ʚ°ɞ

28 8 39
                                    

أضِئ تلكَ النَّجمَة و زَخرِف بتَعليقِكَ تقدِيراً لمَجهُـوداتِـي.

أُذكُر ﷲ~


°°°

يُسندُ دانيَـالْ بظهرهِ بخفّة على خاصةِ الكُرسي، يُعلقُ ذراعهُ اليُسرَى بمِقودِ سيّارتهِ ينقرُ عليهِ بسبّابَته، و يسندُ رأسهُ على الأُخرى مُحدّقا بتّركيزَ بالطّريقِ مقابِله.

اليومُ كانَ يومَ إجازتِه المُعتادَة،  و لطالَما ٱمتلكَ مزاجاً جيداً فيهِ كلّ أسبُوع كما اليومَ، و مازادَهُ تحسناً هوَ الجوُّ الذي بدَى أصفَى و أدفئَ بهَذا الصباحِ الساطِع كطِفلٍ سَعيد.

و عَلى خلافِ العادَة، لَم يُكن فحميُّ الخُصلاتِ الطّويلَة وحيداً بسيّارَتِه، بَل كانَ جسدُ ڤِيلاَن مرافقاً إيّـاه ظاهريّاً، و ما كانَ يبدُو أنهُ كذلكَ ذِهنيّاً، فقَد بدَت الشّقراءُ غائِبةً تَخطفُها الغيُوم التي كانَت تحدّقُ إليهَا و بِها مِن وراءِ النافذَة المَفتُوحَة، و التي كانَ يتسللُ مِنها ريحّ وَدودَةً تُداعبُها و تلعقُ خداهَا و أرنبةُ أنفِها الوَردِيّانِ كجَروٍ ألِـيف.

كانَ الفحميُّ يقودُ بهُدوءٍ و عايناهُ تختَلسانِ النظرَ لمحياهَا المُريحِ بينَ الحينَةِ و الأُخرى، و سألَ ذاتَه:
بما تُفكرُّ يا تُرى؟، و لكنّ دماغهُ علقَ في زاويةٍ مُنغلقةٍ مُحاصَرٍ مُجدداً، إذْ كيفَ يتمكنُ منَ الأجابةِ عن هَذا السؤالِ ما لَم يعلَم هُويّةَ ڤِيلاَن بَعد، مازالَ لا يعلمُ عنَها الكثيرِ و مازالَت تلكَ الهالةُ الغامضةُ تهيمُ بِها فِي عينَيه، و لعلهُ لَم يحاوِل إزالَةَ ذلك الغموضِ من قَبل، لكنهُ كانَ يكنّ بعضاً منَ الفضولِ و الٱهتمامِ في ثناياهُ صامتاً، مقرّرا أن يمنحَ للوقتِ مهمّةً تعريفِهِ مَن هيَ ڤيلاَن، الفتاةُ الأجنبيةُ و الشخصيّةُ الجديدَة المثيرَة في حياتِه.

تحَمحمَ بصوتٍ هامسٍ مُتشحرِج، يُحاولُ قتلَ الصّمتَ الذي سادَ مُذ غادرا شُقته، و الذي لا يبدُو للأُخرى أنّها ٱنزعَجت منهُ أو لاحظتهُ حتّى.

"أُختِي مَن طَلبَت و أصرّت على شِراءِ ملابسَ لكِ وكنتُ أوافِقُها، فأيامنَا باردةٌ كما تعلَمِين"

شاهدَ ٱلتِفافَتهَا ببَسمةٍ مُتوتّرةً بلا مُبرّر، و هيَ ترسمُ ملامحَ مُندهشَة رافعةً حاجبَيهَا، كأنهُ ٱنتشَلهَا من دوامةٍ و متاهَة ببُعدٍ آخَر، و كأنّها لَم تكُن تُدركُ أبداً لا زمانَها ولا مكانَها، لكنّها سُرعانَ ما جالَت بنظرَتِها المُتفاجأَةِ في صفحةِ وَجهِه، و التّي لانَت و أختفَت منهَا الدهشةُ و بقَى هدوءُها و ٱتزانُها فقَط يعتَلي محيّاها، فتحَمحَت ترطبُ حلقَها الذي كانَ ساكتاً منذُ ساعَة، و تتبسّمَ بِصدق.

ثّـلـجٌ ذَائِــب. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن