...
حـبـلٌ طـويـلٍ مـتـدلٍ من عـلى جـدار الـقلعـة الصـخري ، هـذا ما كـانت تحتاجـه فـيوليـت حـتى تـتمكـن مـن الوصـول إلـى الـأشجـار الخـلفية لـلقلـعة دون أن تلـفت نـظر أحـد من الجـنود أو الـخدم ، ظلـت متشـبثة بـه مـثل ورقـة الشـجر فـي فصـل الخـريف ، حـتى لامسـت قدمـاها الـأرض ووصلـت إلى بـر الـأمان ، نـظرت يميـنا و يسارا تتفـقد هـل مـن ناظـرين إلـيها ، فلـم تجد أحداً ، تنفست الصعداء ثم خطت بضع خطـوات نحو مبتـغاها ...
" و كـأن هذا الثـقب هنا وضـع من أجـلي ، لذلـك لن أضـيع أي فرصـة تأتـيني بعـد الـآن "وضـعت ركـبتيها على الـأرض مستـطلعتا الـأجواء في الخـارج ، كانت هـادئة و كـأنها تمـهد لـخروجها من قلـعة أبـيها أو بالـأحرى سجـنها ...
إسـتلقت على الـأرض و بدأت تزحف نحو الثقب الصغير في الجدار ، مثل ثعبان متسلل داخل إحدى مخابـئه ، و خصرها النـحيل ساعدها كثـيرا ، تجاوز جـزءها العلوي الفجوة و بقيت قدماها ، إسـتلتـهما بـسهولة و نهـضت مباشرة للتحـقق من الـأجواء مجـددا ... لحـسن حظـها م لم تـجد أحدا ، فإنـطلـقت راكـضة نحو الغابة الـقريبة منها ، كالـخيل الـبرية في الطبيـعة الخـضراء ...
.
.
.بـخـطوات متـثاقـلة كانت فيـولـيت تتـخطي الـاغصان و أعشـاب الـغابة التي تـدخلها لـأول مـرة و عيناها مركزتـان في الـأعلى و هي تـنظر إلى طول الـأشجار التي تـكاد تـغطي ضوء الـشمس في وسط الـنهار ، أكـملت سـيرها في وسط الـغابة عـلَّها تـجد شـيئا آخر عـدا الـأشجار ، طال السير و لم تجد نـهاية الغابة التي عـلقت بـها .
" هـل ضعت حقا ؟! لا لا مسـتحـيل هذا ... سـأذهب يـمينا إذن "
غـيرت طريق سـيرها متـجهة إلى الجـهة اليـمنى ، لـكن أذنها سـمعت صـوتا من فـوق الـأشجار الـعالية ، رفـعت رأسها بـهدوء و قد بـدأ الـخوف يتـسـسل إليـها ، لكنـه سرعان ما ذهب عنها أن رأت مجـموعة عصـافير ترفـرف فـوقها خـارجة من الـغابة منـطلـقة إلـى عنـان السـماء ،
"إذن أنتـم هـنا ... لا داعي للقـلق فـيوليـت لا يـوجد مايـخيفـك هـنا "خطت خطوتـها الـأولى لتكمل سيرها ، لكنها لم ترى حـفرة أمامها ، فوقـعت بداخـلها ...
بضع ثـوان لتسـتوعب ما حدث لها ، أجل إنها الآن وسط هذه الحفرة العميـقة في وسط الغابة ، و لديـها جرح يـنزف في يدها أيضا ، لقد زادت الأمـور تعقـيدا ، وبدت فيـولـيت لاتـعرف ماذا تفـعل ، وتـضاربت الأسـئلة في عـقلها هل كان خروجها من القلعة خاطـئا ؟ هل كان كـلام والدتها صحيحا ؟ عدا عن الـتفكير في الـماضي كيف ستـخرج الآن ؟ هل ستـغيـب الشـمس و هـي في هـذه الحفـرة ؟ كل هذه الـأفكار و الـأسئلة تضاربت في عقلها و بدأت الدموع تسـتعد للهـبوط على وجـنتيها المحـمرتين لكن توقـف كل هذا عنـدما سمعت صـوت وطء أقدام يقترب منها ، زحفت إلى زاوية الحفرة و ٱنكـمشت على نفسها و ظلت عيناها متشـبثـتـيـن ب فـتحة الحفرة ...
...إلى أن أطل عليها شاب يقارب عمره العـشرين ، وجهـه ناصع البياض و صاف إلا من بعض حبات النمش التي رسمت تحت عينيه و بعـضها على أنفه ، نظر إليها مطـولا ولم يقل شيئا ، أما هي فلم تستطع حبس خوفها أكثر و تسللت الدموع من عينيها الحادتـي الشـكل إلى خـذوذها المنـتفخة ، لكنـها عندما رأتـه دبَّ في قلبها نوع من الـإطمـئنان تجاهه ...
.
.
.
ظل الشاب يحدق بها و هي تبكي دون صوت ، وأخيرا قرر التحدث و نطق قائلا :
"و تـبكي أيضا ..."
أنت تقرأ
𝐁𝐞𝐡𝐢𝐧𝐝 𝐭𝐡𝐞 𝐰𝐚𝐥𝐥𝐬 _ خـلـف الـأســوار
Historical Fictionلآ يُـمْكـِنُ مـُقٓارٓنـٓةُ آلٓامِ آلِانْفِـصَالِ بـِفَرَحِ لـَمِّ آلـشَّـمْـلِ