31
ما إن دخل حتَّى نهشته العيون المحتارة، فضوليَّة، تبحث عن أجوبة: غيابه، تخلُّفه عن الصَّليب، مظهره المرتبك، ذقنه النابتة، النَّظرة الَّتي تعلو عينيه الآن.
وما إن وصل إلى مكتبه حتَّى أمر أن ينقل النَّزيل إلى "الحفرة" الآن وبدقائق لا تتجاوز العشر، تُجمع عدَّة الغرفة كذلك. وبينما هو يلملم أنفاسه ويستحضر ماذا سيفعل؛ بدأت خليَّة النَّحل في الاقبية تعمل. نُقِل النَّزيل، جُرِّد من ثيابه ولُفَّ بحبل على كامل جسده كما القماط، وعُلِّق من خطّاف ناتئ من السَّطح، من قدميه مقلوبًا تدلَّى الى الأرض، يتعامد رأسه في فتحة مقعد الفضلات، صارت الفتحة المقعَّرة مثل إناء يتوسَّط فيه الرأس...
وإذا انقضت تلك الدَّقائق نزل مسرعًا وهو يضغط على معدن يبرز من تحت حزامه. وما إن فتح الباب حتَّى تجرد من ثيابه، استعاد حرارة سرت في جسده البارد، لفحته أبخرة حفرة الخراء العطنة، تلمَّس قطرات العرق الدَّبقة على جسد النزيل، مرَّر كفّه المرتعشة على اللَّحم اللَّدن، المتعرِّق. وصل إلى العضو الغائر الَّذي شوَّهه قبل ثلاثة ايام؛ دعكه بإصبعه، ثُمَّ مرَّة أخرى، اهتزَّت تلك اللَّحمة، انتفضت حيَّة، طريَّة، مثل أفعى تخرج من الجحر على وقع المزمار، شيئًا بعد شيء انتصب العضو امامه مثل سهم. نار توقَّدت في صدر الرئيس، وسرت هزَّة مُرَّة أسفل بطنه، شعر بانتكاسته أقوى من المرَّات السَّابقة، رمح سُدِّد إلى قلبه، نحو أعماقه، وذكورته. جُنَّ جنونه، ركع على قدميه، وتقاطعت عيناه مع تلك العينين المقلوبتين. وجدهما حالمتين، مبتسمتين. زاد انهياره وجنونه، فنهض صارخًا وسحب مسدَّسه، وهناك تعالى في الأقبية المظلمة دوي رصاصة منبعثة من الزنزانة.