتلع ريقه بصعوبه : عشان ايه يا نسرين؟
نسرين وهى تخطف نظرات خاطفة له: وقتها كان فى شاب مشدودة ليه ولادبه وأخلاقه تفوقه فكان شاغل تفكيرى وقتها .
صمتت وهى تنظر إلى طبقها بحزن: وهى الوحيدة ال كانت عارفة هو مين واستغلت ده كويس اوى.
طارق وهو يمد يده يربت على يدها الموضوع على الطاولة امامها: كملى يا نسرين انا سامعك.
سحبت يدها سريعا وقد تصبغت وجنتها بخجل متابعه: لما عرفت بالى حصل بينى وبين وائل فضلت تسألني كتير ليه مش عايزاه واسبابى ايه؟ وشجعتنى على قرارى انه مينفعش يكون فى بينا حاجه انا ووائل وبعدها بقا بقت هى تقرب منه بطريقة ملفته جدا خلتنا كلنا اخدنا بالنا ووائل نفسه بدأ يضايق وبدأ صوته يعلى عليها فى مرة من المرات من كتر ضيقته منها وخنقته.
طارق وهو يستمع لها مشدوه مما تتفوه به، لتكمل حديثها: وبعد عنها وعننا عموما لحد ما فى يوم كان واقف فى الكافتيريا وهى معدية عملت نفسها مش واخده باله ووقعت عليه ورد فعل تلقائى منه يمسكها، كلنا فكرنا انها مش قاصده حتى هو، لحد ما لاحظت أنها همست بحاجه فى ودنه خلت عنيه برقت ورماها على الأرض ومشى.
طارق بجمود: عرفتى قالتله ايه؟
نسرين: اتصلت عليه لما روحت وسألته حصل ايه؟
قالى بتقولى بكل بجاحة انى وحشتها وطلب منى اوقفها عند حدها لأنها بطريقتها دى عايزة تعمله شوشرة وباباه داخل انتخابات وأنه ساكت عشانى بعد كده هو ال هيتصرف بطريقته.
أغمضت عينيها لبرهه ثم أكملت: انا اكتر وحده عارفه هو وباباه ممكن يعملو ايه؟ علشان كده بسرعه لبست هدومى ورحت عندها البيت كلمتها  قلت اقنع فيها مرة انه ماينفعش الناس دى ليها حسابات تانية القلب مالهوش علاقة بيها لدرجه انها وصلت بيا اهددها واخوفها باللى ممكن يعمله بباه او حتى هو.
وكان ردها زى القلم ال نزل على وشى بعد كده فالأول مكنتش مصدقة انها تقدر تعمل كده بس عملت.
طارق: عملت ايه؟
نسرين: قالتلى هبعده عنك زى ما بعدتينى عن وائل.
طارق ودقات قلبه تتعالى: تقصد مين؟
نسرين: مبقاش ينفع اقول مين دلوقت.
أطلقت تنهيدة حارة ثم اكملت بعدها: كنت فى اجازة مع اهلى ورجعت لقيتها سابت الشله نهائى وبقت لازقه ليك فى البداية استغربت بس بعدين قولت وايه المشكلة انا واثقة فيك وفى أخلاقك ولسه رايحه عليكم نادى وائل عليا وحكالى ال قولتلك عليه ولحد ما اتاكدت بالبداية زعلت منك اوى وال زعلني اكتر انى. ماحولتش اكتر من مرة انك تعرف سبب زعلى منك هى مرة سلمت عليا ولما مش رديت مكررتهاش وقتها زعلى كبر اكتر والفجوة كبرت اكتر وفى اخر السنه كمال اتقدم وكنت محتاجه ابعد عن كل ده فوافقت وكانت نتيجة تسرعى علاقة زوجيه فاشلة
قايمة على المصالح الأسرية مافيهاش حب او احترام انتهت بالطلاق مع أول وقعه لطرف فيها ال هو انا ولله الحمد مفيش أطفال.
ينظر لها بصمت وعيناه لا تحيد عنها بينما يعيد حديثها بداخله اكثر من مرة ، ليلى زوجته التى لا تترك فرضا ليلى حبييته زوجته ام أولاده فعلت هذا؟! لم يعهدها كاذبه ولقد سالها مرارا ولكن اجابتها ذاك اليوم بالجامعة  اثارت حيرته وقتها واليوم تثير الشك بداخله .
طارق: انسة ليلى ممكن اعرف انتى بعدتى عن الشلة دى ليه؟ لو ما يضيقيش سؤالى؟!
أخذت زفير طويل ونظرت أسفل قدمها: ممكن منتكلمش فى الموضوع ده؟ لانه حتى مايخصنيش لوحدى وفى أطراف معايا فيه ولو هتكلم يبقى لازم كله يكون عنده علم.
طارق: بعتذر لو ضايقتك انا بس مستغرب انك فجاءة بعدتى عنهم.
ليلى : بتحصل زى ما بتقول كده كلنا فترات فى حياة بعض.
نظرت له بمغزى تحاول ايصاله له ولكنه لم يفهمه وقتها ربما الان فهم معنى تلك النظرات، لتبدأ بذور الشك بالنمو عندما تذكر جملتها التالية:
فترة عايزه انساها كأنها محصلتش أشخاص مش عايزة افتكرهم لا بخير ولا بشر ممكن.
طارق وهو يهز رأسه بعدم فهم ولكن لا يجب عليه التطفل اكتر من هذا حتى لا يثير انزعاجها كما أنه بالاخير أمر لا يعنيه.
ونسرين ناظرة له ولصمته تبتسم بتوتر : عارفة انك مش مصدقني بس خليك فاكر انك انت اللي اصريت انى اتكلم وخليك فاكر ان ده كله ماضى وانى انا بتعامل معاها عادى وهى كمان.
أطلق ضحكه ساخرة صغيرة بداخله: التعامل بينهما طبيعى؟ كيف! لا تعلم بحجم الشجار الذى دار  بينهما وعلا صوتهم لأول مرة عندما علمت بقدوم نسرين إلى العمل.
نظر أمامه شاردا بذاك اليوم وقد تفرع الشك بداخله اكثر وهو يتذكر ذهولها، صدمتها ، ارتباكها وتوترها وانفعالها عليه ورفضها القاطع لعمل نسرين معه.
ذلك اليوم بمنزله وفور عودته كان يخلع عنه حذائه لتتقدم منه بابتسامه.
ليلى: جيت بدرى انهاردة.
طارق مكنش فى محكمه، بس مش هتصدقى مين جه انهاردة المكتب عندى يتدرب.
ليلى وهى تعيد ملابسه إلى الخزانة : مين؟
طارق وهو يرتدى منامته: نسرين.
تخشبت بمكانها كتمثال من شمع، وصدى الاسم يتردد داخلها، لتهمس لحالها: معقولة؟ لا اكيد تشابه مش اكتر.
وضعت ما بيدها وأغلقت الخزانه وهى تحاول رسم البسمة لتسأله: نسرين مين ؟ دى خريجة جديدة؟
طارق: خريجة جديدة ايه؟! دى نسرين الألفى، دفعتنا.
ليلى بزهول: وايه ال هيجيب نسرين الألفى تدرب عندك؟!
طارق وهو يستلقى على الفراش : الزمن أصل  ابوها فلس وجوزها طلقها واهى بدور على شغل بالمؤهل بتاعها.
صمت وهو يضع يده رأسه اسفل ذراعه يكمل حديثه بشرود: بس عارفة لسه زى ماهى ما اتغيرتش ريحه البرفان بتاعها قلبت المكتب قلب فضلت قد ساعه حتى بعد ما مشيت، لدرجه ان فى عميل جه وهو داخل سألني ايه الريحه الحلوة دى؟!
جلست على الفراش إلى جواره: وانت قولتلها ايه؟ اكيد رفضت مش كده؟
لف رأسه باتجاهها عاقدا لحاجبيه: أرفض ليه؟
ليلى باندهاش: علشان دى نسرين وهو ده مش لوحده سبب!
طارق: وهو يعتدل من جلسته، لتقابله تلك الرائحة التى تثير الدمع بعينه: ايه ده بصل؟
تأملها عن كثب: وايه الجلبية المتبهدلة دى!
ليلى بلجلجلة وهى تقف من جواره تبتعد عنه خطوات بحرج ، تعلم حساسية عينه تجاهه: وانا اعرف منين انك هترجع بدرى كنت غيرت هدومى.
طارق ببعض السخرية: ويعني لو كنتى عارفة كان هيتغير؟ انتى من وقت الولادة التانية وانتى اهملتى نفسك واهملتينى يا ليلى.
ليلى ببعض السخرية: اهملتك !! والدة قيصري مكملتش شهر وبعملك المحشى ال بتحبه وكان نفسك فيه وتقولى اهملتك!
انا اه اهملت نفسى ما انكرش بس ده ليه؟ ها! بنتى عندها سنتين ووالدة توأم عمرهم  ايام مش مخلين عندى وقت ابص فى المراية حتى.
طارق بحده خفيفة: يبقى خليكى فى المطبخ والعيال وما تشغليش نفسك بشغل المكتب.
ليلى:  بس برضه حقى اقول مين يشتغل فيه ومين لا واهو بقولك نسرين لا يا طارق الإ نسرين.
طارق: افهمى دى وحده ليها علاقات كتير ومعارف والدها يعنى هتخدمنا ووجودها هيكون مكسب لينا.
ليلى: وعلاقات والدها ومعارفاها دى ما نفعتهاش ليه ولاقتلها شغلانه فى حته من مستواها.
طارق : خلى بالك انك كده غلطتى فيا.
ليلى: انا مقصدتش ال وصلك انا اقصد .
طارق: انا فاهم كويس قصدك بس لعلمك بقا انا دلوقتى بقيت بتطلب بالاسم من ناس ليها وضعها واسمى ومكتبى بقا معروف وليه اسمه.
ليلى: مكتبك شغلك كل حاجه انت انت وانا فيت فى ده كله.
طارق: انتى بتجرى شكل وخلاص ما انتى معززة مكرمه بتربى اولادك وكل طلباتك مجابه فى ايه؟
ليلى: نسرين لا يا طارق.
طارق: انا مش عارف ايه مشكلتك معاها حقيقى دى حتى كانت صحبتك.
ليلى: عمرها ما كانت، صدقنى فى حاجات كتير انت متعرفهاش ويظهر انى غلطت لما خبيتها عنك.
طارق: حاجات ايه؟
صدح صوت هاتفه بالغرفه ، يحث عنه بعينيه ،جلبه من على الفراش لينظر لذلك الرقم يجيب: الو؟
_اه اهلا ، اكيد ثوانى.
نظر لزوجته هامسا وهو يكتم صوت المكالمة: دى نسرين ، عايزة تكلمك تسلم عليكى.
ليلى وهى توشك على الانفجار: هى لحقت تاخد رقم تليفونك.
طارق باستغراب: مش هتشتغل عندى، هتكلميها ولا.
ليلى: لا.
طارق وهو يكمل المحادثة: سورى يا نسرين مشغولة مع اسيل فى الحمام اول ما هتخلص هتكلمك، سلام.
طارق وهو يخرج من الغرفة بعد أغلاقه للهاتف: براحتك انا طالع لامى وسيبهالك مخضرة يكش لما ارجع تكونى غيرتى الجلبية واتصرفتى فى  ريحة البصل دى.
تنهد بعنف عائدا من تفكيره ألاف الأفكار تطارده الشك يقتله بحق وهو يربط كل تلك الاطراف سويا وجزء بداخله يرفض تلك الادعاءات، ليعمل عقل كمحقق يستجوبه ولما ستلفق لها نسرين كل تلك الامور؟!
ماذا لأجله؟!!!
ضحك ساخرا ولما عساها نسرين الالفى تحارب لأجل رجل متزوج وهى الامنية لكثير من رجال الأعمال يرى نظرات الاعجاب بأعينيهم تحليقهم حولها اليوم بالحفل خير دليل وعلى ذكر الحفل اخذ يضرب على المقود بيده.
ومشهد زوجته وهى بين ذراعى ذاك الوائل يغلى الدماء بعروقه كان يمكنه التماس العذر لها لربما تعثرت قدماها وهى تسير بتلك العصبية بعد حديثها معه ولكن جملة وائل لها التى لم تصل له واضحه  وردها هى عليه جعله كأعمى لم يدرى بحاله وهو يلكمه بوجهه ونسرين تفض بينهما آمره اياه بالرحيل هو وزوجته حتى لا يلفتا الانظار وتصبح فضيحة تتصدر الأخبار باليوم التالى مع وجود هذا الكم من الصحافيين بالحفل.
توعد لها بداخله سيكون الطلاق امنية ورحمة منه لها لن تنالها.
بينما بمكان آخر بعدها اطمئنت على أولادها وخلودهم للنوم بخطى ثابته ووجهه خالى من التعابير دلف إلى غرفتها ، جلست على حافة الفراش بهدوء تام تنزع عنها غطاء رأسها وعقلها شارد فيما حدث منذ سويعات ينبأها بأن نسرين كانت فقط البداية لعودة الماضي إلى حياتها.
"وائل"
هكذا همست بعدما رفعت راسها لصاحب تلك الذراعين المحيطة بها..
"تصدقى طارق ده طلع بيفهم وعمل ال كان المفروض أنا اعمله من زمان"
"مش وقته ولا مكانه الكلام ده، دى حاجه...
شهقتت بخوف وهى تستمع لصوته الغاضب يخرجها من بين ذراعى الماثل امامها بقوه تداهى قوة تشبث الأخر بها.
"اومال امتى يا هانم فى اوضة نومى؟!"
خرجت من صدمتها وهى تحاول امساك يده تمنعه عنه ليهدر بها: ايه خايفة على حبيب القلب؟! ولا وحشك حضنه!
عادت من شرودها مغمضة العينين بألم اثر تلك الطعنة التى سددت بمنتصف قلبها وسؤال واحد يتردد صداه حولها ترى هل أخطأت عندما أغلقت صفحة الماضى قبل ان تنهيها معه؟ طريقة حديثه غضبه تعليقه يبدو انه يعلم الكثير عن ذاك الماضى ، هل سيصدقها إذا ما تحدثت الان؟
تلك النظرات المسلطة عليها وهى ترحل برفقته ساحبا اياها جعلت الشرر يتصاعد من عينيها لتقرر اثناء كرامتها كأنثى جانبا والمحاربة لأجل عالمها الذى عملت على تشيده طوال تلك الأعوام.

أاحيتنى رصاصة من سلسلة لا تخافوا ولكن احذروا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن