سبعة: اعتراف.

1.1K 106 37
                                    


وضعت يدي في جيب معطفي انظر ناحية السناجب التي تقفز بحيوية هنا و هناك، احسدها على هذه الطاقة التي تمتلكها حقًا فأنا نهضت من مكاني بشق الأنفس. 

ها أنا هنا، وسط الحديقة الجانبية للمبنى انتظر حضور بييترو لكي أرى ما يحتاج للتكلم عنه، القلق و الخوف يتملكني في حين أحاول تشتيت انتباهي في مراقبة المخلوقات الحية حولي. 

و لكن ما يلهيني عن نبض قلبي المتسارع و أنفاسي المهتاجة؟ يدي لا تكف عن الإرتجاف و لا استطيع حتى المحافظة على نظري في مكان واحد… اهو شوق؟ أهو خوف؟ أهو توتر؟ أم هل هو حب؟ هل لازلت احبه حقًا بعد كل هذه السنوات؟ الا يموت الحب ببعد المسافة كما يقال؟ لماذا لم يمت حبي و تعلقي به بعد كل هذه السنوات؟ 

اتراه كرهني؟ و هل لازال يملك و لو ذرة مشاعر من الماضي؟ 

ذكرياتنا معًا كانت لا تفارقني، صوته و النظرة في عينيه، كل شيء كان ثابتًا متمسكًا لا يريد الزوال، و عندما اعتقدت أنني لن أراه ابدًا ها أنا الآن في انتظاره كي يسرد ما يبتغي. 

بييترو كان دومًا الشخص المراعي، المتفائل، من لا يحلو الجلوس الا معه، حبه للجميع و تقديره لهم، كل ذلك كان يجعلني أقع له في كل مرة ترمش فيها عيناه، حين يغمض ذلك الجفن فيغطي البُّن داخله، و حين يفتحها فتغرق في قهوة الصباح الحلوة. 

تسعة عشر عامًا، كان حبي الوحيد فيها، لم احب قبله و لا بعده، و لم أفكر في ذلك حتى، كونه كسر كل حاجز و كل جدار و أمسك يدي ليغمرني حبه حتى الغرق، ايقال ان الحب افعال؟ اذا هو فعل اكثر مما يمكن أن يقال عنه حب افعال. 

سألتُ نفسي كثيرًا، هل أبالغ في تقدير حبه لي؟ هل كنت يائسة جدًا في تلك السنوات لدرجة أنني قدست اليد التي مدت لي في ظلامي؟ هل كان حبه عاديًا لكني أراه مضاعفًا؟ الحب اعمى، فهل العمى عن عيوب الحبيب ام عن حبه؟ 

ما اعرفه حقًا أنني صفعت اليد التي مدت لي بقسوة بعد نجاتي من الهاوية، و غادرت المكان بقلب أبى الانصياع لافكاري، لازال بييترو يمتلك الجزء الأكبر من قلبي، و ربما كل قلبي، حين تظهر صورته في مخيلتي ينبض بجنون، و لو كانت النظرات تطلق قلوبًا لكان الآن يجلس فوق جبلٍ منها. 

اعرف انه سينتهي بي الأمر بقلب عائدٍ بخيبة، مليء بالكسور المؤلمة و الجروح النازفة، اعرف ذلك. لكن ما باليد حيلة، القيد الذي يلفه حولي متين لا يمكن قطعه، فكيف أتخلص من قيود حبه أن كنت ضعيفة لا تقوى على وِزر حبها؟ 

مررت يدي على شعري اعيده للخلف أطلق نفسًا ثقيلا، لم يعد بإمكاني تحمل هذه العواصف، إنها تشتت تركيزي و تجعلني افقد راحة بالي، لذا عليّ إيجاد حل و لو كان الثمن مشاعري، فذلك اهون من العيش في دوامة من التشتيت و الفوضى إلى أجلٍ مسمى، لستُ ممن يقدرون على التحمل، فإذا فقدت ذرة صبري قد يصل بي الأمر إلى فعل اشياء جنونية. 

كاثرين || Cathren حيث تعيش القصص. اكتشف الآن