خمسة عشر: ضحية الغيرة.

829 80 47
                                    


_

٢٠٢٣.٩.١٨
_

الجلوس مع أحد إخوتي على ذات الأريكة و التحدث بأريحية هو شيء لم أفعله يومًا، و لم أتخيل نفسي أفعله حتى.

لذا، الأمر كان شديدة الغرابة و لم أستطع حتى تحريك جسدي إنشًا واحدًا، أحاول التفكير في مليون سبب قد يجعل كارم يظهر فجأة أمامي مع هدية و باقة زهور وردية جميلة مع إبتسامة لطيفة.

المشكلة الكبرى هنا اننا نجلس على الأريكة منذ ما يقارب الربع ساعة دون أن ينطق أحدنا بشيء!

«كيف حالك؟» سأل فجأة يستفتح حديثه بسؤالي عن حالي، لذا اجبته أحاول إبعاد التوتر و التصرف بطبيعية: «بخير.» و كان جوابًا مختصرًا جدًا جعله يعبس.

«جيد، كيف هي الجامعة معكِ؟ كونتِ صداقات؟ كيف هو جيمي؟ هل كبر جيدًا؟ بالمناسبة مبارك لكِ تخرجكِ من الثانوية، هل تبلين جيدًا في حياتكِ؟» الكثير من الأسئلة التي جعلت عقلي يتوقف عن العمل.

هذا ليس كارم بالتأكيد، كارم لا يهتم لأي من هذه الأشياء.

لم أجبه، بل إلتزمت الصمت أنظر له بجمود علّه يدرك أننا لسنا أشقاء، لا يمكن حتى تسميتنا أشخاصًا مرتبطين بالدم.

حاوطت يدي قبضة يدي الأخرى أخفي إرتجافي، المال، الهدية، الابتسامة، و التظاهر بالإهتمام… جعلني أشعر بالرعب. و هذا بالتأكيد ليس طبيعيًا.

«كارم، ما سبب إيداعك لذلك المبلغ الكبير في حسابي البنكي؟» أخرج الأخير تنهيدة متعبة بعد سؤالي، كأنني فتحت مواجع حياته كلها. «أعرف أنكِ لا تثقين بي، و لكن ما سأقوله الآن حقيقي.»

اومأت بصمت أراقب شدّه على طرف سترته بينما ينظر إلى نقطة عمياء، أخذ نفسًا عميقًا قبل أن ينطق: «بدايةً، بعد أن غادرت المنزل ذهبت لاستئناف دراستي في مدينة نيويورك، درست هناك و حصلت على وظيفة، و قد كنت أدّخر مالا من الإرث مسبقًا. لكنني كلما حاولت وضع مبلغ معين على شيء أريد شراءه يراودني شعور سيء، شعور سيء بشأنكِ.» إنقبض قلبي بألم و تحولت ملامحي إلى عبوس.

إنها الشفقة.

«إسمعي جيدًا كاثرين، أعلم أنكِ تكرهينني، بل تكرهين كل شخص منا، و أنا لا أهتم بالآخريّن على كل حال… لكن هل يمكنكِ منحي فرصة أخرى؟»

فرصة؟ أليس الأمر متأخرًا لطلب فرص أخرى؟

«أعرف أن هذا صعب، أنتِ قاسيتِ في منزلنا عنفًا و تنمرًا و تمييزًا واضحًا و حتى أسفي لن يشفع لما عانيته. أتفهم أنكِ تريدين عدم رؤيتنا مجددًا، أتفهم أنك تتمنين قطع صلتكِ بنا نهائيًا، لكن لمرة واحدة فقط… هل لكِ بإعطائي فرصة لسرد القصة عليكِ؟»

كاثرين || Cathren حيث تعيش القصص. اكتشف الآن