ʚ°ɞ

38 9 59
                                    

أَضِئ تلكَ النَّجمَة و زَخرِف بتَعليقِكَ تقدِيراً لمَجهُـوداتِـي.

أُذكُر ﷲ~


°°°

أصبح نورُ القمرِ أضعفَ فجأةً وراءَ حُزنِ هذه الليلَة، و أصبحَ لدى  مصابيحِ الثُّريةِ الكبيرَة في شقةِ دانيَال  وطأ خاص قد تعششَ فوقَ بشرةِ الشابّين، ثقيلٌ و قبيحٌ أكثرَ من أي وقتٍ مضَى، خصوصا عندَما أصبحَ البيتُ يملكُ تناقضاً عجيباً مع الطقسِ البارد و المُمطر خارجاً، فقَد أصبحَ أكثرَ حرارَة و دفئاً جعلَ من  المشاعرِ التي داهمَت دانيَال أشدّ بشاعةً بينَما يُراقبُ بُكاءَ ڤِيلان الذي لَم يكُن بصامِت، قلقٌ ينهشُ عنينـَه و ما تصدحُ هيَ عن الصمتِ و عدَم قولِ شيءٍ يُطمئنهُ حتى، فقَط تُسقط عبراتٍ حارّة و تُخرج شهقاتٍ أشدّ حرارة.

لكنّه ما نبسَ بحرفٍ، وما سألَ بعدَها أبداً، بَل تركَ لها الوقتَ لتُخرجَ كل ما تحتاجُ إخراجَه بدون إثقالِ كاهِلها بأسئلةٍ قَلقة، و لأنّه أحسَ بأنهُ ليسٕ عليهِ السُّؤال فهوَ يبقَى في الأولِ و الأخيرِ مجرّد شخصٍ غريب، مع أنهُ كرهَ هذه الفِكرة، لكنهُ ٱلتزمَ بها بعِناد،  و ٱستمرّ فحَسب بالتحديقِ بوجهِها المِحتقن و أنفِها المِحمرّ بملامحَ قلقةً لَم يستَطِع كبحَها، و لعلَّ قلبه قَد توقفَ عن الخفقِ بقوّة عندما سمعَ كلماتَها الكَتومةَ أخيراً تُخرجها ببحةٍ مُؤلمة.

"آسفَة،... لكِن جدّتِي... لقَد أخبرُونِي أن جدّتِي قَد توفّت"

أحسّ دانيال بوخزةٍ مُؤلمة في قلبهِ تماماً، عندما أتبَعَت ڤِيلان جُملتها شهقاتٍ أقوى مّتتالية، بينما تُحاول التماسُك، كان ذلك آخر ما توقّع أن يسمَعه، بالرغمِ من أنهُ كان يعلمّ أنه هنالك خطباً كبيراً بهذه الليلةِ المليئةِ بالحّزن و الكثير مِنه، ليلةٌ بدت كوحشٍ يهاجمّهم بعد أن نعموا بالسّلام  أخيراً، أحسّ ان لابدّ له من مّواساتها، لكنه لم يعلم كيفَ يَستطيع فعل ذلِك، كان ذلك مّؤلماً له للغاية، رّؤيتها بذلك الشّكل، متى استطاعَت ان تجعلهُ عاجزاً عن التحكُّمِ بأفعاله و افكارهِ و مشاعِره؟، كيفٕ يعجَزُ عن الكلام و النطقِ بكلمـَةٍ واحدة أمامَ وجهها البَريئ الباكِي هذا؟، كان ذلك سهلاَ عليهِ في السابق، لكنه الانَ فقط لا يستطيع ان يجد كلاماَ مُناسباً لموقِفه، و لكي يجعلها أقلّ حُزناً، لكنه حتماً يعرف انه يّريد ذلك، لا يرغبّ بأن يراها هكذا.

و في لحظةٍ ما، و عندما انتهَت كلُ كلماتِ العالم من عقلهِ و لسَانه، أفرجَ جسدُه عن حركةٍ عفويةٍ منه، يقتربُ فيضعَ كفهِ خلف شعرها ثم يدفِنُها في صَدره، يجعلها تَبكي و تنتحِب أكثر فأكثر، تجمّدت أطرافُه عندما أحسّ بدّموعها تُبللُ قميصَه الصوفيّ الدافِئ، و أحس بحرارةِ جسدهِ تزدادُ عندما أدرك أنه يُعانقها و هي تَبكي في حُضنِه، كان الدفئ الذي أحس به كِليهُما في تلك اللحظة عظيماً، عظيما جداً، لدرجة أنهُما شَعرا بجسـَديهِما يذوبانِ في ملابِسهما، و هما لا يعِيانِ لا الوقتَ ولا المكان، فقط بتَمسيدات حنُونة من يديه على شعرِها الأشقَر و ظهرها، و تشبّتِها به كغريقٍ يتشبتُ في طوق نجاته.

ثّـلـجٌ ذَائِــب. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن